الآلاف يهربون من معرة النعمان.. والجوامع تحذر السكان من اقتراب الدبابات

السلطات تدعو أهالي جسر الشغور للعودة وتزعم العثور على مقبرة جماعية ثانية للأمن في المنطقة

مؤيدون للأسد يحملون لافتة كتب عليها «بوش وأوباما وجهان لحذاء واحد» في دمشق أمس (أ.ب)
TT

فر آلاف السوريين من بلدة معرة النعمان هربا من الدبابات التي تتقدم في شمال البلاد في حملة عسكرية آخذة في الاتساع لسحق احتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد، في وقت دعت فيه السلطات أهالي بلدة جسر الشغور التي هجروها، إلى العودة لمنازلهم، لأن الجيش أنهى مهمته في المدينة.

كذلك، انتشرت الدبابات والمركبات المدرعة في مدينة دير الزور والبوكمال على الحدود مع العراق في شرق البلاد. ويغلب على المنطقة التي يأتي منها كل إنتاج سوريا من النفط ويبلغ 380 ألف برميل يوميا الطابع القبلي.

وفي معرة النعمان التي تقع على الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب ثاني أكبر مدن سوريا، نادت مكبرات الصوت في المساجد محذرة «الجيش قادم ابحثوا عن الأمان لأنفسكم ولعائلاتكم».

وقال شاهد لـ«رويترز» في اتصال هاتفي «السيارات مستمرة في الخروج من معرة النعمان في كل اتجاه. الناس يحملونها بكل شيء.. أغطية وحشايا». وقال سكان إن القوات السورية تقدمت إلى معرة النعمان بعد اعتقال مئات الأشخاص في القرى القريبة من جسر الشغور قرب الحدود التركية.

وقال التلفزيون السوري أمس إن بعض وحدات الجيش والقوى الأمنية «تتابع مهمتها بملاحقة وتعقب ما تبقى من فلول عناصر التنظيمات الإرهابية المسلحة في المناطق المحيطة بمدينة جسر الشغور وبتمكين السكان المدنيين من العودة إلى مناطقهم التي خرجوا منها». وقالت الحكومة إنه تمت استعادة الأمن في جسر الشغور بعد القتال الذي شهدته البلدة في وقت سابق من الشهر، الذي قالت دمشق إنه أدى إلى مقتل 120 من أفراد الأمن. وتدفق سكان من معرة النعمان وجسر الشغور والقرى المحيطة بهما على حلب وعلى القرى الواقعة في الصحراء إلى الشرق بينما اتجه البعض إلى تركيا المجاورة التي فر إليها بالفعل أكثر من 8500 سوري.

وكان وزير الإعلام السوري عدنان محمود أكد مساء أول من أمس «أن مجلس الوزراء وجه نداء للمواطنين في جسر الشغور للعودة إلى منازلهم التي أجبروا على مغادرتها بسبب الأحداث الأخيرة»، مؤكدا أن المجلس «كلف الهلال الأحمر العربي السوري بالاتصال مع الهلال الأحمر التركي للتعاون بهدف تسهيل عودة المواطنين السوريين إلى منازلهم».

وأشار وزير الإعلام إلى أن «المجلس كلف أيضا الجهات العامة بتأمين التجهيزات والورش الفنية لإعادة إعمار وإصلاح ما دمرته التنظيمات الإرهابية المسلحة من مؤسسات عامة وخاصة ومرافق وبنى تحتية وخدمية في مدينة جسر الشغور، حيث يجري العمل حاليا على صيانتها»، مؤكدا أن «كل الاحتياجات الأساسية من ماء وغذاء ودواء وكهرباء واتصالات متوفرة في المنطقة».

وجاء ذلك خلال «جلسة لمجلس الوزراء استمع فيها إلى شرح مفصل من وزير الدفاع العماد علي حبيب حول مجريات الأحداث في محافظة إدلب وخاصة في منطقة جسر الشغور والقرى المحيطة بها»، بحسب وزير الإعلام.

