تركيا قدمت لتركماني 5 بنود ضرورية كمدخل لحل الأزمة

مستشار رئيس الوزراء التركي أكد أن بلاده تعتزم تصعيد الضغوط على النظام السوري من أجل التوصل إلى حل

دبابات عسكرية تعيد تموضعها في المدن السورية، أمس، في صورة نشرها موقع «أوغاريت» الإخباري
TT

بدأت أنقرة أمس رسم معالم خطواتها النهائية فيما يتعلق بالأزمة السورية، بعد تزايد المؤشرات على وجود سيناريو تركي باعتماد منطقة عازلة في الأراضي السورية في حال تطورت الأمور في سوريا نحو اشتباكات أوسع وموجات هجرة باتجاه أراضيها، في حين أكدت مصادر تركية أن أنقرة بدأت إجراءات أمنية على طول الحدود مع سوريا تتضمن وضع أسلاك شائكة، ونشر عناصر من الشرطة والجيش في خطوة لم تتضح معالمها بعد، لكنها تتقاطع مع معلومات غير رسمية عن نية أنقرة وضع حاجز عددي لما قد تستقبله من لاجئين سوريين.

وقد كثفت القيادة التركية من نشاطها فيما يتعلق بالأزمة السورية مع انعقاد اجتماع السفراء الأتراك الـ31 مع القيادة الأمنية والعسكرية، بهدف الوقوف على نصائحهم حول كيفية التعامل مع الأزمة، علما بأن هؤلاء السفراء أتوا من دول الشرق الأوسط، ومن الدول الكبرى في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ممثل تركيا في حلف الناتو.

وكان اجتماع حصل بين وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ومستشار رئيس الوزراء فيردون سنترال أوغلو، وسفيري تركيا في دمشق عمر أونهون، وبيروت سليمان أوزيلدر، خصص لبحث الملفات التي ستطرح مع الموفد السوري. وقالت مصادر تركية إن أنقرة رفضت عرضا تقدم به التركماني الذي قال إن بلاده تود عودة جميع السوريين إلى بيوتهم «بعدما انتهت الأسباب التي أدت بهم إلى المغادرة»، واعدا بالعمل على ضمان عدم التعرض إليهم أو ملاحقتهم قانونيا. وأتى الجواب التركي بأن السوريين الموجودين على أراضيها هم «ضيوف مرحب بهم»، وأنهم أتوا بقرار ذاتي منهم، ويعودون بالطريقة نفسها، مشددا على أن تركيا لن تجبر أي شخص على القيام بما يخالف إرادته. وفيما نقل عن مستشار الرئيس السوري حسن تركماني «ارتياحه الشديد لنتائج محادثاته التي استمرت نحو 4 ساعات مع رئيس الوزراء التركي»، قالت مصادر قريبة منه إن محادثاته «كانت ناجحة، وإن نتائج عملية سوف تظهر على الأرض في شأن التعامل التركي مع ملف اللاجئين.

أما المصادر التركية، فقد أكدت أن أردوغان قدم للتركماني لائحة من 5 بنود ترى تركيا ضرورة تنفيذها كمدخل لأي حل للأزمة، وهي:

1 - وقف العمليات العسكرية.

2 - إعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي تعرضت لعمليات عسكرية وسحب القوات العسكرية منها.

3 - الاستماع إلى المعارضة.

4 - إعلان جدول رسمي للإصلاحات التي تحدث عنها النظام.

5 - تطبيق القوانين المدنية (تطبيق قرار رفع حالة الطوارئ).

إلى ذلك، تواصل الكلام عن «إنشاء منطقة عازلة»، وقال الكاتب محمد علي برند، المعروف بقربه من المؤسسة العسكرية التركية، في مقال نشر في عدة صحف تركية في الوقت نفسه، إن أنقرة تفقد تدريجيا الأمل وتنأى بنفسها عن الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء مع كل تصريح يدلي به يرفع من جرعة تحذيراته، وعلى الرغم من أنه لم يتم إحراق كل الجسور (مع القيادة السورية)، فإن الاعتقاد السائد هو أن الأسد لن يكون قادرا على حل الوضع بسهولة. ونقل برند عن صناع القرار النهائي بشأن كيفية عرض الموضوع بوضوح، خطورة الوضع، وأن أسوأ السيناريوهات بالنسبة إلى أنقرة هو أن تتوسع الاحتجاجات لتشمل حلب ودمشق، وأن يقوم النظام بقمعها. ومعنى هذا أن الأسد يستخدم كل قوته العسكرية، فيتحول النزاع الداخلي بسرعة إلى اشتباك بين السنة والعلويين. ويحصل نتيجة لهذا، تدفق عشرات الآلاف من السنة السوريين إلى تركيا. ونقل برند عن مسؤول تحدث إليه قوله «إن تركيا فتحت أراضيها في الوقت الراهن، ولكن عندما يصل هذا الرقم إلى نقطة لا نستطيع التعامل معها بعد ذلك، فسيكون علينا إغلاق الحدود». وأضاف «نحن نود أن نغلق الحدود، ولكن لا يمكننا أن ندير ظهورنا لا للسنة ولا للعلويين، فلا يكون أمامنا إلا تشكيل منطقة أمنية أو منطقة عازلة داخل الأراضي السورية»، مؤكدا أن هذا القرار نوقش في اجتماع كبير عقد في أنقرة مؤخرا.

