كندا تخشى تضرر صورتها بعد شغب مباراة هوكي

فانكوفر المتباهية بتنظيمها الرائع للأولمبياد السابقة تشهد خسائر وإصابات بشرية

الشرطة تحاول احتواء الشغب بعد مباراة فانكوفر كانوكس وبوسطن بروينز في فانكوفر (أ.ف.ب)
TT

هوس كندا الأعظم، لعبة الهوكي، أوقعها في إحراج كبير عندما تسبب فريق فانكوفر كانوكس في اندلاع أسوأ أحداث شغب شهدتها البلاد منذ عقود. فقبيل انتهاء المباراة السابعة لنهائيات كأس ستانلي، ليلة الأربعاء الماضي، ومع تقدم فريق بوسطن بروينز على الفريق صاحب الأرض بـ4 نقاط مقابل لا شيء، بدأت الجماهير الغاضبة في القيام بأعمال شغب لمدة 4 ساعات في وسط المدينة؛ حيث أضرمت النيران في السيارات وهاجمت عمال الإطفاء وقامت بعمليات نهب وسرقة للمتاجر وإشعال النار بها وإجبار العاملين في المتاجر متعددة الأقسام إلى الاختباء في الحمامات لساعات بدافع الرعب.

ويوم الخميس، شرع العمال في تغيير الواجهات الزجاجية للمحال التجارية وتغطيتها بالخشب، بينما راح مئات المتطوعين ينظفون المكان من الحطام في دولة تفتخر بالتعايش السلمي، بينما تواجه تساؤلات حول العيوب المحتملة في الهوية القومية.

خشي البعض من أن تخسر فانكوفر تأكيدها حسن النوايا الذي أثبتته من خلال استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية بنجاح العام الماضي. وتساءل كثيرون عن سبب فقدان أفراد الشرطة، الذين تمكنوا من السيطرة على عدد غفير من الجماهير في ظل أوقات عصيبة خلال دورة الألعاب الأولمبية، السيطرة على الوضع هذه المرة.

وكتب إيان مالغرو، كاتب عمود في صحيفة «فانكوفر سان» الخميس: «كان يفترض أن نستيقظ اليوم كمن كان مخمورا الليلة الماضية للفوز بكأس ستانلي. لكن ما حدث هو أن الدولة فتحت أعينها على واقع أليم لطخت فيه سمعة الدولة».

ولا تعتبر أعمال الشغب التي حدثت خلال مباراة هوكي الثلج جديدة في كندا، ففي عام 1994، بعد خسارة فريق كانوكس لكأس ستانلي أمام فريق نيويورك غانغرز، اندلعت أعمال شغب في شوارع فانكوفر. لكن سرعان ما تم التقاط صور بآلات التصوير الشخصية وكاميرات الهواتف المحمولة لحجم ونطاق أعمال الشغب التي شهدتها مدينة فانكوفر يوم الأربعاء وانتشرت عبر الإنترنت ليتبين كم كانت أكبر من أي أعمال شغب شهدتها البلاد من قبل. ولم تتوافر على الفور أرقام رسمية عن الخسائر، إلا أن تقارير إخبارية أشارت إلى أن الخسائر تقدر بملايين الدولارات.

ووعد العمدة غريغور روبرتسون بإجراء تحقيق في الأمر، لكنه امتنع عن انتقاد أداء الشرطة. وقال وهو في مفترق طرق شهد منذ 12 ساعة هجمات عشوائية وعمليات نهب وإشعال سيارات: «سننظر في الأحداث كلها التي وقعت، والحلقات المفقودة في انتشار قطاع الطرق في شوارع المدينة. يمثل حجم المجرمين وتنظيمهم تحديا كبيرا». وفي الوقت الذي حدثت فيه خسائر كبيرة في الممتلكات، لم تحدث خسائر كبيرة في الأرواح ولم تحدث إصابات كثيرة. وبحسب تصريحات هيئة صحة فانكوفر، تلقى نحو 170 شخصا مصابا العلاج في مستشفيين ولا يزال أربعة منهم في المستشفى. وصرحت الشرطة بأن 5 من أفراد الشرطة أصيبوا. وألقي القبض على نحو 100 شخص، لكن من المتوقع أن يزداد العدد. ولم يحاول الكثير من مثيري الشغب إخفاء هويتهم وطلبت الشرطة من الناس إرسال المقاطع المصورة والصور الفوتوغرافية التي التقطوها أثناء تلك الأحداث.

وقد أكدت الشرطة مرارا أنه سيتم العمل على تجنب تكرار أعمال الشغب التي حدثت عام 1994 في الخطة الأمنية التي تبلغ تكلفتها 1.3 مليون دولار، والتي تضمنت إغلاق كل متاجر بيع الخمور في وسط المدينة خلال الليلة التي تسبق آخر مباريتين في البطولة. يُذكر أن هذه الأعمال كانت أقل حدة، لكنها تسببت في خسائر تقدر بما يزيد على مليون دولار. ورفض جيم تشو، رئيس قسم شرطة فانكوفر، ما أثير من أقوال حول عدم استعداد قوات الشرطة. وقال للصحافيين الخميس: «عندما يكون لدى عدد كبير من المجرمين والفوضويين هدف مشترك ورغبة في خرق القانون، يكون من الصعب جدا منع ذلك. كان عدد المتجمهرين كبيرا وكان من الصعب القيام بأي شيء فعال».

تم تقدير عدد الجمهور الذي شاهد المباراة على شاشات التلفزيون العملاقة في شوارع وسط المدينة بمائة ألف شخص. ولم تكن أفراد الشرطة هي الوحيدة التي واجهت صعوبات، فقد استمر اشتعال بعض الحرائق لساعات بسبب الهجوم على رجال الإطفاء أو بسبب قطع خراطيم المياه التي يستخدمونها، مما اضطرهم إلى الانسحاب. ومع هجوم مرتكبي أعمال النهب والتخريب على متجر «هادسون باي كومباني» متعدد الأقسام الذي تبرز واجهته المكسوة بالطين الأبيض في منطقة التسوق في المدينة، هرع العاملون في المتجر إلى الحمام الذي يقع في الطابق العلوي واختبأوا به لساعات حتى أنقذهم رجال الإطفاء. ويظهر في أحد المقاطع المصورة جمع من الناس يطرحون رجلا أرضا ويوسعونه ضربا خارج المتجر لمحاولته منعهم من اقتحام المتجر.

ويتناقض عجز الشرطة عن التعامل مع العنف مع أدائها خلال الأولمبياد؛ حيث نجحت بمساعدة أفراد شرطة من مختلف أنحاء كندا في السيطرة على حشد كبير من الناس وكذلك على مظاهرات عنيفة ذات أسباب سياسية.

وقال إروين كوهين، مدير قسم علم الجريمة بجامعة فريزر فالي في مدينة أبوتسفورد بكولومبيا البريطانية: إن الشرطة تجنبت، على الأرجح، اندلاع مزيد من أعمال العنف من خلال العمل على الحد من عددها واللجوء لاستخدام القوة. لكنه أضاف أنه ربما كان من الأفضل نشر تعزيزات من المدن المجاورة وشرطة الخيالة الكندية الملكية بدلا من انتظار استدعائهم أثناء أعمال الشغب. وقال جيف ماثيوز، 34 عاما، ويقيم في وسط المدينة: «لقد كنا محط أنظار العالم خلال الأولمبياد، وكان الناس يتحدثون بإيجابية عن فانكوفر. إنها مدينة رائعة وبلد جميل، لذا من المؤلم رؤية ما حدث».

* خدمة «نيويورك تايمز»