مخاوف لدى الدعاة في مصر من سيطرة الدولة على نقابتهم الجديدة

مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: لن نشرف عليها.. والأئمة: مهمتها حماية المنابر من هجمة السلفيين

TT

بعد سنوات من رفضها إنشاء نقابة خاصة بالدعاة في مصر وافقت وزارة الأوقاف على إنشاء النقابة الجديدة بناء على مخاطبة من مجلس الوزراء، في استجابة منه للدعاة الذين هددوا بالتصعيد قائلين إن دعاة الأوقاف هم الأقدر على مواجهة تنامي الفكر المتشدد لكنهم يفتقرون إلى دعم الدولة لجهودهم.

ورغم استجابة وزارة الأوقاف لمطالبة الدعاة لا تزال هناك مخاوف لدى الأئمة من السطو على النقابة وفرض وصاية حكومية عليها من خلال قيادات وزارة الأوقاف، واصفين هذا المسلك بـ«استمرار سياسات النظام المصري السابق». لكن الشيخ فؤاد عبد العظيم وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد والقرآن الكريم نفى وجود أي نية لدى قيادات الأوقاف للتدخل أو الإشراف على النقابة.

وأكد الدكتور عبد الله الحسيني وزير الأوقاف أنه لا يرفض فكرة النقابة وأن الوزارة أول من طالب بها رغم أنها ليست جهة اختصاص وذلك خلال استقباله عددا من الأئمة والدعاة المطالبين بإنشاء نقابة لهم أول من أمس.

وكان عدد من الأئمة بوزارة الأوقاف قد أعلنوا تأسيس نقابة تضم ممثلي دعاة مصر، وأكد الشيخ محمد عوف، أحد الأئمة الذين تبنوا فكرة إنشاء النقابة أنها تهدف للارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للدعاة والمحافظة على كرامة الدعوة ووضع الأسس الكفيلة بتنظيم ممارسة الدعوة، كما تهدف إلى تأمين الدعاة اقتصاديا وصحيا ورعاية أسرهم وتقديم الخدمات لهم.

وتأتي الاستجابة لمطالب الدعاة بعد قرابة 4 أشهر من سقوط نظام حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ويشكو الدعاة في مصر مما وصفوه بـ«تشدد النظام السابق وحصاره للدعاة ومحاولة إضعافهم وربطهم اقتصاديا بالوزارة»، ويقولون إن نظام مبارك تدخل عبر جهاز أمن الدولة المنحل، الأمن الوطني حاليا، في تعيين الدعاة، ومراقبة خطبهم على المنابر، وتوجيها فيما يخدم بقاء النظام واستمراره، الأمر الذي تسبب في إحداث فجوة كبيرة بين الدعاة والمجتمع، وهو ما سمح بتسلل من وصفوهم بـ«المتشددين» من غلاة السلفيين إلى منابر الدعوة.

ومن جانبه، أكد الشيخ فؤاد عبد العظيم أن الوزارة تعمل جاهدة الآن في الحصول على موافقات الجهات المعنية لتأسيس النقابة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «وزير الأوقاف رحب بالفكرة، وقابل الأئمة وتحاور معهم، وتعهد بأن ينهي كل شيء مع الجهات المعنية»، موضحا أن النقابة ليست عملا تنظيميا خاصا بالوزارة إنما تتبع وزارة القوى العاملة، لافتا إلى أنها ستكون نقابة مستقلة لها قيادتها الخاصة وقراراتها وهيكلها التنظيمي الخاص بها، وأن دور الوزارة فقط مخاطبة الجهات المعنية لتسهيل إجراءات إنشائها، نافيا أن يكون هناك أي تدخل أو إشراف من الوزارة على النقابة.

وأوضح عبد العظيم أن الهدف من النقابة هو ضمان حقوق وواجبات الدعاة وتوفير دعم مادي ومعنوي لهم وحماية المنابر ممن يعتلون المنابر لتشويه وسطية الإسلام، بالإضافة إلى تطوير الخطاب الدعوي، مؤكدا أن الدعاة هم من سيختارون النقيب وأعضاء مجلس النقابة وقد يصبح رئيس النقابة إماما أو داعية عاديا وليس وكيل وزارة.

من جهته قال الشيخ هاني توفيق وهو إمام بأوقاف القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن «النقابة ضرورية للأئمة لتكون معبرة عن آرائهم وتلبية مطالبهم وتجمعهم تحت مظلة واحدة حتى نستطيع إنشاء إطار للأئمة والعمل على التنسيق في الحج والعمرة والبعثات الخارجية» متمنيا أن تكون منبرا للدعاة للمطالبة بالحقوق المالية والأدبية والحفاظ على هيبة الدعوة.

وعلى الجانب الآخر، شكك الدكتور عادل عبد الشكور، المحاضر بمعهد إعداد الدعاة بوزارة الأوقاف، في أن تقوم النقابة بحل مشكلات الدعاة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «النقابة سوف تكون مثلها مثل أي كيان داخل الوزارة، وإن من سيتولى الإشراف عليها هم قيادات الوزارة»، محذرا من السطو على النقابة وفرض وصاية عليها من خلال وزارة الأوقاف واتباع أساليب النظام المصري السابق في التعامل مع الدعاة، ومطالبا بإجراء انتخاب حر مباشر لتشكيل مجلس النقابة.

وأكد عبد الشكور أن جميع أجيال الدعاة الشباب يرفضون النقابة وأن من يرحب بها هم الجيل القديم داخل الأوقاف، موضحا أن وزارة الأوقاف ليست في حاجة إلى نقابة، وإنما في حاجة إلى قيادات تعرف معنى أمانة الدين والدعوة.