ليبرمان يهدد بـ«إعلان وفاة» اتفاقية أوسلو.. ويختلف مع أشتون حول العودة للمفاوضات

واشنطن تسعى لإحياء محادثات السلام قبل سبتمبر .. وبيريس: الذي لا يوافق على حدود 67 سيخسر العالم

ناشطة سلام تمسح دموعها بعدما رش الجنود الإسرائيليون غازات مسيلة للدموع على المحتجين في قرية بيلين بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

هددت الحكومة الإسرائيلية، أمس، بإلغاء اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين، والذي ترتبت عليه إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، إذا ما ذهبت السلطة إلى مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) المقبل لطلب عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وجاء ذلك بينما تسعى واشنطن إلى إحياء المفاوضات بين الطرفين والتوصل إلى اتفاق قبل حلول سبتمبر، وهو الموعد الذي حدده الفلسطينيون لتقديم طلب للأمم المتحدة للاعتراف بدولتهم.

وأبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، نظيرته الأوروبية كاثرين أشتون، بهذا الموقف عندما التقاها أمس في القدس، بعدما بدأت جولة تهدف إلى استكشاف فرص إحياء عملية السلام من جديد.

وقال ليبرمان، إن «إسرائيل ستكون في حل من أي اتفاق أبرم بين الجانبين إذا توجهت السلطة إلى الأمم المتحدة بشكل أحادي الجانب لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية». وأضاف «بالنسبة لنا الخطوة الفلسطينية معناها خرق جميع الاتفاقيات الموقعة وإعلان وفاة اتفاقية أوسلو». واتهم ليبرمان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه يبحث عن المواجهة بدلا من التسوية، مدعيا استعداد إسرائيل الفوري للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية رغم مواقف أبو مازن «المتعنتة».

وتهديد ليبرمان هذا أحدث ما جاءت به الحكومة الإسرائيلية، بعدما هددت سابقا باتخاذ خطوات أحادية من بينها إعادة احتلال الضفة وقطع العلاقات الاقتصادية مع السلطة. وفي تصريحات لاحقة، أكد ليبرمان وأشتون أنهما اختلفا خلال لقائهما في القدس بشأن إمكانية العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين. وقال ليبرمان في تصريحات نقلتها الإذاعة العامة، إن فرص استئناف المفاوضات المباشرة قبل سبتمبر «معدومة». بينما قالت أشتون في بيان «ندرك أن سبتمبر يقترب بسرعة (...) المهم للجانبين هو العودة إلى طاولة المفاوضات». وقالت خلال لقائها ليبرمان «نظرا لحوادث الربيع العربي وبعد خطاب الرئيس (الأميركي) باراك أوباما، أصبح اليوم أكثر إلحاحا بدء مفاوضات جدية ودفع عملية السلام قدما».

ويأتي ذلك، بينما جددت واشنطن مساعيها لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال الأسابيع الماضية، شملت استضافة المفاوضين الفلسطيني صائب عريقات والإسرائيلي إسحاق مولخو في واشنطن الأسبوع الماضي، وإرسال وفد أميركي إلى المنطقة هذا الأسبوع. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نيولاند إن «جزءا من جهودنا إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.. المبعوث الخاص المؤقت للسلام في الشرق الأوسط ديفيد هيل والمساعد الخاص للرئيس (الأميركي) دينيس روس التقيا هذا الأسبوع مع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو والمفاوض الإسرائيلي إسحاق مولخو ورئيس الوزراء (الفلسطيني) سلام فياض». وأضافت الناطقة الأميركية أن هيل التقى أيضا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمفاوض الفلسطيني صائب عريقات. وتعتبر زيارة روس مع هيل مؤشرا واضحا بأن روس بات هو المسؤول الأكثر نفوذا في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في التعاطي مع الملف العربي - الإسرائيلي بعد استقالة المبعوث السابق جورج ميتشل الذي كان على خلاف مع روس.

وتأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية إلى تكثيف الجهود المبذولة للتقريب بين وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية على أمل إعادة المفاوضات بينهما قبل سبتمبر (أيلول) المقبل. وتعتبر واشنطن أن ترسيم الحدود، مع تبادل أراض متفق عليه، سيعني الانتهاء من الكثير من العقبات أمام بدء مفاوضات السلام، وطريقة أيضا لتهدئة الفلسطينيين وإقناعهم بعدم التوجه إلى الأمم المتحدة وإحراج الولايات المتحدة.

وبعد إرسال هيل وروس إلى المنطقة للقاء المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين لدفع الطرفين إلى التفكير بالتفاوض، تنتظر إدارة أوباما بلورة الحكومة الفلسطينية الجديدة واختيار رئيس وزرائها للتأكد من عدم عرقلة حماس أي جهود للتفاوض. وأفادت مصادر أميركية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن إدارة أوباما تعتبر الأسابيع المقبلة حاسمة من حيث استعادة وتيرة التفاوض وعدم السماح للاضطرابات في المنطقة كي لا تكون حجة لوقف جهود إحياء عملية السلام.

وفي هذا السياق، أعدت السلطة الفلسطينية رسالة تعتزم توجيهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967. وتطالب الرسالة التي لم ترسل بعد ولم يحدد موعد إرسالها، باتخاذ الخطوات الملائمة من أجل البحث بصورة إيجابية في طلب قبول فلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة. وتتضمن الرسالة طلبا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها كعضو دائم في الأمم المتحدة وعضو في المحكمة الدولية في لاهاي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

إلى ذلك، وصف الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس الخطوة الفلسطينية إلى مجلس الأمن بأنها مجرد «وهم وخدعة». وقال خلال لقاء إذاعي، أمس «هناك إمكانية للوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في الأشهر القريبة»، معتبرا أن «الفجوات بين الجانبين هي فجوات نفسية وليست جوهرية». وأكد بيريس أن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقد (الفيتو) على أي حال ضد طلب الفلسطينيين في مجلس الأمن. وتابع «لن يحقق الفلسطينيون أمنيتهم، أي قرار يحصلون عليه فارغ المضمون ولن يتمتع بصلاحية قانونية، وسيبقى القرار حبرا على ورق».

لكن في المقابل، حذر بيريس من أن إسرائيل مندفعة نحو فقدان طابعها اليهودي والديمقراطي في حال استمر الجمود السياسي، معربا عن خشيته من تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية. وقال بيريس «نحن نسير إلى الهاوية وسنصطدم بالحائط وسنخسر الدولة اليهودية». وأضاف أن «من يقبل التفاوض على أساس حدود عام 67 سيحظى بدعم دولي واسع، في حين أن من يرفض ذلك سيخسر العالم برمته».