تركيا تقدم مساعدات للاجئين داخل الحدود السورية.. ورئيس الصليب الأحمر يصل إلى دمشق اليوم

دبلوماسي غربي لـ «الشرق الأوسط»: الأتراك حذرون ونستبعد انتهاكهم للسيادة السورية

طفلان سوريان لاجئان ينظران عبر حواجز مخيم اللاجئين في قرية بوينيوغون التركية الحدودية أمس (أ.ب)
TT

بدأ الهلال الأحمر التركي وهيئات الإغاثة الرسمية التركية، أمس، أول عملية إغاثة داخل الحدود السورية، في أول إشارة رسمية تركية إلى استعداد أنقرة لإقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية، التي يتصاعد الحديث حولها في الجانب التركي بطريقة غير رسمية، بعد أن أقرها مجلس الأمن القومي التركي مع اندلاع المواجهات في سوريا بين النظام والمتظاهرين منذ أشهر. وتزامن ذلك مع وصول رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر ياكوب كلينبرغر إلى دمشق للقاء مسؤولين سوريين ومناقشة الوضع الإنساني في بؤر التوتر.

وتجمع متطوعون ومسؤولون رسميون أتراك عند خط الحدود أمس للقيام بأول عملية علنية من هذا النوع، علما بأن هيئات غير حكومية تقوم بإمداد النازحين السوريين المختبئين في الجبال عند الحدود الفاصلة بين البلدين بأغذية وأدوية ومياه صالحة. وأفاد مسؤول هيئة الإغاثة التركية في جنوب شرقي البلاد «الشرق الأوسط» بأن شحنات من الأدوية المضادة للإسهال وأدوية مسكنة كانت من ضمن الشحنات التي تم تسليمها إلى آلاف من السوريين النازحين إلى الجبال. وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه إن حالات إسهال شديدة تتفشى بين النازحين، بالإضافة إلى أمراض جلدية، نتيجة اعتمادهم على المياه الراكدة المتجمعة في الجبال والمعرضة لمخاطر التلوث، بالإضافة إلى عدم توفر المياه للنظافة الشخصية. وقال المسؤول إن «كارثة إنسانية» على وشك الحدوث لأن عمل المتطوعين غير الرسمي لا يكفي لمساعدة العدد الكبير من النازحين.

وأعلنت هيئة الطوارئ التركية أنها شرعت في توسيع نطاق المساعدات الإنسانية التي تقدمها للنازحين السوريين بحيث تمتد إلى الجانب السوري، حيث تحتشد أعداد كبيرة ممن ينتظرون دورهم في عبور الحدود. وقالت الهيئة في بيان لها إن «توزيع المساعدات الإنسانية يشمل الآن أيضا تلبية الحاجات الضرورية من الطعام للمواطنين السوريين المنتظرين على الجانب السوري من الحدود». وهي المرة الأولى التي تنفذ فيها السلطات التركية عملية إغاثة إنسانية عبر الحدود دون موافقة الدولة المعنية. وأوضحت الوكالة الحكومية أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا بلغ أمس 10553 بعد وصول 585 شخصا وعودة 146 آخرين طوعيا إلى سوريا، ويقيم هؤلاء اللاجئون في مخيمات للهلال الأحمر في محافظة هاتاي (جنوب).

وكان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو كرر التأكيد الأسبوع الماضي أن بلاده ستسمح بدخول جميع السوريين الهاربين من أعمال العنف، وأعلن قرار مساعدة السوريين النازحين المحتشدين على الحدود. وهؤلاء اللاجئون أو النازحون يأتون بمعظمهم من جسر الشغور أو القرى المجاورة، حيث تقوم قوات الأمن السورية بعمليات تمشيط دامية بحسب شهود عيان ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان. ومن جانبها قالت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» إن ما أعلنت عنه هيئة الطوارئ التركية حول بدئها في توسيع نطاق المساعدات الإنسانية التي تقدمها للنازحين السوريين بحيث تمتد إلى الجانب السوري، حيث تحتشد أعداد كبيرة ممن ينتظرون دورهم في عبور الحدود، «لا يعد انتهاكا للسيادة السورية في حال كانت المساعدات تصل إلى المنتظرين عند الحدود، أما إذا تجاوزت السياج الفاصل بين حدود البلدين حيث لا يوجد معابر نظامية فيعد انتهاكا ما لم يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية»، ورجحت المصادر أن «يكون الجانب التركي حذرا في هذا الخصوص، ومن الممكن جدا أن يتم الاعتماد على مواطنين سوريين لنقل المساعدات الغذائية على الجانب السوري».

ويتهم المؤيدون للنظام في سوريا تركيا بالضلوع في مؤامرة ضد سوريا، وأن خيام اللاجئين تم تحضيرها مسبقا، من أجل تحويل اللاجئين السوريين إلى ورقة بيد تركيا للضغط على النظام السوري. ومما عزز شكوك النظام السوري قيام قائد القوات البرية التركية الفريق اربال جيلان أوغلو مؤخرا بتفقد الحدود مع سوريا وزيارة مخيمات اللاجئين.

إلى ذلك، من المقرر أن يصل اليوم إلى دمشق رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر ياكوب كلينبرغر للقاء مسؤولين سوريين ومناقشة الوضع الإنساني في بؤر التوتر في زيارة تستغرق يومين.

وذكر مسؤول الإعلام في مكتب دمشق للجنة الدولية، صالح دباكة، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر سيصل إلى سوريا فجر الاثنين (اليوم) في زيارة تستغرق يومين لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا مع المسؤولين السوريين»، وأضاف دباكة: «إن كلينبرغر سيبحث الدور الذي من شأن اللجنة الدولية لعبه من أجل مساعدة السكان المتضررين» من أعمال العنف الجارية.

وأشار دباكة إلى أن رئيس اللجنة «سيلتقي خلال زيارته برئيس الوزراء السوري ووزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون الهلال الأحمر السوري ورئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري».

وكان كلينبرغر دعا الأسبوع الماضي دمشق إلى السماح بـ«الوصول الفوري» إلى المناطق التي تشهد أعمال عنف، معربا عن استعداده للتوجه شخصيا إلى سوريا للقاء السلطات هناك.