ردود متباينة إزاء الدستور المقترح في المغرب

الأحزاب تؤيد و«العدل والإحسان» تنتقد و«20 فبراير» تدعو لمسيرات

TT

أجمعت الأحزاب السياسية المغربية على تأييد مشروع الدستور الجديد، الذي خول صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان، بينما ينتظر أن تعلن هيئاتها المقررة (برلمانات الأحزاب)، اليوم (الأحد)، موقفها الرسمي بخصوص التصويت لصالح الدستور اليوم، لكن بموازاة ذلك انتقدت مصادر في «حركة 20 فبراير الشبابية» الاحتجاجية الدستور الجديد، وقالت إنه لم يلب مطالبها، وتبنت «جماعة العدل والإحسان» الأصولية المحظورة موقفا مماثلا.

في المقابل، قالت «حركة 20 فبراير» إنها ستمضي قدما في دعوتها لمسيرات شعبية، اليوم (الأحد)، في عدد من المدن المغربية. وكانت الحركة دعت إلى هذه المسيرات قبل أسبوع، لكن ليس من أجل الإعلان عن موقفها من الدستور الجديد، بل تخليدا «لانتفاضة 20 يونيو (حزيران) 1981 بالدار البيضاء»، وهي الانتفاضة التي اندلعت في المدينة نتيجة قرار الحكومة بالزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتم التعامل معها بعنف مفرط من قبل السلطات آنذاك، حيث قتل وجرح عدد كبير من المتظاهرين، وقالت الحركة إن المسيرة ستنظم «لتخليد شهداء 20 يونيو» ولتأكيد تشبثها بتحقيق مطالبها.

وقال نجيب شوقي، أحد أعضاء فرع الرباط في حركة 20 فبراير، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المشروع الذي طرحه الملك لا يستجيب إلى مطالبنا في فصل حقيقي للسلطات. وسنحتج سلميا الأحد ضد المشروع».

وتطالب الحركة الشبابية بإصلاحات سياسية عميقة، وبملكية برلمانية، وتنظم مظاهرات منتظمة في الشارع. وأضاف شوقي: «لقد دعت التنسيقيات الوطنية (للحركة) إلى التظاهر الأحد من أجل دستور ديمقراطي حقا وملكية برلمانية».

ويتوقع تنظيم مظاهرات خصوصا في الرباط والدار البيضاء وطنجة (شمال) ومراكش (جنوب) وفاس (وسط)، بحسب ما جاء في صفحة حركة 20 فبراير على موقع «فيس بوك» الاجتماعي، التي تضم أكثر من 60 ألف عضو.

وانتقدت جماعة العدل والإحسان الدستور الجديد، وقالت إنه «تميز بأسلوب تعويمي تحدث عن كل شيء ولم يعط أي شيء»، وأشارت في بيان لها، صدر أمس، إلى أن «الدستور كرس الصلاحيات المطلقة للملك، فهو رئيس المجلس الوزاري، ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، ورئيس المجلس الأعلى للأمن، ورئيس المجلس العلمي الأعلى، وله سلطة حل البرلمان وإعفاء الوزراء، ويعين رئيس المحكمة الدستورية ونصف أعضائها، وسلطات أخرى واسعة غير مقيدة، إضافة إلى صفة الحكم الأسمى وإمارة المؤمنين التي تخول للملك صلاحيات فوق الدستور».

وأضافت: «إننا للأسف ما زلنا بعيدين عن الدستور الديمقراطي منهجية وشكلا ومضمونا، وما زال المغرب لم يخرج من جلباب الدساتير الممنوحة».

وفي مقابل المواقف الرافضة، خرجت الليلة قبل الماضية مظاهرات تلقائية في عدد من المدن المغربية، بعد أن ألقى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، خطابه، وعبر المتظاهرون عن تأييدهم للدستور الجديد.

وفي سياق ردود أفعال قادة الأحزاب السياسية، قال عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، إن اللجنة التنفيذية للحزب قررت بالإجماع التصويت لصالح مشروع الدستور الجديد. وقال الفاسي: «إننا في الواقع أمام دستور جديد غير كل شيء في العمق لصالح الديمقراطية واستقلال القضاء وتخليق الحياة العامة والحكامة والوزير الأول والبرلمان ووضع المعارضة، والهوية والروافد الثقافية الوطنية».

