باريس وبرلين تدفعان باتجاه عقوبات اقتصادية أوروبية جديدة على سوريا

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: مروحة العقوبات ستكون واسعة ومتنوعة

سكان كفرنبل يحملون لافتات كتب عليها «مجازر ترتكب في سوريا بتصريح من روسيا والصين»
TT

فيما يغرق أعضاء مجلس الأمن الدولي منذ أسبوعين في مناقشات بقيت حتى الآن عقيمة في محاولة لإصدار قرار دولي يدين قمع السلطات السورية للمتظاهرين، ويدعو لوقف العنف وإجراء إصلاحات عميقة وحقيقية وفتح أبواب سوريا أمام المنظمات الدولية، يتأهب الاتحاد الأوروبي لفرض سلة عقوبات إضافية تطال هذه المرة الشركات والمؤسسات السورية التي تعتبر من أهم أعمدة النظام الاقتصادية. وسيكون يوم الاثنين القادم محطة رئيسية على طريق الضغوطات التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على القيادة السورية، بعد لائحتين من الشخصيات السورية، وعلى رأسها الرئيس السوري بشار الأسد، التي جمدت ودائعها في المصارف الأوروبية وحرمت من الدخول إلى دول الاتحاد الـ27.

وقالت مصادر رسمية في باريس لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتحاد الأوروبي يلجأ إلى «الخيارات المتاحة أمامه» بعد أن صمت دمشق أذنيها عن النداءات الموجهة لها والتي تدعوها إلى وقف دورة العنف والقتل في مرحلة أولى تمهيدا لبدء إصلاحات حقيقية في البلاد». والحال، كما تلاحظ هذه المصادر، فإن دمشق لم تفعل شيئا في هذا الاتجاه، بل على العكس فإنها «شددت قبضتها الحديدية» وذهبت إلى مرحلة «أبعد» في القمع باستخدام الطوافات والأسلحة الثقيلة وبالتالي «ليس أمام الاتحاد الأوروبي من سبيل سوى العقوبات الإضافية».

وبعكس المرتين الأولى والثانية حيث واجه مشروع العقوبات تحفظات من عدد من البلدان الأوروبية التي رأت «إعطاء النظام السوري فرصة إضافية»، فإن التدابير الجديدة تحظى بقبول من غالبية الأطراف.

واستغل أمس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مؤتمره الصحافي المشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، ليؤكد أن البلدين «يعملان يدا بيد لتشديد العقوبات على السلطات السورية التي تقوم بعمليات قمعية ضد المواطنين لا يمكن قبولها أو السماح بها». وأشار ساركوزي كذلك إلى أن البلدين سيسعيان لدى روسيا لـ«الدفاع» عن مبدأ قرار دولي يدين سوريا. أما ميركل، فقد كشفت عن أن لقاءات ستعقد مع الجانب الروسي لبحث هذا الموضوع.

الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين سيزور العاصمة الفرنسية بداية الأسبوع القادم، وسيكون الملف السوري على رأس جدول مباحثاته في قصر الإليزيه.

وأعلنت الخارجية الفرنسية أمس، في إطار مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، أن باريس تدفع باتجاه توسيع العقوبات الأوروبية لتطال الشركات والمؤسسات السورية، ومن بينها البنوك. ولم يستبعد الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو إضافة أسماء أفراد على اللائحتين الأوليين. وبحسب المعلومات المتداولة في باريس، فإن اللائحة الجديدة ستضم 12 شخصا على الأقل.

وليس من المؤكد أن العقوبات الإضافية ستقر في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في اجتماعهم في لوكسمبورغ بسبب الحاجة إلى بلورة اللوائح الجديدة. وعلى أي حال، تعتبر المصادر الفرنسية أن العقوبات ستقر الأسبوع القادم، والأرجح على هامش اجتماع القادة الأوروبيين في بروكسل يومي الخميس والجمعة القادمين.

وخلال اليومين الماضيين، عمل خبراء الدول الـ27 على اختيار الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية التي يعتقد أنها من أعمدة النظام والتي ستكون موضع عقوبات اقتصادية موسعة. ويريد الأوروبيون تحقيق عدة أهداف في آن واحد لكن الهدف الأول منها إفهام النظام أن أوروبا «لا يمكن أن تقبل أو تغض النظر عما يجري في سوريا»، بحسب قول مصدر فرنسي رسمي.

وحتى الآن، اتبع الأوروبيون خطا تصاعديا في تعاطيهم مع الحالة السورية. وتمثل باريس الطرف الأكثر تشددا إلى درجة أن وزير الخارجية ألان جوبيه وصل إلى اعتبار أن الأسد «فقد شرعيته» وهو ما لم يقله بقية الأوروبيين ولا الولايات المتحدة الأميركية. وفي حال استمرار الصعوبات في مجلس الأمن الدولي، فإن أمام الأميركيين والأوروبيين، بحسب المصدر المشار إليه، مروحة واسعة وهامشا كبيرا من العقوبات حدها الأقصى منع التعاملات التجارية والاقتصادية والمالية مع سوريا وحجب الاستثمارات عنها وقطع المساعدات الثنائية والجماعية، ناهيك بالعزلة السياسية والدبلوماسية. وعلى أي حال، لم تقطع باريس الأمل في إمكانية حمل روسيا على تغيير موقفها. وبحسب الوزير جوبيه، فإن إقناع 10 أو 11 عضوا في مجلس الأمن بالتصويت على قرار الإدانة من شأنه التأثير على موقف موسكو وبكين وحملهما على الامتناع عن استخدام «الفيتو» ضد مشروع القرار الذي أشبع تمحيصا ودرسا في أروقة مجلس الأمن، ولكن دون طائل حتى الآن.