مصياف.. ذات الأغلبية العلوية تناشد الجيش عدم قتل المتظاهرين وتدعو لانتقال سلمي للسلطة

عشرات الآلاف يشاركون في مظاهرات ليلية عشية «جمعة الشيخ صالح العلي»

TT

عشية يوم «جمعة الشيخ صالح العلي» التي أرادها المحتجون السوريون يوما للطائفة العلوية، لطمأنتها من جانب، ولحضها على الانخراط في الحركة الاحتجاجية من جانب آخر، صدر بيان عن مجموعة من أهالي مدينة مصياف في محافظة حماه (وسط)، ذات الغالبية العلوية والإسماعيلية. علما بأنه منذ وقت مبكر اختار أهالي مصياف الانكفاء وعدم المشاركة في الاحتجاج، وذلك في ظل تحذيرات من أعمال طائفية تستهدف العلويين.

لكن يوم أمس أصدرت مجموعة منهم بيانا طلبوا فيه من أبناء منطقتهم من ضباط وعناصر الجيش والأمن أن «يمتنعوا عن قتل الأبرياء من المتظاهرين السلميين الذين هم أبناء الوطن»، وطالبوا النظام السوري «بالكف عن التحريض الطائفي والمذهبي في مصياف، وكامل سوريا، عبر أجهزة المخابرات ووسائل إعلامه المعروفة». ودعوه إلى «البدء بالتغيير والانتقال السلمي للسلطة، حقنا للدماء، وكسبا للوقت، وحفاظا على الاقتصاد الوطني، ودرءا للتدخل الخارجي الذي بات وشيكا».

وذكر البيان أنه «منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا بدأت أجهزة أمن الدولة والأمن العسكري في مصياف، بث الإشاعات وحملات التخوين والتفرقة بين المدينة وريفها، وقامت بصناعة مسرحيات هزلية لترهيب الأهالي وبث شائعات وأكاذيب كثيرة وسخيفة». وللتوثيق، ذكر البيان منها «شائعة وجود أغذية فاسدة دخلت إلى سوق مصياف، وتبعتها مسرحية بحث الأمن عن الأغذية الفاسدة وإلقاء القبض على بائع غزل البنات، تبين أنه عنصر أمن، وشائعة وجود عصابات مسلحة تداهم رياض الأطفال، وشائعة حول نية البعض القيام بمظاهرات تخرج من جامع الرضوان المحسوب على طائفة معينة، وتهديدهم سابقا بقدوم مسلحين لقتلهم، وكلام المدعو بسام أبو عبد الله للإعلام عن وجود السلفيين والمسلحين في مصياف، وأيضا بث الشائعات في قرى مصياف عن وجود مندسين في المدينة وتجييش وتشكيل (لجان شعبية) من أبناء القرى، للنيل منهم، والكثير الكثير من الأكاذيب والشائعات التي لا هدف لها إلا تخويف الأهالي وتقسيمهم، وزرع بذور التخوين ورفض الآخر بينهم».

وقال البيان إن منطقة مصياف، ريفا ومدينة، «عانت وتعاني من ممارسات السلطة منذ زمن طويل، من الإهمال الإداري والتنظيمي والمحسوبيات والفساد، إلى تفشي الفقر والبطالة بين أبنائها، إلى التضييق الأمني على جمعيات ومنظمات المجتمع المدني والأهلي». وأكد الموقعون على البيان أن «منطقة مصياف ليست إلا جزءا من الوطن، فما يسري على كل أنحاء الوطن يسري عليها». وأضافوا أن مصياف كانت وستبقى «منبعا للوطنيين والمثقفين والأحرار، وطالما كانت مثالا للتنوع الفكري والثقافي والسياسي، وفي هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن لا بد لأهل هذه المنطقة من قول كلمة حق تسجل للتاريخ، ولنصرة المظلوم». وختم البيان بالتأكيد على أن «الانصياع لمطالب الشعب ما هو إلا مدعاة فخر وعزة، كما أن تجاهل الشعب مدعاة للخزي والعار، والتاريخ لا يرحم أحدا».

ويشار إلى أن منطقة مصياف شديدة التنوع، حيث تتركز غالبية من السوريين من أبناء الطائفة العلوية إلى جانب المسيحيين والإسماعيليين والمسلمين السنة، عانت من التهميش والإهمال، فهذه المنطقة المعروفة بأنها أخرجت نخبة من المثقفين العلمانيين ذوي الاتجاهات اليسارية، ونخبة من العلويين الذين ناهضوا نظام حافظ الأسد، فكان نصيبهم من الاضطهاد أكثر من غيرهم، ومنهم من يتندر على ذلك بأنهم «دفعوا الثمن مضاعفا، لأنهم من الطائفة ولأنهم معارضة».

وتقع مدينة مصياف التي يتجاوز عدد سكانها الأربعين ألف نسمة جنوب غربي مدينة حماه، على مسافة 48 كم، تحيط بها مجموعة جبال، وكان يطلق عليها اسم مصياد (لكثرة الصيد فيها) ويعتمد أهالي مدينة مصياف في معيشتهم على التجارة والوظائف العامة. كما يوجد فيها معمل كبير للأحذية، ومعمل صغير للسجاد، وقطع عسكرية للجيش السوري، ومركز تدريب عسكري لجيش التحرير الفلسطيني. أما القرى فتعتمد على زراعة الزيتون والتين والعنب والخضراوات. وفي الريف، نتيجة للفقر الشديد، توجهت أعداد من أبنائه للالتحاق بالجيش السوري، وزاد ذلك بعد تسلم البعث السلطة في سوريا.

إلى ذلك، خرجت مظاهرات ليلية في عدة مدن أول من أمس، أبرزها مظاهرة نسائية في دمشق وأكبرها في حماه. وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية «إن عدة مدن سورية شهدت مساء أمس (الأربعاء) مظاهرات ليلية، أبرزها في حماه، حيث تظاهر عشرات الآلاف». وأشار إلى أن «نحو 150 شخصا تظاهروا في حي الشيخ سعد في المزة وسط دمشق». وأضاف عبد الرحمن أن مظاهرات جرت «في حرستا والزبداني وجسرين وسقبا (ريف دمشق)، وفي حمص (وسط)، وفي إدلب وكفر نبل (ريف إدلب)، وفي اللاذقية (غرب)، وفي دير الزور (شرق)، والميادين (ريف دير الزور)، وفي الحراك والصنمين (ريف درعا)».