أحزاب سياسية مصرية تتخوف من ضم أنصار حزب مبارك لعضويتها

أعربت عن خشيتها من التأثير السلبي على شعبيتها

أنور السادات
TT

يجد أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يرأسه الرئيس المصري السابق، قبل حله بقرار قضائي، أنفسهم مجبرين على الانعزال والانطواء سياسيا وسط حراك سياسي مجتمعي واسع، رغم عدم صدور قانون رسمي يمنعهم من ممارسة العمل السياسي أو الحزبي في البلاد بعد ثورة «25 يناير» التي أطاحت بمبارك. ورفضت معظم الأحزاب القديمة والجديدة التي تعمل في البلاد ضم أعضاء من الحزب الوطني إليها خوفا على «التأثير على شعبيتها في الشارع»، بسبب ما يقولون إنه «صورة سلبية لأعضاء الوطني في ذهن المواطن المصري».

وترغب القوى السياسية التي احتلت على مدار الثلاثين سنة الأخيرة موقع المعارضة المنافسة بجدية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية نهاية العام الحالي، وترفض المغامرة بتسويق وجوه من الحزب الوطني الذي يعتبره المصريون مسؤولا عما آلت إليه البلاد من أوضاع اقتصادية واجتماعية متردية.

وتم حل الحزب الحاكم الذي أسسه الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1978، بحكم قضائي في 16 أبريل (نيسان) الماضي. وكانت قيادات الحزب تقول حتى الأيام الأخيرة من حكم مبارك إن عدد أعضائه بلغ نحو 3 ملايين عضو. وفي الوقت الحالي ينتظر عدد من قيادته محاكمات بتهم تتعلق بفساد إداري ومالي.

وكشف الدكتور مصطفى النجار المتحدث الإعلامي لحزب «العدل» (تحت التأسيس) أن حزبه، الذي قدم أوراق تأسيسه الأسبوع الماضي، لم يقدم فقط سوى 5726 توكيلا، بعد أن تم استبعاد 750 توكيلا ثبت انتماء أصحابها للحزب الوطني (المنحل).

وأشار النجار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه يتم عمل تحريات حول الأعضاء المنضمين، وفحص أوراقهم حيث يرفض الحزب وجود أي أعضاء سابقين في الحزب الوطني حاليا، خاصة من القيادات السابقة التي تحوم حولها شبهات الفساد.

وبرر النجار ذلك بقوله إن «الحزب حريص على أن يكون بين أعضائه تماسك فكري»، مؤكدا أن هذا الإجراء لا يعني اجتثاث (أعضاء الحزب الوطني) بالمعنى الكامل، لكن يمكن مع مرور الوقت عمل تصفية لأعضاء الحزب السابق واستبعاد من وصفهم بـ«الفاسدين».

وأوضح ياسر حسان عضو الهيئة العليا لحزب الوفد رفض الحزب انضمام أكثر من 200 عضو سابق في الحزب الوطني، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ورد إلينا بعد الثورة أكثر من 200 طلب عضوية دفعة واحدة مما أثار ريبتنا، وبالتحقيق والتقصي تبين أنهم أعضاء في إحدى اللجان المحلية للحزب السابق، وتقرر رفضهم، حتى لا يسيء انضمامهم للوفد لسمعته أو يقلل من شعبيه».

وشدد حسان على أن الحزب لا يرفض مطلقا انضمام أعضاء الوطني السابقين، بل يميز بين الفاسدين منهم وبين الرجال الشرفاء المعروفين لدى المجتمع بنزاهتهم ولا يوجد خلاف عليهم، وتابع مستدركا: «لكن أيضا تواجهنا معضلة في هذه النقطة وهي أنه حتى لو رغب الحزب في ضم البعض منهم، سيجد اعتراضات من أعضاء الوفد أنفسهم باعتبار أنهم كانوا منافسين لهم في انتخابات سابقة».

من جهته، أعلن حزب التجمع (اليساري) أنه لن يقبل انضمام الأعضاء السابقين بالحزب الوطني إلى صفوفه، واعترف في بيان أصدره الحزب في 13 يونيو (حزيران) الحالي، بأن «هناك شكاوى بالفعل من تسلل أعضاء بالوطني إلى عضويته»، وأنه «سوف يجري تحقيقا في هذا الأمر بمعرفة اللجنة المختصة بالإشراف على الانتخابات، وسيتم استبعاد من يثبت انتماؤه للحزب الوطني»، مبررا القرار بوجود «اختلافات جذرية» بين توجهات الحزبين.

وخلال المؤتمر التأسيسي الأول لحزب المصريين الأحرار، تقدم عشرات الأعضاء باستقالاتهم في مدينة المنصورة مساء الثلاثاء الماضي، بسبب دعوة الحزب لعدد من أقطاب الحزب الوطني للانضمام إليه، قائلين إنهم معروفون بـ«الغش والتزوير».

وقال الدكتور جهاد عودة، عضو لجنة السياسات السابق بالحزب الوطني لـ«الشرق الأوسط»: «قررت تأجيل أي نشاط حزبي في اللحظة الراهنة حتى يتبين لي الأمر وتتضح الصورة أكثر، لكنني أعمل الآن على تكوين تحالف مدني ليبرالي يعمل في مجال التوعية السياسية».

وقالت مروة محمد، أحد أعضاء الحزب الحاكم سابقا، إنها بعد الثورة وجدت نفسها مضطهدة سياسيا من جانب زملائها حيث تعمل في مجال العمل العام، موضحة أن «لا أحد يريد أن يسمع آراءها أو يقبل بنشاطها». وأضافت أن «البعض يعتبرني متملقة وانتهازية، لكن الحقيقة أنني كنت كعضو في الحزب الوطني غير راضية عن بعض سياسياته، ويجب أن يعرف الجميع أنه ليس كل أعضاء الحزب السابق فاسدين».

وكان مؤتمر «الوفاق القومي» الذي يرعاه نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل، قد أوصى في 7 يونيو الحالي، بحرمان أعضاء وقيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات، قائلا «إنهم تسببوا في إفساد الحياة السياسية لمدة 30 عاما، فضلا عن تزوير الانتخابات بطريقة منهجية طيلة هذه المدة مما أدى إلى ظهور أصحاب مصالح ومنافع أضرت بالوطن والمواطنين».

وفي بادرة غير متوقعة دعا الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أبرز مناهضي النظام السابق، للتفرقة بين ما قال إنهم «نوعان من أعضاء الحزب الوطني.. رموز الفساد وعناصر اضطرت للالتحاق بالحزب والعمل تحت مظلته»، مشيرا، في حوار له على التلفزيون المصري مساء الخميس الماضي، إلى أن هذا النوع الأخير يجب عدم إقصائه وقبول العمل معه بعد «توبته».