وأوضح أن الاجتماعات العسكرية والمدنية حول المنطقة العازلة وغيرها من التدابير، التي يتعين اتخاذها في الأيام الأخيرة، ازدادت في أنقرة، والعنصر الأكثر ترويعا في جدول الأعمال هو تشكيل منطقة أمنية داخل الأراضي السورية التي تنطوي على مخاطر كثيرة جدا، ويمكن إسقاط التوازن.

وبرر المسؤول التركي كلامه بأنه «إذا كان البلد غير قادر على حل النزاع الداخلي أو تهدئة القتال، وعلى العكس من ذلك، التحول إلى مستويات مثل الحرب الأهلية، فسيتم تدخل القوى الأجنبية في شؤونه بالتأكيد»، مذكرا بعض الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان وقواعد الأمم المتحدة، بـ«التوازنات الإقليمية»، قائلا «نحن نعد سيناريوهات عدة باسم حماية الشعب السوري، على أساس أننا نخشى من خطر حدوث تدفق كبير للاجئين».

إلى ذلك، قال مستشار رئيس الوزراء التركي نبيه أفشي «إن بلاده تعتزم تصعيد الضغوط على النظام السوري من أجل التوصل إلى حل سلمي للاضطرابات الجارية هناك». وأضاف «نحاول أن نقنع الجانب السوري بأن يطرح خيارات متعقلة». وشدد أفشي على أن بلاده لا تعتزم المشاركة في عمليات عسكرية في الجارة سوريا، قائلا «ليس هذا موضوعا مطروحا على أجندة الحكومة التركية».

وأشار أفشي إلى أن أردوغان طالب نظام الرئيس السوري بشار الأسد بإنهاء الأعمال الوحشية والتصرفات غير الإنسانية لقواته، مضيفا «غير أن رد فعل النظام السوري كان للأسف مخيبا للآمال». وقال «لدينا اتصالات وثيقة جدا بالنظام السوري»، مضيفا أن تركيا تقدم عبر محادثات سرية مع ممثلين عن النظام السوري، اقتراحات عملية بشأن الإصلاحات الضرورية للنظام «ولا يمكن الحديث عن قضايا لها مثل هذا الثقل النفسي علنا».

من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، أمس، أن بلاده قررت تقديم مساعدة إنسانية لآلاف السوريين المحتشدين على خط الحدود السورية - التركية.

وقال داود أوغلو للصحافيين في أنقرة «هناك حاليا أكثر من 10 آلاف شخص قبالة حدودنا خلف الأسلاك الشائكة.. قررنا مساعدة أشقائنا السوريين لتأمين حاجاتهم الغذائية العاجلة».

وأضاف غداة زيارته إلى مخيمات اللاجئين التي جهزها الهلال الأحمر التركي، في محافظة هاتاي جنوب تركيا، أنه «سيتم تقديم مساعدة إنسانية لهم»، وأشار الوزير التركي إلى أن أنقرة أبلغت سوريا بهذا القرار.

وقال داود أوغلو «لقد رأيت بوضوح الخوف في عيون الناس الذين التقيتهم (في المخيمات)، ويجب فهم الوضع الذي تمر به امرأة في السبعين من العمر غادرت منزلها بمفردها هربا من العنف».

وجدد داود أوغلو، الذي كان يتحدث خلال اجتماع للسفراء الأتراك في البلدان العربية وفي عواصم أخرى، استدعتهم أنقرة للتحدث خصوصا في الأزمة السورية، دعوته النظام السوري «لبدء العمل بإصلاحات طارئة» لإنهاء العنف في البلاد، ووقف تدفق اللاجئين إلى تركيا.

ولفت الوزير النظر إلى أنه «يؤمن بصدقية» إدارة الرئيس السوري بشار الأسد. إلا أنه أشار إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة فورا لإقناع الشعب السوري والمجتمع الدولي بأن مطالبهم ستلبى.

وقال داود أوغلو بحسب الوكالة «لقد شرحت لتركماني أننا نريد الازدهار والديمقراطية وحقوق الإنسان لتركيا كما نريدها لسوريا، ونعتبر أن استقرار سوريا مهم جدا».

وأضاف الوزير التركي أن المبعوث السوري أكد أن النظام في دمشق مصمم على المضي قدما بالإصلاحات الموعودة «مهما كلف الأمر»، مشيرا إلى أن وزارته تعمل على وضع جدول زمني لجولة إقليمية لأردوغان في الشرق الأوسط.