اليونان: باباندريو يعدل حكومته بعد تمرد داخل حزبه الحاكم

المعارضة تصر على الانتخابات المبكرة والرئيس يحذر من «تأثر هيبة» البلاد

سياح يسيرون أمام زجاج مقهى هشم بفعل المظاهرات، في وسط أثينا، أمس (رويترز)
TT

كان مقررا أن يعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو مساء أمس، عن تعديل حكومي لتسهيل تصويت البرلمان على خطة تقشف جديدة هامة بالنسبة للبلاد، وذلك بعد ساعات على مواجهة حزبه الاشتراكي الحاكم أزمة داخلية. فبعد استقالة نائبين اشتراكيين صباح أمس، طلب 35 نائبا آخر من الكتلة الحاكمة ومن منتقدي خطة التقشف التي فرضتها الجهات المانحة (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي) على اليونان، اجتماعا طارئا لمجموعتهم منتقدين «عجز السلطة» وغياب سياسية متناغمة.

وكان باباندريو قد وجه خطابا إلى الأمة الليلة قبل الماضية أعلن فيه عزمه تشكيل حكومة جديدة، ومطالبة البرلمان بمنحه الثقة لهذه الحكومة. وجاء قرار باباندريو المفاجئ، بعد خروج آلاف الأشخاص مجددا، أول من أمس، للتظاهر ضد خطة التقشف التي تهدف إلى توفير 28 مليار يورو بحلول 2015، وذلك خصوصا من خلال زيادة الضرائب وخطة تخصيص مكثف. ولا يملك باباندريو أغلبية من 155 نائبا في البرلمان (300 نائب)، وبالتالي فإن استقالة النائبين لن تؤثر على الأغلبية لأنه سيتم تعويضهما بنائبين اشتراكيين آخرين.

وقبل خطابه للأمة، أجرى باباندريو محادثات مع زعماء المعارضة حول تشكيل حكومة إنقاذ وطني، من جميع الأحزاب. وفي البداية اشترطت المعارضة على عدم ترؤس باباندريو للحكومة، فأعرب الأخير عن موافقته مراعاة لمصلحة الوطن، لكن خلافات حدثت حول الحديث عن «فشل سياسي» لباباندريو من قبل الأحزاب المختلفة، فتراجع رئيس الوزراء وأعلن قراره السابق. واعتبر باباندريو في خطابه أن المعارضة ليست على قدر تحمل المسؤولية الوطنية والمساهمة في إنقاذ البلاد، وأنها تنظر للأمر كمسألة حزبية فقط.

في غضون ذلك، أعرب الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس عن قلقه إزاء التطورات التي تشهدها البلاد على الصعيد السياسي، بسبب المظاهرات والإضرابات الاحتجاجية الرافضة للإجراءات التقشفية، محذرا من تأثير الأزمة المالية على البلاد وهيبتها السياسية. وقال بابولياس: «في هذا الوقت الحرج يتعين علينا أن نكون جميعا مسؤولين وعلى قدر تحمل المسؤولية حتى لا نحول الأزمة الاقتصادية إلى أزمة ديمقراطية».

ورغم إعلان باباندريو عزمه إجراء تعديل حكومي، فإن أحزاب المعارضة بقيت مصرة على موقفها الداعي لإجراء انتخابات مبكرة. وشدد على هذا المسعى زعيم المعارضة اندونيس سامراس. كما دعت السكرتيرة العامة للحزب الشيوعي إلى استمرار المظاهرات والاحتجاجات، وطلبت من اتحاد نقابات العمال والموظفين (بامي) الموالي للحزب الشيوعي إلى النزول إلى الشوارع. وتوالت عدة ردود فعل سياسية سلبية إزاء ضد قرار باباندريو، ووصفت خطوته بأنها دليل على الفشل السياسي. وعلى الصعيد الشعبي، رأى محللون أن قرار باباندريو بتشكيل حكومة جديدة لا يمكنه امتصاص غضب المتظاهرين الذين أعلنوا عن استمرار مظاهراتهم واحتجاجاتهم حتى يتراجع رجال السياسة عن الإجراءات التقشفية الجديدة.

يذكر أن باباندريو، 59 عاما، الذي يحكم البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2009 وتنتهي ولايته في أكتوبر 2013، استبعد مرارا الدعوة إلى انتخابات مبكرة الأمر الذي ما انفكت أحزاب المعارضة تطالب به. والتعديل الذي كان مرتقبا مساء أمس، يعد الثاني منذ تولي باباندريو السلطة. وكان التعديل الأول تم في خريف 2010.

وساد في اليونان أمس غموض حول طبيعة التعديل الحكومي المرتقبة وما إذا كان سيطال وزير المالية جورج باباكونستانتينو الذي يلاقي حظوة لدى الدائنين في منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي ولكنه موضع سخط في اليونان وحتى داخل الحزب الاشتراكي. ويعد باباكونستانتينو، صانع عملية التطهير المالي في البلاد والمفاوضات مع بروكسل وفرانكفورت وصندوق النقد الدولي والتي تبين أن قرضها لليونان البالغة قيمته 110 مليارات يورو في مايو (أيار) 2010 المرفق بحزمة أولى من إجراءات التقشف، اليوم أنه غير كاف لتستعيد البلاد ثقة الأسواق. وتطلب دول منطقة اليورو من اليونان تنفيذ حزمة ثانية من إجراءات التقشف قبل تقديم مساعدة جديدة لها غير أن هذه الدول لم تتوصل في بداية الأسبوع إلى اتفاق حول كيفية تقديم المساعدة لأثينا.