مصر: مخاوف الانفلات الأمني تهدد الانتخابات البرلمانية

على خلفية تكرار اقتحام الجماهير لملاعب الكرة

TT

جدد اقتحام جماهير نادي الاتحاد السكندري استاد الإسكندرية عقب هزيمة فريقها أمام نادي وادي دجلة في إحدى مباريات الدوري المصري لكرة القدم المخاوف من عدم استقرار الوضع الأمني في البلاد، خاصة بعد إلغاء حظر التجوال وقبل نحو ثلاثة أشهر من الموعد المعلن للانتخابات التشريعية.

وكانت الجماهير قد اقتحمت الملعب بأعداد كبيرة في محاولة للتعدي على لاعبي نادي الاتحاد واضطر لاعبو وادي دجلة للخروج من الملعب ركضا في فزع شديد للنجاة من موجات الجماهير الغاضبة، كما شهد ملعب المباراة اشتباكات عنيفة مع الشرطة خلفت 22 مصابا من بينهم 12 مجندا و10 مواطنين، حالتهم مستقرة، حسبما أعلن الدكتور عبد الحميد أباظة مساعد وزير الصحة للشؤون الفنية والسياسية.

كما أسفرت حالة الانفلات الأمني عن تحطيم 200 مقعد والسور الحديدي الفاصل بين مدرجات الجماهير، كما تعرضت المقصورة الرئيسية للاستاد لتلفيات كبيرة، واستكمل جمهور الاتحاد ثورته خارج الملعب حيث حطم الكثير من السيارات التي كانت تقف بجوار الاستاد وهو ما يعيد للأذهان ما حدث من انفلات أمني في مباراة الزمالك المصري ونظيره الأفريقي التونسي قبل ثلاثة أشهر. وكان عامر حسين رئيس لجنة المسابقات باتحاد الكرة المصري قد كشف عن تلقيه أكثر من تقرير أمني يجعله متخوفا من استكمال مباريات الدوري الممتاز في موسم الثورة وهو ما جعله يوصي باستكمال المباريات دون جمهور.

من جانبه، يرى اللواء مدحت شلبي، الإعلامي المصري، ضابط الشرطة السابق، أن حوادث الشغب الجماهيري تأتي في إطار التأثر بالانفلات الأمني الذي تشهده البلاد، واصفا الوضع في الملاعب المصرية بالخطير قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن فصل شغب الجماهير عن الوضع الأمني في البلاد، هناك حالة تجرؤ شديدة من الجمهور تجاه الضوابط الأمنية». وأضاف شلبي «رجال الشرطة يرفضون التعامل بعنف مبالغ حفاظا على شعرة معاوية مع الجمهور، هيبة الشرطة ستعود رويدا رويدا وهو ما سيعيد الأمور لنصابها مرة أخرى».

وشدد شلبي على ضرورة التصدي بحزم لحالة الانفلات الأمني التي تضرب الرياضة المصرية الآن، وقال «لا بد من فرض عقوبات رادعة على المخالفين، وأفضل استكمال الدوري من دون جمهور حفاظا على الأمن العام».

من جهته، قال اللواء دكتور محمد قدري سعيد، الخبير الأمني لدى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ«الأهرام»، لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما تشهده الملاعب من شغب جماهيري هو امتداد لحالة التوتر والاحتقان التي تسيطر على المناخ العام في مصر حاليا». وأوضح قدري أن البلاد شهدت ثورة ذات نتائج متأخرة وغير محسوسة حتى الآن، وهو ما جعل المصريين في حالة نفسية سيئة تنعكس بشكل كبير في الحساسية والتوتر اللذين أصبحا يشكلان تصرفات وسلوك المواطنين في القترة الأخيرة، لافتا إلى أن كل هذا «جعل ملاعب الكرة متنفسا لتلك الحساسية والتوتر».

وأوضح قدري أنه من الطبيعي وجود مشكلات أمنية ولكنه لا يعني تكرارها في العملية الانتخابية على نفس النهج قائلا «الشغب الجماهيري بمباريات الكرة يلقي مزيدا من العبء على كاهل رجال الشرطة». ولفت قدري أنظار القائمين على العملية الانتخابية إلى ضرورة توخي الحذر خاصة في المناطق الانتخابية التي غالبا ما تشهد مواجهات عنف لأنها الآن مرشحة لموجات غضب وعنف أكبر. وقال قدري «إن الأهم الآن هو عدم تحول الانفلات الأمني لانهيار أمني أوسع».

ويرى مراقبون أن منع الجمهور من حضور المباريات بشكل مطلق ليس حلا سحريا من الناحية الأمنية لأنه سيذكي الاحتقان الجماهيري بشكل أكبر. وأعرب معظمهم عن أن الحكومة لا بد أن تكون أكثر حزما في تعاملها مع جماهير كرة القدم.