ويضيف الفاسي أن مشروع الدستور جاء بعدد من المجالس العليا على رأسها المجلس الأعلى للأمن، الذي سيضم مدنيين وعسكريين، وكذا بعض المجالس العليا التي تتعلق بالشباب والعمل الجمعوي والأسرة والطفولة».

من جهته، أشاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، بخطاب الملك، وقال إنه «جيد وإيجابي»، مبرزا أن الملك قدم في هذا الخطاب عرضا مسهبا لمشروع الدستور الجديد الذي يختلف بشكل جذري مع الدساتير السابقة. وأضاف أن الدستور الجديد يستجيب «على العموم بشكل إيجابي» للتطلعات، خصوصا فيما يتعلق بمجال إعادة توزيع السلطات وتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان وضمان استقلالية القضاء واحترام الهوية».

بدوره، قال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة، إن خطاب الملك يعد لحظة تاريخية حقيقية مكنت المغرب من الدخول في عهد ديمقراطي جديد، وأكد أن المغاربة يتوفرون اليوم على مشروع دستور يؤسس لبناء دولة ديمقراطية حديثة يتوفر فيها فصل وتوازن حقيقي للسلطات بالإضافة إلى إدخال كل المفاهيم الحقوقية المعمول بها في أرقى الديمقراطيات، وكل ما يتعلق بالحرية والمساواة.

وأوضح بن عبد الله أن كل ذلك يتم في إطار تحسين حقيقي للهرم المؤسساتي ولشروط الحكامة الجيدة، مع إشارة إلى المصالحة الحقيقية التي أتى بها هذا الدستور من خلال اعتراف رسمي بالمكون الأمازيغي. وأضاف أن السلطات اليوم أصبحت واضحة؛ حيث صلاحيات المؤسسة الملكية محددة بين ما هو ديني وما هو سياسي، كما أن الدستور الجديد يضع السلطة التنفيذية في يد حكومة منتخبة، والسلطة التشريعية في يد البرلمان بشكل حصري، علاوة على الآليات المضبوطة لضمان استقلالية القضاء.

كذلك، قال محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية المشارك في الحكومة، إن الدستور الجديد «يستجيب لمعظم النقاط التي تقدم بها الحزب للجنة التشاور، وكذا لقضايا كبرى كالهوية وإقرار اللغة الأمازيغية ومخطط الجهوية المتقدمة (الحكم اللامركزي) بالإضافة إلى جوانب أخرى ذات أهمية بالغة، كالسلطات الجديدة المخولة لرئيس الحكومة المقبل والبرلمان المقبل واستقلالية القضاء».

وقال العنصر: «سندعو اليوم، خلال اجتماع المجلس الوطني للحركة الشعبية للتصويت بنعم على هذا المشروع، والتعبئة حتى تكون المشاركة في الاستفتاء المقبل في المستوى المطلوب».

وقال محمد اليازغي، وزير الدولة والقيادي في الاتحاد الاشتراكي: «إن الشعب المغربي يستحق هذا الدستور الجديد، وسيعرف كيف يجعل منه حقيقة ملموسة في واقعه اليومي».

وقال اليازغي إن هذا الدستور «يضمن الكرامة والمشاركة والتطور الاقتصادي بتعبئة كل إمكانيات الشعب، سواء على المستوى المركزي أو بالنسبة للجهة التي أصبحت من مكونات الدولة المغربية اللامركزية».

وأضاف أن هذا الدستور سيجعل المغرب في «مصاف الدول التي فيها ديمقراطية عريقة»؛ حيث عزز اختصاصات البرلمان ووسع من الاختصاصات المخولة لرئيس الحكومة والحكومة، إلى جانب اهتمامه بقضايا حقوق الإنسان التي اتسعت وتأكيده على الهوية المغربية باعتبارها «هوية متعددة غنية».

وشدد على أن هذا الدستور مثله مثل جميع الدساتير «يحتاج إلى رجالات وإلى قوى سياسية متقدمة وإلى تعبئة شعبية ووعي شعبي»، مشيرا إلى أن «المغرب له مسار ديمقراطي، ويتوفر على أحزاب سياسية ونقابات حقيقية لها مصداقية».