إخوان ليبيا يرفضون الحوار مع القذافي.. والنظام يستعين بعلماء دين للخروج من الأزمة

الهوني لـ «الشرق الأوسط»: خلافنا سياسي.. وليس مسألة بين زوجين

TT

بينما رفض المجلس الوطني الانتقالي وجماعة الإخوان المسلمين محاولات العقيد الليبي معمر القذافي إقناع الطرفين بالجلوس على طاولة مفاوضات، كثف نظام القذافي اتصالاته مع الأمم المتحدة وحكومتي اليونان وبلغاريا في محاولة للترويج لعرض القذافي بوقف فوري لإطلاق النار بين قواته العسكرية وقوات الثوار المناوئين له مقابل إيقاف حلف شمال الأطلسي (الناتو) عملياته العسكرية في ليبيا.

وعلى الرغم من اللهجة المتشددة التي يستخدمها القذافي وكبار مساعديه بشأن رفض الحديث عن إمكانية تنحيه عن السلطة التي يقودها منذ نحو 42 عاما، فإن عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى مصر والجامعة العربية، كشف في المقابل لـ«الشرق الأوسط» عن سعي القذافي، عبر مبعوثين شخصيين التقوا مؤخرا بعض المحسوبين على المجلس الانتقالي في القاهرة، للحصول على ضمانات بعدم ملاحقته قانونيا وتأمين ما سماه خروجا مشرفا من السلطة، وكشف الهوني عن عرض جديد قدمه القذافي لاستفتاء آراء المشايخ وعلماء الدين الإسلامي بشأن التطورات الراهنة في ليبيا.

وقال الهوني إنه شخصيا اجتمع، قبل أسابيع، مع ممثلين عن الجمعية الإسلامية التي يترأسها الدكتور أحمد الشريف، وإنهم أبلغوه أن سيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي، يؤيد فكرة مفادها أنه يمكن استفتاء عدد من علماء الدين في ليبيا حول ما يجري وتحكيمهم في الخلافات الراهنة بين القذافي والمجلس الانتقالي المناهض له، الذي يتخذ من مدينة بنغازي المحررة مقرا له.

وأوضح الهوني أن العرض كان يقضى بتسمية 10 علماء يختار نظام القذافي 5 منهم من المناطق الغربية، بينما يرشح المجلس الانتقالي الـ5 الآخرين من المنطقة الشرقية، مشيرا إلى أنه رفض هذه الصيغة لأنها تكرس مساعي القذافي لتقسيم ليبيا إلى جزأين: شرقي وغربي.

وأضاف الهوني: «قلنا بشكل واضح لهذا الوفد: إننا سنرشح 4 أشخاص من غير المحسوبين على نظام القذافي ومن المشهود لهم بالعمل الوطني في ليبيا على أن يختاروا العدد المتبقي».

واعتبر أن الخلاف بين القذافي والمجلس الانتقالي ليس خلافا بين زوجين يمكن الاحتكام فيه إلى رأي الدين، مؤكدا أن الشعب الليبي قال كلمته النهائية التي لا رجعة فيها أو عنها بشأن ضرورة رحيل القذافي فورا والآن عن السلطة وليبيا وإلى الأبد. واستطرد: «هذه هي القضية الأساسية، يكفي ما عاناه شعبنا من تهميش وإفقار وفساد على المستويات كلها، على مدى سنوات حكم القذافي، عليه أن يرحل لوقف نزيف الدم الليبي، هذا هو ما نطلبه منه بكل بساطة، لا أكثر». وبدا أمس أن القذافي يسعى لتطوير فكرته بشأن تحكيم علماء ومشايخ الدين الإسلامي في الأزمة الليبية؛ حيث سيزور وفد من وزارة الأوقاف الليبية مكتب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، صباح اليوم الأحد.

وقال بيان للسفارة الليبية في القاهرة: «إن علي ماريا، القائم بأعمال مكتب المتابعة العربي الليبي (السفارة)، سيرافق الوفد للتباحث مع شيخ الأزهر حول ما سماه الأحداث الجارية في ليبيا».

وبالتزامن مع هذه التحركات، أجرى رئيس الحكومة الليبية، الدكتور البغدادي المحمودي، من العاصمة الليبية طرابلس، على مدى الساعات الماضية، سلسلة من الاتصالات الهاتفية شملت، على الترتيب، كلا من: بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وجورج باباندريو، رئيس الوزراء اليوناني، ونيكولاي ملادينوف، وزير الخارجية البلغاري.

وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية: إن البغدادي طلب من الأمين العام للأمم المتحدة التدخل الفوري لوقف ما سماه «عدوان الناتو الصليبي» على الشعب الليبي، كما حمله مسؤولية قتل المدنيين الليبيين الأبرياء وتدمير البنية التحتية لليبيا. وطالب رئيس الوزراء الليبي بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل وقف هذا «العدوان الصليبي الهمجي».

وفى حين دعا المحمودي نظيره اليوناني إلى التدخل لإيقاف «هذا العدوان الذي يستمر بحقد أعمى في انتهاك كل القوانين والمواثيق والأعراف الإنسانية الدولية»، حث وزير الخارجية البلغاري على أن تقوم بلاده بدورها في «إيقاف عدوان الناتو الهمجي الذي لم يتورع عن قصف المدنيين الآمنين والتدمير المتواصل للمنشآت المدنية من منازل ومستشفيات ومؤسسات تعليمية وفنادق وحافلات في ليبيا».

في سياق متصل، دعت وزارة الخارجية الليبية الجمعية العامة للأمم المتحدة، بوصفها ضمير العالم، للانعقاد في جلسة طارئة لاتخاذ قرار بإيقاف هذا العدوان، الذي قالت إنه يعتبر جريمة ضد الإنسانية بحكم ميثاق الأمم المتحدة وغيره من قواعد القانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني.

إلى ذلك، اعتبر سليمان عبد القادر، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، أن الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي لدخول الجماعة في مفاوضات سياسية مع حكومته بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، ما هي إلا محاولة يائسة لشق الصف الوطني عن طريق تقسيمه إلى فئات. وأضاف: «لطالما وصف النظامُ المعارضين في الخارج بأنهم عملاء للمخابرات الأجنبية، فما الذي غيَّر هذه اللهجة إلا لمحاولة بائسة الغرض منها دق إسفين الشك والخلاف في الصف الوطني؟»، مشيرا إلى أن الشائعات التي وردت عن لقاء بين مبعوثي نظام القذافي وبعض الثوار، الغرض منها زراعة الشك في الصف الوطني.

وتابع عبد القادر، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني: «بالنسبة لنا فنحن جزء من هذا الشعب الليبي البطل، الذي ما زال يسطر ملاحم البطولة من أجل الحرية والكرامة. وبعد هذه النفوس التي أُزهقت والدماء التي سفكت والأعراض التي انتهكت والدمار والخراب اللذين قام بهما هذا النظام، وعلى رأسه العقيد القذافي، ضد الشعب الليبي الأعزل». وشدد على أنه «لا حوار إلا على خروج القذافي وأبنائه وزبانيته من ليبيا، وأي دعوة للحوار يجب أن تكون عن طريق الممثل الشرعي للشعب الليبي وهو المجلس الوطني».