ليبيون يعالجون في القاهرة: كتائب القذافي ترتكب أبشع الجرائم في التاريخ

تحدثوا لـ «الشرق الأوسط» عن إصاباتهم وأكدوا ثقتهم في نجاح الثورة

أحد المصابين الليبيين في أحد المستشفيات بالقاهرة
TT

في أحد المستشفيات المتخصصة بضاحية مصر الجديدة في القاهرة، يتناثر العديد من الحكايات الموجعة، يرويها مواطنون ليبيون، اخترقت أجسادهم رصاصات كتائب القذافي، عقابا لهم على مطالبتهم بالحرية وبحياة عادلة.. لجأوا إلى مصر للعلاج بعد أن ضاقت المستشفيات في بلادهم بالجرحى والمصابين، وتهدم معظمها على يد كتائب العقيد، ناهيك بنقص الأدوية والمعدات والكوادر الطبية.

تتنوع مشاهد الحكايات وفصولها الدامية؛ فمنهم من فقد أخاه أمام عينيه ورآه وهو يلفظ آخر أنفاسه، ومنهم من يرتعد جسده ويبكي حينما يتذكر هول ما جرى، ومنهم من فقد الأمل في الحياة بعد أن أقعدته الإصابة عن الحركة، ومنهم من أصيب نتيجة خيانة بعض المندسين وسط الثوار.

حميد وهدان، من منطقة الجبل الأخضر وأحد أفراد الأجهزة الأمنية السابقة التابعة لحكم القذافي، يروي لنا كيف تعرض للإصابة وكيف انشق عن القذافي وهو رجل في جهاز الاستخبارات العسكرية الليبي، قائلا: «في يوم 20 فبراير (شباط) الماضي بدأ غضب الشعب الليبي وتكاتفه، بعد هجوم كتائب القذافي والمرتزقة، حيث قام 3 أشخاص من ذوي البشرة السوداء بالرقص والتهليل والتباهي بعد إطلاق النار وإصابة أو قتل أي شخص يمر في الشارع، حتى الأسرى كانوا يقتلونهم، مما أدى لاستفزاز الأهالي بعد مقتل أبنائهم أمام أعينهم، فتكاتفوا، كما انشق العديد من الأجهزة الأمنية عن القذافي، واستطاعوا بعد ذلك أن يسقطوا الوحدات العسكرية بكل أسلحتها». يتابع وهدان: «أما عن إصابتي واستشهاد أخي رحمة الله عليه، ففي عملية اقتحام مطار الأبرج كان معي اثنان من إخوتي، كنا في المقدمة نحاول عمل فتحات في جدار المطار لعبور الثوار، وكان جنود القذافي كثيرين ومعهم ذخيرة متنوعة.. حاصرونا وأطلقوا النار علينا، وحينها تم استشهاد أخي أمام عيني بعد إصابته بالعديد من الطلقات التي فتحت علينا كالمطر، ولفظ أخي آخر أنفاسه، وسيطر الثوار حينها على المطار، ونتيجة القصف الدائم أصبت في ركبتي بقدمي اليسرى بطلقة فصلت الركبة عن قدمي.. الحمد لله، الثوار الآن أقوى ويتقدمون وسوف ينتصرون».

ولا يريد عطية عبد الرحمن أن يتذكر ما حدث وقت إصابته؛ فحينما سألته، تغيرت معالم وجهه وقال: «لا أرغب في التحدث، ولا أريد أن أتذكر، لكن عمه المرافق له أخبرني أنه أصيب يوم 18 فبراير في مدينه شحات، وقت خروج المتظاهرين لتشييع جثمان بعض الشهداء، وفي مقدمتهم الصبية رقية فوزي (13 عاما) التي أشعلت الثورة في شحات بعد استخدام قوات القذافي أسلحة مضادة للطائرات وإطلاقها عشوائيا على مباني المدينة، مما زاد حماس أهالي المدينة، وقام الشباب بقطع طريق عودة المرتزقة من مدينة البيضا بعد معركة قوية هناك، ومواجهة كتيبة العقيد عبد القادر سلطان القذافي التي تتمركز في مدينة شحات، وأصيب عطية الذي كان في مقدمه الصفوف برصاصة في الركبة أدت لتهشم المفاصل بعد إطلاق النار العشوائي الكثيف الذي أدى لاستشهاد العديد من الثوار، فهذه الذكري أليمة بالنسبة لعطية لأنه رأى أصدقاءه يستشهدون أمامه ويتساقطون على الأرض وسط الدماء، وبعدها ظل عطية يعالج في ليبيا حتى 7 مارس (آذار) الماضي، ثم جاء إلى مصر لاستكمال العلاج، وهو الآن يرتدي جهازا حديديا بطول ساق قدمه ولا يتحرك إلا بعكازين».

أما الشاب عبد الله فرج الذي أصيب نتيجة خيانة أحد المندسين، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «في يوم 22 مارس (آذار) وأثناء مواجهة الثوار مع قوات القذافي في الجبل الأخضر، كان هناك شخص مندس بيننا، وكنا مختبئين في مكان متفق عليه لا يعرفه إلا نحن، وسنخرج لمفاجئة الكتائب والمرتزقة لإيقاع خسائر فيهم وتحقيق مكاسب للثورة، وفوجئنا بإطلاق 20 صاروخا علينا من جراج، وانفجر صاروخ أمامي وآخر خلفي ودخلت في جسدي شظية كبيرة من بقايا الصاروخ في منطقة الحوض الخلفي وتم استخرجها».

ويروي طارق من مدينة شحات أنه «بعد استخدام قوات القذافي أسلحة مضادة للطيران وإطلاقها عشوائيا على المواطنين ومباني المدينة، تم ضربي بطلقات خارقة حارقة التي لا تتحملها الأجسام الصلبة وتسببت في حدوث إعاقة في قدمي».

ويقول خالد عبد العزيز: «خرجنا في مظاهرة يوم 16 فبراير في مدينة البيضا، فأطلق الأمن الداخلي الليبي النار علينا وأصبت برصاصة دخلت في الحوض، ونقلت إلى السلوم لاستكمال العلاج ومنها إلى القاهرة».

وبصعوبة، قال عبد الحفيظ عوض من مدينة بنغازي إن قوات القذافي أطلقت الرصاص على عموده الفقري، لذلك فهو لا يستطع التحرك ولا التحدث بشكل سليم نتيجة شده الإصابة، ولكنه قال إن «المشهد كان صعبا.. تمت خيانتنا من الأمن الداخلي»، وظل عبد الحفيظ يحمد الله ويدعو لنصرة الثورة.

الوضع نفسه يعانيه يونس من مدينة بنغازي.. فهو لا يستطع التحدث بشكل جيد، ولكنه قال في صوت منخفض: «أصبت أسفل بطني على يد الأمن الداخلي ولجان ثورية هجموا علينا في وحدة سكنية بمنطقة شب علاف، وكنا حينها نلتزم بالسكن ولم نخرج إلى الشوارع فأطلقوا علينا النيران وقتلوا العديد، وكانوا يصوبون الطلقات على القلب والرأس والبطن، ومات كثيرون، ولا أتذكر ما حدث بعد ذلك، وبعد عدة أيام تم نقلي إلى القاهرة».. ثم ابتسم يونس وأشار بأصابعه بعلامة النصر.