مسؤولون ليبيون: مصرع 9 مدنيين ضمنهم 5 أفراد من عائلة واحدة في غارة للناتو على طرابلس

شلقم يتوقع هروب القذافي وسقوط العاصمة تحت ضغط ثوار الجبل الغربي

ليبيون يقفون أمام المنازل التي تعرضت للقصف من طرف طائرات الناتو حسب ما ذكرت الحكومة الليبية ( رويترز )
TT

قال مسؤولون ليبيون إن تسعة من المدنيين قتلوا بينهم خمسة أفراد من عائلة واحدة، وأصيب 18 جريحا، في غارة جوية لحلف شمال الأطلسي في شرق طرابلس في الساعات الأولى من صباح أمس، حسب ما ذكرت «رويترز».

واصطحب مسؤولون بالحكومة الليبية صحافيين إلى منطقة سكنية في حي عرادة بطرابلس، وشاهدوا جثة تنتشل من تحت أنقاض مبنى مدمر.

وقال خالد الكعيم، نائب وزير الخارجية الليبي للصحافيين في مكان الحادث إن هناك استهدافا مقصودا ومتعمدا للمباني المدنية. وأضاف أن هذه علامة أخرى على وحشية الغرب.

وكانت هناك أكوام من الركام وقطع من الخراسانة المتكسرة في هذا المكان وكان هناك حشد كبير من السكان المحليين فيما يبدو يساعدون في إخلاء المكان.

ووصل الصحافيون بعد ساعة ونصف الساعة من سماع دوي الانفجار. وفي المرات السابقة التي كان يصطحب فيها صحافيون لمشاهدة ضربات جوية حديثة كان الدخان يتصاعد من أنقاض المباني المهدمة في العادة وذلك بعد ضربها مباشرة. لكن هذه المرة لم يكن هناك أثر للدخان في المكان الذي قالت الحكومة الليبية إن الحلف استهدفه.

وإذا تأكد هذا الحادث فسيكون ضربة لحملة حلف شمال الأطلسي الذي يساعد المعارضة التي تحارب حكومة العقيد معمر القذافي في وقت يبحث فيه الناتو كيفية الإبقاء على مهمته. وفي مستشفى محلي عرض على الصحافيين ثلاث جثث إحداها لطفل، وقال مسؤولون حكوميون إنهم قتلوا في الغارة الجوية. وكانت إحدى الجثث مغطاة بالركام والغبار. كما شاهد الصحافيون طفلا مصابا.

وقال موسى إبراهيم، المتحدث باسم الحكومة للصحافيين في المستشفى إنها كانت ليلة أخرى من القتل والترويع في طرابلس بسبب حلف شمال الأطلسي. وأضاف أن خمس أسر كانت تعيش في المبنى الذي تعرض للقصف.

ولم يتسن على الفور التحقق مما إذا كانت الجثث الثلاث قد جاءت من المبنى المدمر في حي عرادة. ويقع حي عرادة في منطقة سوق الجمعة المعروف عنها مناهضتها للقذافي.

وقبل أسبوعين اتهم عامل في المستشفى ذاته الحكومة الليبية في رسالة نقلت إلى الصحافيين بالزعم كذبا أن طفلا أصيب في حادث سيارة أنه ضحية لهجوم من حلف شمال الأطلسي.

ووقع الحادث بعد أكثر قليلا من 24 ساعة من اتهام الحكومة الليبية لحلف شمال الأطلسي باستهداف المدنيين على وجه الخصوص.

وبعد أربعة أشهر من الصراع في ليبيا أصبحت المعارضة تسيطر على أغلب أجزاء شرق ليبيا والمنطقة المحيطة بمدينة مصراتة وأغلب أجزاء منطقة الجبل الغربي الممتدة إلى الحدود مع تونس.

وفي مصراتة، قال مراسل لـ«رويترز» إن أربعة مقاتلين من الثوار قتلوا أمس الأحد إثر تعرض مواقعهم إلى الغرب من بلدة مصراتة لنيران مدفعية القوات الحكومية. وذكر المراسل، وهو في مستشفى ميداني قرب خط الجبهة، أنه شاهد القتلى والجرحى أثناء نقلهم إلى المستشفى في شاحنات صغيرة.

وقال مقاتل بالمعارضة يدعى محمد أحمد «تقدم جيش القذافي لنحو كيلومتر وحاول أن يأتي صوبنا ونحن ندافع عن موقعنا. هذا سبب وقوع خسائر في صفوفنا».