وفي دير الزور، قال شهود في المحافظة إن عدة دبابات توغلت داخل عاصمة المحافظة التي تقع على نهر الفرات بعد أن انسحبت قوات الأمن من الشوارع الأسبوع الماضي. وأضافوا أن الاحتجاجات تواصلت ووقعت مواجهة عنيفة هذا الأسبوع بين مؤيدين للأسد ومحتجين أصيب خلالها عدة أشخاص إصابات بالغة. وقال ناشط في المدينة «ثمة نمط يتكرر باستمرار في أرجاء سوريا. الحامية المحلية تغادر إلى المقر الرئيسي وتترك المدينة في محاولة لإحداث فوضى وتتسبب في فوضى ثم ترسل الدبابات والجنود لإخماد المحتجين». وتابع «من المحزن أن اختراع الرصاص المطاطي لم يصل إلى سوريا.. إن ما يطلق على المحتجين الذخيرة الحية أو لا شيء.».

وقال نشطاء حقوق إنسان إن نحو 20 دبابة وعربة مصفحة أرسلت أيضا إلى بلدة البوكمال إلى الشرق من مدينة دير الزور وهي أيضا نقطة عبور رسمية إلى العراق ولكنهم قالوا إنه لم يكن هناك جنود داخل البلدة. وتقع محافظة دير الزور على حدود وسط العراق السني وتوجد أواصر عائلية وطرق للتجارة بين الجانبين قبل إنشاء الدولتين على يد القوى الاستعمارية في عشرينات القرن الماضي.

إلى ذلك، أعلنت السلطات السورية عن اكتشاف ما سمته «مقبرة جماعية جديدة» قالت إنها تضم «جثثا لشهداء قوى الأمن والشرطة الذين قتلتهم التنظيمات الإرهابية المسلحة في جسر الشغور»، وهي المقبرة الثانية التي تقول السلطات السورية إنها اكتشفتها.

وكانت السلطات أعلنت يوم الأحد الماضي عن اكتشاف نحو 10 جثث في جسر الشغور قالت إنها تعود لرجال أمن يخدمون في المركز الأمني الذي تمت مهاجمته قبل نحو أسبوعين، وقام الجيش السوري باصطحاب نحو عشرين قناة تلفزيونية عربية وأجنبية أثناء الكشف عن المقبرة الجماعية الأولى، وأجرت بعض القنوات لقاء مع شخص يدعى أنور نافع الدوش قال إن أحد العناصر الإرهابية التي قامت بقتل هؤلاء. إلا أن ناشطين شككوا في صحة الرواية، وقالوا إن الرجل الذي قابلته وسائل الإعلام، يعاني من خلل عقلي وهو معروف لدى أبناء المنطقة. كما رد ناشط آخر على الصور التي بثها الإعلام السوري لعشر جثث قال إنه وجدها في مقبرة جماعية وبعضها مقطوع الرأس. وقال الناشط لشبكة «أوغاريت» الإخبارية المعارضة، «لم نجد قي الفيديو أي رأس مقطوع والجثث التي تم عرضها وأعلنوا أنها مدفونة منذ 10 أيام لم تظهر كذلك، فحسب رأي أطباء التشريح أن الجثة تبدأ بالتفسخ بعد نحو 48 ساعة من الموت، لكن الجثث التي ظهرت في الفيديو كانت مرنة وبلونها الطبيعي وغير متخشبة مما يدل على أنها قد دفنت قبل أقل من 10 ساعات». وأضاف «ظهر بالفيديو عملية سحب أحد الجثث من الذراعين ولو كانت هذه الجثة عائدة لشخص توفي قبل 10 أيام لكانت قد خلعت من مكانها عند عملية السحب وهذا أكبر دليل على أن هذه الجثث حديثة الوفاة».