ناشطون سوريون يستخفون بإعلان مخلوف تحوله إلى الأعمال الخيرية

اعتبروا كلامه للاستهلاك الإعلامي وسخروا من «تقواه المفاجئة»

TT

لم تمنع إطلالة رجل الأعمال رامي مخلوف ابن خال الرئيس عليهم ليل الخميس، ليعلن أنه لن يتعاطى المشاريع التجارية بعد اليوم، السوريين، من الخروج في اليوم التالي بمظاهرات عارمة مصممين على إبداء رأيهم فيه. ففي الزبداني كتب المتظاهرون على لافتة، ردا على إعلان مخلوف عزمه التوجه إلى العمل الخيري: «آخر صرعة: رامي مخلوف ينوي تسيير رحلات حج وعمرة على حسابه الخاص». إذ يبدو أن الثقة قد فقدت تماما بين السوريين من المحتجين والنظام السوري ورموزه من سياسيين واقتصاديين. ولم يعد ما يطلقه النظام من وعود «إصلاحية»، يعني لهم الكثير، أو أكثر من كونه «محض ثرثرة للتغطية على فظاعات ترتكبها على الأرض قوات الأمن والشبيحة ودبابات الجيش»، بحسب ما كتبه ناشط سوري على صفحته في «فيس بوك» تعليقا على تصريحات مخلوف.

ورأى أحد المتابعين للشأن الاقتصادي في طريقة إعلان مخلوف أنه لن يتعاطى بعد اليوم مشاريع تجارية، مؤشرا على بدء اعتراف النظام بوجود مشكلة. فخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، تصرف النظام مع ما يجري بوصفه أعمال شغب يمكن إخمادها مع إرسال أول دبابة، أو أنه أزمة عارضة نتيجة مؤامرة دولية، وستمر كما سبق ومرت أزمة 2005 على خلفية اتهام النظام السوري بالضلوع في عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

ولكن رغم إعلان مخلوف تحوله إلى ممارسة الأعمال الخيرية، فإن الكثير من السوريين يشككون بمصداقيته وأسباب إعلانه. ويذكر محمد، وهو مواطن سوري، أن المؤتمر الصحافي الذي عقده مخلوف كان «للاستهلاك الإعلامي لا أكثر». ويضيف: «عدا تعثر مخلوف بالقراءة كتلميذ مدلل وكسول، اتضح أن هذا الإعلان كلام فضفاض للضحك على اللحى، والإيهام بأنه يقدم تضحيات».

وبدوره كتب الصحافي السوري حكم البابا المعروف بسخريته ومعارضته للنظام في السياق ذاته: «اليوم وبعد التقوى المفاجئة لمخلوف وحنانه المذهل على إخوته السوريين، أقول إنه يعتقد أنه الوحيد بين السوريين الذي قرأ قصة (ليلى والذئب)، وهو يقوم حاليا بدور الذئب فيها بعد أن ارتدى ثياب جدة ليلى ونام في سريرها».

أما دعوة مخلوف زملاءه من رجال الأعمال إلى التمثل به وتقديم «التضحيات»، لأن الآن حان «وقت العطاء» فسرعان ما سقطت حين ناقض نفسه بالقول «هناك من يضحي بروحه ونحن نضحي بشوية فلوس ليس لها قيمة». وتساءل الناشطون السوريون «إذا كانت شوية فلوس لا قيمة لها لماذا وصفها بالتضحيات». وأضافوا أن «الكلام بدا غير مترابط منطقيا، إذا كان يقول الشيء ونقيضه، فهو بعد أن تكلم عن اعتزاله (البزنس) (الأعمال) واتجاهه للعمل الخيري لأن (متعة) العمل الخيري وعوائده المعنوية تفوق كثيرا (متعة العوائد المادية للبزنس)، أعلن عن مشروعين استثماريين؛ الأول بناء وحدات سكنية على عقارات غير واضح إذا كان ستمنحها للدولة أم سيأخذها من الدولة، وأن هذه الوحدات ستباع للمواطنين بسعر الكلفة، أي إنه في النهاية سيتقاضى ثمنها، أي سيضحي بالأرباح، دون إعلان عما إذا كان سيقدم كشوفا واضحة بالتكاليف». ويضيف الناشطون أن الإعلان الأخير جاء ومخلوف «يعلم أن المشكلة الرئيسية التي دفعت أهالي المعضمية إلى التظاهر في البداية، هي خسارتهم لأراض واسعة استملكتها الحكومة السابقة بغرض إقامة مشاريع للنفع العام. وبعد خمس سنوات وبموجب قانون الاستملاك إذا لم يتم تنفيذ المشروع فإما تباع الأراضي لأصحابها - تباع ولا ترد - أو تطرح في المزاد العلني. وأراضي المعضمية طرحت للمزاد وبمحض الصدفة رست على شركات تابعة لرامي مخلوف». ويتساءل المنتقدون لمخلوف «هل على هذه الأراضي سيبني مخلوف وحداته السكنية التي سيتبرع بأرباحها؟».

كما يشكك الناشطون في المشروع الاستثماري التنموي الذي طرحه، وهو «تربية الأبقار واستجرار الحليب»، وقوله إن هذا المشروع سيساعد على استقرار أهل الريف في مناطقهم. ويقولون إن مخلوف «لم يقل إنه مشروع سيدر على شركته الكثير من الأرباح، وإن دخوله على خط المشاريع الزراعية يعني بشكل ما احتكار تربية الأبقار، كما هو حال باقي القطاعات التي دخلها من اتصالات ومصارف وسياحة ونقل.. إلخ».

وكتب الصحافي إياد شربتجي ساخرا وبصيغة من يحمل بشرى سارة للسوريين: «رامي مخلوف تاب يا جماعة. ويشير الناشطون أيضا إلى أنه عندما قالت صحافية لمخلوف، إن تنازله عن حصته في شركة «سيريتيل» للهاتف الجوال للاكتتاب، لا يعني تنازله عن كل شركاته كما فهم من تصريحاته بداية الأمر، رد بأن «شركة سيريتيل هي الأهم بين شركاته وأن حصته فيها 40% طرحها للاكتتاب للمواطنين السوريين وسيستفيد منها نحو 100 ألف مواطن وعوائدها ستذهب لأسر الشهداء الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة».

ويشير الناشطون إلى أن هذا ما اعتبره مخلوف «تضحية كبيرة منه، مع العلم أن الدولة تقول إن الشهداء هم من قوات الأمن والشبيحة والجيش، أما الذين قتلوا في مختلف أنحاء البلاد من المتظاهرين والذين تجاوز عددهم الـ1200، فنسبة ضئيلة منهم اعترفت السلطات بأنهم يعاملون معاملة الشهداء». ويقول الناشطون إن «هذه النقطة لم تكن واضحة في كلام مخلوف، ولم يجرؤ أي من الصحافيين المشاركين في المؤتمر على طرح هذا السؤال. أي من هم الشهداء الذين سيخصهم مخلوف بعنايته؟