ووصل إلى مستشفى ميداني مع زميل له مصاب على ظهر شاحنته الخفيفة المدرعة. وتوفي الرجل المصاب في وقت لاحق في غرفة العمليات مما يرفع عدد القتلى صباح أمس إلى اثنين.

وبعد برهة وصلت شاحنة خفيفة أخرى تحمل على ظهرها جثتين أخريين جرى تغطيتهما بالبطاطين. وتجمع المقاتلون والمسعفون حول الشاحنة وهتفوا «الله أكبر». ورد المقاتلون الذين يحاولون التقدم غربا من مصراتة إلى بلدة زليتن التي تسيطر عليها الحكومة بإطلاق النار من عدد من قاذفات الصواريخ. إلى ذلك، أعلن الحلف الأطلسي أمس أنه يحقق في عملية قصف شنها على طرابلس. وقال المتحدث باسم الحلف مايك براكن إن «حلف الأطلسي يحقق في الأمر. لقد قام الحلف بعمليات في طرابلس الليلة قبل الماضية حيث شن غارات جوية ضد هدف عسكري شرعي». وجاء في بيان للحلف تلاه المتحدث باسمه أن الحلف «يأخذ جميع الأنباء بشأن مقتل مدنيين بجدية، وسيواصل التحقيق في المزاعم للتحقق من صحتها».

وقال إن «الحلف يأسف بشدة لأي خسارة في أرواح المدنيين خلال هذه العملية، وسيكون شديد الأسف إذا ما خلص التحقيق في هذا الحادث إلى أن (القتلى سقطوا) بنيران الحلف». وعلى المستوى الدبلوماسي، أعلنت النمسا أول من أمس اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي. من جانبه، أعلن المجلس الوطني الانتقالي أنه لم يطلب اعترافا رسميا به من تونس. وقال رئيسه مصطفى عبد الجليل «مع ما قدمته إلينا تونس من مساعدة لقد تجاوزنا مرحلة الاعتراف».

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الكندية أن وزير الخارجية جون بيرد سيزور قريبا بنغازي، معقل الثوار الليبيين في شرق البلاد، للقاء مسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي.

ولم تحدد أوتاوا التي اعترفت الثلاثاء الماضي بالمجلس الوطني الانتقالي «ممثلا شرعيا» للشعب الليبي، موعدا للزيارة المرتقبة وذلك لدواع أمنية، كما قالت.

إلى ذلك، توقع المندوب الليبي السابق لدى الأمم المتحدة، عبد الرحمن شلقم، هروب العقيد القذافي وسقوط طرابلس تحت ضغط ثوار الجبل الغربي، مؤكدا أن «الأمور ستتسارع خلال الأسبوع المقبل» بعد تخلي معظم الشخصيات عن الزعيم الليبي. وقال شلقم في تصريحات صحافية «أتوقع أنه سيهرب»، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف أن «العقيد القذافي مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية (وهو) تحت ضغط عسكري وجنائي ودبلوماسي قوي». وأكد رفيق القذافي سابقا أن الكتائب الأمنية في العاصمة طرابلس غير متماسكة، والثوار سيطروا بالكامل على مدن وقرى الجبل الغربي، كما أن ثوار مصراتة يتقدمون باتجاه مدينة زليتن.

وقال شلقم إن «هناك انشقاقات داخل الكتائب الأمنية في العاصمة طرابلس وكل الشخصيات في الحكومة تركت العقيد القذافي. الأمور ستتسارع خلال الأسبوع المقبل في ضوء هذه الوقائع». وأضاف «أعتقد أن طرابلس ستسقط من الداخل وبضغط من ثوار الجبل الغربي». وناشد وزير خارجية ليبيا سابقا الحكومة الجزائرية دعم الشعب الليبي كما دعمها خلال حرب التحرير الجزائرية (1954 - 1962)، نافيا أن يكون اتهم الجزائر بإرسال مرتزقة لدعم نظام القذافي.

وقال «لم أذكر الجزائر بسوء يوما بل أحب الجزائر أكثر من غيرها». وترفض الجزائر الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل للشعب الليبي، وأرجع وزير الخارجية مراد مدلسي ذلك إلى «أن الجزائر لا تعترف سوى بالدول».