حكومة «الشراكة الوطنية» تنقسم على نفسها داخل «ساحة التحرير»

الصدر انتقد إثارة جهات حكومية حادثة عرس الدجيل واعتبرها «تصفية حسابات»

TT

للجمعة الثانية على التوالي بعد انتهاء مهلة المائة يوم التي كان قد حددها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للقيام بإصلاحات حكومية ومحاربة الفساد لم يتغير إيقاع المظاهرات المناوئة أو المؤيدة أمس. فالمتظاهرون التقليديون الذين اعتادوا التظاهر كل جمعة في ساحة التحرير وسط بغداد منذ الخامس والعشرين من فبراير (شباط) الماضي وبدعم من منظمات المجتمع المدني وناشطين في حقوق الإنسان والحزب الشيوعي العراقي لم يجدوا طبقا للشعارات التي اعتادوا على رفعها أسبوعيا أي جديد من خلال جلسات مجلس الوزراء المتلفزة وهو ما دعا بعضهم إلى رفع شعارات تدعو للمرة الثانية إلى إسقاط الحكومة.

وعلى الرغم من بقاء المظاهرات في حدها الأدنى جماهيريا (لا تتعدى كل جمعة بضع مئات) فان أطرافا مؤيدة للمالكي استثمرت حادثة «عرس الدجيل» للتظاهر مرة لحث القضاء على سرعة إصدار أحكام الإعدام ومرة لدعمه بسبب إصداره أحكام الإعدام في غضون أسبوع. ففي الأسبوع الماضي تظاهر المئات من أنصار حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي للتنديد بجريمة «عرس الدجيل» التي وقعت عام 2006 شمال غربي بغداد من قبل عناصر تنتمي إلى الجيش الإسلامي اختطفت وقتلت موكب عرس مكون من 70 شخصا مطالبين القضاء بسرعة إصدار إحكام الإعدام وهو ما حصل بالفعل حيث أصدرت إحدى المحاكم العراقية أول من أمس حكما بإعدام 15 مدانا بهذه العملية. وكانت قد وقعت اشتباكات بالأيدي الجمعة الماضي بين أنصار المالكي الذين مزقوا صور زعيم القائمة العراقية إياد علاوي وبين المتظاهرين المؤيدين لإجراء إصلاحات سياسية وهو ما أدى إلى تأزيم العلاقة بين العراقية ودولة القانون وتعريض العملية السياسية في العراق إلى خطر التصدع على أثر الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بعدم تنفيذ اتفاقيات ما أطلق عليه حكومة «الشراكة الوطنية» طبقا لمبادرة أربيل.

وخلال اليومين الماضيين اللذين سبقا مظاهرات أمس تبادلت الأطراف الرئيسة في الحكومة العراقية حرب بيانات من نوع آخر. ففي الوقت الذي دعا فيه المالكي القوات الأمنية إلى القيام بواجبها حيال المتظاهرين ومنع حصول احتكاكات بينهم في ساحة التحرير فإن القائمة العراقية حذرت عبر بيان لها من عدم تكرار ما سمته «مهزلة الجمعة الماضية» داعية في الوقت نفسه إلى احترام حقوق الإنسان وعدم التعرض للمتظاهرين تحت أي ذريعة كانت. ومن جهته وعلى الرغم من كونه شريكا للمالكي في تحالف واحد هو التحالف الوطني فقد اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في بيان له أن «إعلان مثل هذه الجريمة النكراء من قبل بعض الحكوميين ما جاء لأجل الشعب ولا لعقابهم، بل جاء لتصفيات سياسية يسقط بعضهم بعضا» على حد وصفه. وفيما طالب الصدر بإنزال أقصى العقوبات بحق المدانين بهذه الجريمة فإن بيانه خفف عبء المواجهة عن القائمة العراقية حيال عمليات التعبئة الجماهيرية والإعلامية. وكانت بغداد وعدد من المحافظات الوسطى قد شهدت أمس مظاهرات تراوحت بين المطالبة بالإصلاحات السياسية ومحاربة الفساد وبين تأييد أحكام الإعدام التي صدرت بحق منفذي مجزرة «عرس الدجيل». وكان مئات المتظاهرين قد رفعوا في ساحة التحرير شعارات مناوئة للمالكي داعية إلى إسقاط حكومته مثل «جمعة ورى جمعة المالكي أنطلعه» و«جمعة ورى جمعة الفاسد أنطلعه». وفي مقابل هذه المظاهرة فقد خرجت مظاهرة أخرى تأييدا لقرار حكم الإعدام شنقا حتى الموت ضد المدانين بحادثة عرس الدجيل. وفي كربلاء خرجت مظاهرة قام بها وجهاء وشيوخ كربلاء تأييدا لقرار حكم الإعدام شنقا حتى الموت ضد المدانين بحادثة عرس الدجيل، مطالبين القضاء بحسم القضايا المشابهة بأسرع وقت ممكن. وطالب متظاهرو كربلاء برفع دعوى قضائية ضد بعض وسائل الإعلام التي أساءت إلى ذوي ضحايا عرس الدجيل وضد السياسيين الذين وصفو متظاهري الجمعة الماضية بالبلطجية. وفي الكوت نظم المئات من أهالي قضاء العزيزية في محافظة واسط مظاهرة للمطالبة بمحاكمة مرتكبي جريمة قتل أحد صاغة الذهب في محاكم واسط حصرا، وإصدار حكم الإعدام بحقهم، وفي حين هددوا بقطع الطرق المؤدية إلى العاصمة بغداد وكافة المحافظات، أيدوا قرار حكم الإعدام شنقا حتى الموت ضد المدانين بحادثة عرس الدجيل. وهدد المتظاهرون بقطع الطريق العام الذي يربط العاصمة بغداد مع المحافظات الجنوبية في حال تم نقل محاكمة أفراد تلك العصابة إلى خارج واسط تحت أي ذريعة كانت.