استعرض عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية مع وفد الوساطة الخاص بحل أزمة دارفور أمس مشروع وثيقة الدوحة لإحلال السلام بالإقليم، كما تشاور مع الوفد الذي ضم كلا من وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري أحمد بن عبد الله آل محمود والوسيط الأممي للسلام في دارفور جبريل باسولي حول آلية التنفيذ.
وأكد موسى أهمية هذه الوثيقة والجهود التي قامت بها لجنة الوساطة من أجل تحقيق السلام في دارفور، والوصول إلى مشروع هذه الوثيقة التي تشكل خطوة مهمة لإنهاء صفحة دموية في الإقليم، قائلا في مؤتمر صحافي مشترك مع آل محمود وباسولي: «هنأت رئيس الاتحاد الأفريقي والسيد باسولي ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطري بهذه الوثيقة، التي تشكل مبادرة طيبة وخطوة بناءة في هذا الوقت الذي يشهد اضطرابا».
من جهته، عبر آل محمود عن ارتياحه لنتائج اللقاء مع الأمين العام للجامعة العربية، لافتا إلى أن موسى قدم الدعم القوي لمسيرة الوساطة بشأن دارفور والتوصل إلى حل.
وأشار إلى أن هذه الوساطة هي بالأساس في إطار اللجنة الوزارية العربية – الأفريقية، منوها بأنه قدم مع باسولي مشروع وثيقة الدوحة لإحلال السلام الدائم في دارفور، والتي تم إقرارها من قبل أهل دارفور في مؤتمر الدوحة لأصحاب المصلحة في الإقليم الذي عقد في الفترة من 28 وحتى 31 مايو (أيار) الماضي.
واستعرض آل محمود خلال المؤتمر الصحافي الجهود والتحركات والاتصالات التي قامت بها الوساطة مع أهل دارفور، لافتا إلى أن الوثيقة تشتمل على سبعة فصول هي: المشاركة في السلطة والثروة، والمصالحة والعدالة، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، والترتيبات الأمنية والتعويضات، وعودة النازحين واللاجئين، ثم الحوار الداخلي.
وقال آل محمود إنه «تم اعتماد الوثيقة بالإجماع في مؤتمر الدوحة، كما تم عرضها على الاتحاد الأفريقي قبل يومين، ثم الجامعة العربية اليوم (أمس)، وسيتم عرضها على الأمم المتحدة بعد يومين».
وأشار إلى أن الآلية التنفيذية للوثيقة ستضم كلا من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، لافتا إلى أن أهل دارفور طلبوا أن ترأس قطر هذه الآلية والتي ستضم أيضا شركاء دوليين.
وأكد أن هذه الوثيقة ستكون لكل أهل دارفور بلا استثناء، مشيرا إلى أنه لم يعترض عليها أي من الحركات المسلحة، بما في ذلك عبد الواحد نور رئيس حركة تحرير السودان..
وقال إن الباب مفتوح للجميع للانضمام إلى الوثيقة، مضيفا أن قطار السلام بدأ في الانطلاق، وأن الحركات التي توافقت على الوثيقة ستوقع على الاتفاقيات الملحقة بها، حيث إن الوثيقة شاملة لكل أهل دارفور، موضحا أن خطة الوساطة خلال الفترة القادمة سترتكز على توجيه رسائل للحركات المسلحة والحكومة، ومن لديه جاهزية سيأتي للتوقيع على الاتفاقيات التي تنبع من هذه الوثيقة.
واستطرد أن أي حركة مسلحة تتفاوض مع الحكومة فسيكون ذلك في ضوء محددات هذه الوثيقة، وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك عوائق أمام تنفيذ الوثيقة، ومدى إلزامية بنودها، قال آل محمود: إن الوثيقة مفصلة بشكل واضح من خلال فصولها السبعة، وتم التوافق على كل بنودها وليس هناك أي خلافات تذكر إلا فيما يتعلق بالفترات الزمنية»، مشيرا بشكل خاص إلى البند المتعلق بعودة النازحين واللاجئين. وقال إن «هناك تعويضات بمبالغ كبيرة ستقدمها الحكومة السودانية للعائدين، وقد تعهدت في هذا الصدد بملياري دولار لتسهيل هذه العودة، فضلا عن التعويضات الشخصية والفردية، والالتزام باحترام الملكيات وعودة الأوضاع السابقة إلى أصحابها».
من جهته عبر باسولي عن ارتياحه للقاء مع عمرو موسى، الذي أكد أنه دعم جهود الوساطة الخاصة بدارفور سياسيا ودبلوماسيا وتقنيا. وقال: «إن هذه الوثيقة تمثل حصيلة الجهود المشتركة للجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة»، معربا عن أمله في أن يتم التوقيع في ضوء ما تتضمنه من بنود مهمة على اتفاقيات سلام بين الأطراف المتنازعة لإنهاء الصراع في الإقليم. وأبدى باسولي قناعته بأن مسؤولية تنفيذ هذه الوثيقة تقع بالدرجة الأولى على أهل دارفور، سواء الحركات المسلحة أو النازحين، إلى جانب الحكومة السودانية التي تتحمل المسؤولية الأولى في تنفيذ هذه الوثيقة.
وقال إن الهدف الأساسي في المرحلة القادمة هو العمل على إيقاف النزاعات المسلحة وتوقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار لخلق الأجواء الملائمة للتنفيذ الفعال لهذه الوثيقة، التي تحظى بالتوافق. منوها بأن أطراف الوساطة سيقدمون كل دعمهم السياسي والمالي والفني لها.
وفي سياق ذي صلة، أوفد الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية المصري كلا من مساعد الوزير لشؤون حوض النيل ومساعد وزير الخارجية لشؤون السودان إلى جوبا في زيارة استغرقت يومين.
وصرحت السفيرة منحة باخوم المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أمس بأن الزيارة استهدفت التأكيد على دعم مصر للأشقاء في الجنوب قبيل موعد إعلان قيام الدولة في التاسع من يوليو (تموز) المقبل، والتشاور حول آخر تطورات الأوضاع فيما يتعلق بالقضايا العالقة بين الشمال والجنوب، وبما في ذلك التطورات الأخيرة في أبيي. كما جاءت زيارة الوفد في إطار حرص مصر على مناشدة الطرفين وحثهما على ضبط النفس والامتناع عن أية أعمال عدائية بغية إتاحة مجال أفضل لجهود الوساطة الحالية التي تدعمها مصر.
وتناولت محادثات الوفد المصري في جوبا أيضا موضوع التعاون في مجالات المياه والري والزراعة، حيث أكد الجانب السوداني الجنوبي تفهمه الكامل لوجهة نظر مصر الداعمة للتعاون والتوافق الجماعي في شأن أية قرارات تتعلق بحوض النيل، وتقديره لترحيب مصر بانضمام جنوب السودان لمبادرة حوض النيل بعد 9 يوليو المقبل، باعتبار الجنوب جسر تواصل ودعما جديدا على مستوى دول حوض النيل.