الظواهري.. جراح «القاعدة» الجديد

ضم بن لادن للتنظيم وخلفه في قيادته

TT

لا يعد اختيار الظواهري لقيادة «القاعدة» مفاجأة للكثيرين، إذ إنه تولى دورا بارزا في قيادة التنظيم لأكثر من عشر سنوات، وكان يعتبر الذراع اليمنى لـ«بن لادن»، وحتى قبل إعلان توليه إمارة «القاعدة» رسميا، كان الظواهري يُعد هو المخطط الرئيسي والموجه الفعلي لعمليات التنظيم.

ولد الظواهري في 19 يونيو (حزيران) 1951، بمدينة كفر الدوار محافظة البحيرة بدلتا مصر، ودرس الطب وحصل على ماجستير الجراحة من جامعة أسيوط سنة 1978 ثم تابع الدراسة في باكستان ليحصل على درجة الدكتوراه من مدرسة الهدى في بيشور.

قضى أيمن الظواهري معظم حياته في قرية الرزيقات بمركز أرمنت بمحافظة الأقصر، استطاع خلال هذه الفترة نشر أفكاره، خاصة أن معظم رفاقه كانوا ينتمون للفكر السلفي، وانضم لخلية سرية تكونت سنة 1968، وتبين بعد القبض عليه في 23 أكتوبر 1981 أنه وصل إلى درجة أمير التنظيم، والمسؤول عن تجنيد الدماء الجديدة في صفوف التنظيم، وأشرف على التوجيه الفكري والثقافي لحركة الجهاد والجماعة الإسلامية في مصر، والتي لجأت إلى استخدام العنف في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.

ورغم أن الظواهري لم يكن من المشاركين في اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981، فإن السلطات المصرية اعتقلته وقتها ضمن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الإسلاميين، وبرأه القضاء من تهمة الاشتراك في قتل السادات، إلا أنه أدين بتهمة حيازة أسلحة غير مرخصة، وسجن لأربع سنوات.

وأفرج عن الظواهري سنة 1985 وسافر إلى المملكة العربية السعودية ليعمل في أحد المستشفيات ولكنه لم يستمر في عمله لفترة طويلة، حيث سافر بعد ذلك إلى باكستان ومنها لأفغانستان حيث التقى أسامة بن لادن وبقي في أفغانستان لينضم إلى المجاهدين الأفغان ضد الغزو السوفياتي، حيث كان يشارك ضمن فرق الإسعاف التي كانت تقوم بتقديم خدمات طبية للمقاتلين، حتى أوائل التسعينات حيث غادر بعدها إلى السودان ولم يعد إلى أفغانستان مرة ثانية إلا بعد أن سيطرت حركة طالبان عليها بعد منتصف التسعينيات.

وللظواهري العديد من المؤلفات منها «فرسان تحت راية النبي»، و«الحصاد المر»، و«الولاء والبراء»، و«الكتاب الأسود»، و«مصر المسلمة بين سياط الجلادين وعمالة الخائنين»، و«شفاء صدور المؤمنين»، و«التبرئة».

وبعد وفاة بن لادن توقع العديد من المحللين أن يكون الظواهري هو الزعيم الجديد للتنظيم باعتباره الرجل الثاني في التنظيم، بينما رأى آخرون أنه لا يمتلك القدرة على القيادة، بالإضافة إلى إمكانية ألا يقبل به بعض قيادات التنظيم، لأن مكانة بن لادن كانت كبيرة في نفوس أعضاء التنظيم، ويصعب معها استبداله بسهولة، كما أن الظواهري، من وجهة نظر هذا الفريق، ليس لديه موهبة القيادة والشعبية داخل التنظيم، وبخاصة بين الشباب، وبصفة عامة لا يوجد منصب رئيس أو زعيم أو أمير أو قائد في نظام «القاعدة»، لكن «القاعدة» لها إدارة.

رغم أن الظواهري كان فعليا يقود التنظيم في المرحلة الماضية، وهو الأكثر فاعلية على المستوى الميداني، بينما كان بن لادن يقوده بصورة رمزية، خاصة بعد تجميد نشاطه بسبب الإجراءات الأمنية المشددة. واعتبر البعض أن غياب بن لادن عن تنظيم القاعدة يعني نهايته، وبالتالي لن تعود إلى ما كانت عليه أبدا، فهذا التنظيم قد ضرب ضربة قاتلة بمقتل زعيمهم بن لادن، وأن من سيقود «القاعدة» الآن مهما كانت قوة شخصيته، فلن يصل إلى شعبية بن لادن، الذي كان بمثابة مصدر إلهام لشباب «القاعدة».

ومن المعروف أن الظواهري هو من ضم بن لادن لتنظيم القاعدة، فحين توجه «بن لادن» إلى أفغانستان كان سلفي إغاثة، وكان دورة ينحصر في تقديم الأموال، وبناء المعسكرات للمجاهدين العرب، وحين تعرف على الظواهري، تحول إلى جهادي قتالي، بعد تلقينه الفكر الجهادي على يد الظواهري.

وظهر الظواهري في تسجيل مصور له تم نشره الأسبوع الماضي على مواقع إلكترونية أصولية متشددة رثى فيه بن لادن وعلق مشيرا إلى طريقة إلقاء جثة بن لادن في البحر، موضحا أنها سوء أخلاق أميركية، وقال إن أميركا تخيلت أن بعد قتلها بن لادن أنها ألقت جثته في البحر وفق طقوس إسلامية، متهما أميركا بانتهاك ميثاق جنيف رغم أنها وقعت عليه، متهما الحكومة الأميركية بأنها لا تعرف شرف الخصومة.

كما شكر الظواهري كل من تظاهر بعد مقتل بن لادن ومن صلى عليه صلاة الغائب، وأثنى على عدد منهم، ومن بين من سماهم بالاسم، الشيخ حسن أويس، زعيم حركة الشباب المجاهدين في الصومال، وإسماعيل هنية، القيادي في حركة حماس. وجدد الظواهري البيعة للملا عمر «أمير المؤمنين»، وعاهده على السمع والطاعة، قبل أن يحرض في رسالته المصورة الباكستانيين على الانتفاض ضد السلطة في إسلام آباد، حيث وصف قادتها السياسيين والعسكريين بأنهم «باعوا عزة باكستان».

وختم رسالته متوعدا أميركا بعد الفرحة التي عمتهم إثر مقتل أسامة بن لادن، مشيرا إلى أن كل فرحة سابقة جرت عليهم الويلات، بدءا من أفغانستان وانتهاء بالعراق، ويجب أن ينتظروا القادم.

* «وحدة أبحاث الشرق الأوسط»