تركيا على عتبة «قرار حاسم» في الأزمة السورية

الهلال الأحمر التركي يتأهب لاحتمال نصب 231 ألف خيمة إضافية للاجئين

وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يتفقد الحدود التركية السورية أمس (رويترز)
TT

بات من الواضح أمام جميع المراقبين أن تركيا على أبواب اتخاذ «قرار حاسم» في ما يتعلق بالأزمة السورية، في ظل توالي المؤشرات التي صدرت من قبل أكثر من طرف في الحكومة التركية.

ورغم أن الملف السوري لم يغب عن اهتمامات المسؤولين الأتراك حتى في أوج اشتعال المعركة الانتخابية، فإنه ما كادت هذه الانتخابات تنتهي، حتى اندفعت أنقرة بكل ثقلها سعيا لـ«بلورة موقف نهائي» من هذه الأزمة، بعدما بدا في بعض الأوقات أنها مترددة حيال هذا الملف الذي تقول إنه يمس أمنها القومي. فقد خصصت الحكومة التركية اجتماعها الأخير الذي عقد ليلة أول من أمس لبحث الملف السوري، وعلى الأثر، قام وزير الخارجية أحمد داود أوغلو بخطوة لافتة باستدعائه سفراء تركيا في المناطق المحيطة بسورية، بمن فيهم سفيرها في إسرائيل، بالإضافة إلى سفراء تركيا لدى الدول الكبرى المعنية بالملف السوري، وممثليها الدائمين لدى الأمم المتحدة في نيويورك ومكتب الأمم المتحدة في جنيف وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.

وسيحضر الاجتماع الذي تم تأجيله إلى اليوم هاكان فيدان مدير المخابرات تحت عنوان «مراجعة الوضع في سوريا». ورجحت مصادر تركية قيام داود أوغلو أو فيدان بزيارة «الفرصة الأخيرة» إلى سوريا للقاء الرئيس بشار الأسد مع لائحة مطالب ومجموعة «نصائح». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الزيارة قد تكون الفرصة الأخيرة أمام «قيادة الأسد للمرحلة الانتقالية بموافقة أميركية»، مشددة في المقابل على أن الوقت «ينفد سريعا».

وقالت المصادر إن من بين هذه النصائح إلى الرئيس الأسد أن «ينأى بنفسه عن المتشددين في النظام بما في ذلك شقيقه ماهر الأسد وأبناء عمومته في الجيش». ومن ضمن النصائح أيضا رفع الحظر المفروض على تشكيل الأحزاب السياسية وإلغاء المادة الـ8 من الدستور التي تنص على قيادة «البعث» للبلاد، وضمان حرية التظاهر والتعبير. محذرة من أن الأمور يمكن أن تزداد سوءا إذا تأخر الأسد في اتخاذ هذه الخطوات، ودفع المنطقة برمتها إلى مزيد من عدم الاستقرار.

وقد أوفد الرئيس السوري بشار الأسد إلى تركيا أمس مستشاره الخاص حسن التركماني الذي التقى الرئيس التركي عبد الله غل، قائلا إنه «آت للسلام»، مشيرا إلى أن «مواطنينا السوريين في تركيا ضيوف، والكل يمكنه العودة إلى بلاده في أقرب وقت ممكن بكل أمان وطمأنينة». ثم انتقل للقاء رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بهدف «تهنئته بنتائج الانتخابات» كما قال، مشيرا إلى أنه أتى «لتأكيد عمق الصداقة والأخوة بين البلدين».

وقبل مشاركة داود أوغلو في الاجتماع بين أردوغان والتركماني، زار الوزير التركي إقليم هاطاي، متفقدا اللاجئين السوريين في جنوب البلاد. وأعلن أوغلو عن تقديم الحكومة المركزية مبلغ 500 ألف دولار أميركي للمقاطعة للتمكن من خدمة اللاجئين، متحدثا عن إنجاز نحو 3 آلاف خيمة جديدة لاستقبال اللاجئين، ومشيرا إلى أن الخطط وضعت للتمكن من نصب 231 ألف خيمة عند الضرورة. وقال داود ردا على سؤال بشأن ما إذا كانت تركيا ستسمح بدخول المزيد من اللاجئين السوريين في حال تجاوز عددهم العشرة آلاف، قال داود أوغلو إنه «من غير المعقول أن نغلق أبوابنا أمام إخواننا السوريين، وقد أوضح رئيس الوزراء أردوغان هذه المسألة جيدا، فبالنسبة لنا، يتقاسم الشعبان التركي والسوري مستقبلا ومصيرا مشتركا». كما حذر داود أوغلو من أن تصعيد العنف في سوريا قد يجبر مزيدا من السوريين على مغادرة بلادهم، وقال إنه لا يمكن تفادي ذلك إلا في حال لبت الحكومة السورية مطالب شعبها.

وكان لافتا أمس أن نشرت صحيفة «حريت» مقالا موقعا من مدير مشروع الاستراتيجية العالمية ماركو فيتشينزينو، ومقرها واشنطن، دعا فيه تركيا إلى أن تقوم بمساعدة دولية بإنشاء منطقة عازلة، تمتد حتى إلى الأراضي السورية إذا لزم الأمر، لتكون بمثابة ملاذ آمن للمدنيين الأبرياء. واعتبر الكاتب أن رئيس الوزراء التركي بطيء في الأصل لإدانة العنف، ورأى أنه على تركيا وغيرها من الجهات الفاعلة الرئيسية اتخاذ قرارات استراتيجية صعبة، وأشار إلى أن أردوغان في ولايته الثالثة، يواجه تحديات هائلة التي ستشكل حتما دور تركيا كقوة إقليمية رائدة في القرن الـ21. ولم يعد ممكنا لأردوغان المضي قدما في سياسة «صفر مشكلات» مع الجيران.