إسرائيل تبدأ أكبر تدريبات على مواجهة حرب صاروخية شاملة

من «شدة الخطر» وزير الدفاع يمضي هذه الأيام في باريس ولا يشارك في «نقطة تحول ـ 5»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره رئيس الدومينيكان ليونيل فرنانديز يستعرضان حرس الشرف لدى وصول فرنانديز إلى رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

في إطار سياسة دب الفزع و«العيش على الحراب»، بدأت قوات الدفاع المدني وغيرها من وحدات الجيش الإسرائيلي، أمس، تدريبات ضخمة بمشاركة «الشعب كله»، لمواجهة الخطر المزعوم المبني على وهم تعرض إسرائيل لحرب شاملة من إيران وسوريا وحزب الله لبنان وحماس قطاع غزة، وحتى المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48). ومن ضمن السيناريوهات المخيفة التي يعلنها الجيش ويدعي أنه يستعد لمجابهتها، سيناريو إغراق إسرائيل بوابل من الصواريخ الباليستية التي تلحق دمارا شاملا في مناطق عدة ومرافق حيوية تستدعي نقل مجموعات كبيرة من سكان تل أبيب ومحيطها باتجاه المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.

وقد أطلقوا على هذه التدريبات اسم «نقطة تحول - 5»، وتستمر حتى الخميس المقبل. وقد افتتحها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال جلسة الحكومة العادية، أمس، بالقول إن إسرائيل تواجه أخطارا قوية وإنها أصبحت اليوم أقوى من أي وقت مضى. وقال وزير الجبهة الداخلية، متان فلنائي، إن الغرض من التمرين القطري هو محاكاة سيناريو خطير لهجوم صاروخي شامل، وهدد بـ«أن قوة الردع الإسرائيلية ستجعل من تسول له نفسه ضربها أن يعيد التفكير في الموضوع».

وقال قائد الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يائير جولان، إن الخطر الذي تواجهه إسرائيل غير مسبوق، «صحيح أنه ليس خطرا وجوديا ولكنه خطر كبير». وأجرى مقارنة غير عادية بين القصف الصاروخي الذي يهدد إسرائيل، والقصف الذي تعرضت له بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، وقال: «خلال تسعة أسابيع تعرضت بريطانيا لقصف بزنة 206 أطنان من المتفجرات في كل ليلة، بينما إسرائيل تعرضت طيلة حرب لبنان الثانية لقصف زنته 90 طنا. فإذا جمعنا الصواريخ التي تمتلكها إيران وسوريا وحزب الله وحماس اليوم وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، فإن كل ما ستتعرض له إسرائيل من قصف، في حال شُنت عليها حرب شاملة، سيكون بزنة 1000 - 2000 طن متفجرات طيلة شهر كامل. المقصود أن إسرائيل لن تدمر بهذا القصف، ولكنها ستتضرر كثيرا». وبناء على ذلك تجري الجبهة الداخلية هذه التدريبات بهدف تقليص الأضرار في الأرواح والممتلكات.

وقد بدأت التدريبات أمس في الوزارات والدوائر الحكومية، وستشمل اليوم وغدا وبعد غد، فحص جاهزية السلطات المحلية (256 بلدة، منها 80 ستشارك في التدريبات بشكل كامل والبقية بشكل جزئي). وستصل التدريبات إلى ذروتها بعد غد الأربعاء، حيث يشارك فيها المجلس الوزاري الأمني المصغر، وسيتم إطلاق صافرات الخطر مرتين، إحداهما في المساء، كي ينزل جميع المواطنين إلى الملاجئ.

وخلال هذه التدريبات سيتم تفريغ قاعات وأروقة البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) من النواب والوزراء والمساعدين وإنزالهم إلى الملاجئ، وتفريغ مستشفيين في منطقة تل أبيب وأحد السجون الكبرى، وسيتم إخلاء سكان حي كبير في تل أبيب، باعتبار تعرضه المفترض لسقوط طائرة مروحية فوق سطوح أحد أبنيته. كما ستتم مواجهة قصف صاروخي على محطة توليد الكهرباء المركزية. وسوف يتم إخلاء عشرات الآلاف من المواطنين من منطقة المركز إلى المستوطنات في الضفة الغربية، بعد تعرضهم لقصف بصواريخ تحمل رؤوسا غير تقليدية.

وتأخذ الجبهة الداخلية في الاعتبار احتمال انضمام المواطنين العرب في إسرائيل إلى حرب كهذه، عن طريق أعمال الاحتجاج وتنظيم المظاهرات، وهو سيناريو غير واقعي لكنه يطرح مؤخرا في إطار التحريض عليهم وإظهارهم معادين للدولة.

وتشمل أيضا تدريبات حول إخلاء سكان ومواجهة أزمة مياه، ومواجهة مواد خطيرة، وإيصال قوافل إمدادات، ومواجهة أحداث في منشآت استراتيجية، مثل الموانئ ومصانع التكرير. وعلم أن «قيادة الجبهة الداخلية» تدرس إمكانية نقل رسائل نصية قصيرة بواسطة الهاتف الجوال.

المعروف أن هذه التدريبات بدأت في سنة 2007، بغية الإفادة من عبر الحرب العدوانية الثانية على لبنان. ولكنها سنة بعد سنة بدأت تتخذ طابعا تصعيديا لمحاكاة خطر نشوب حرب شاملة. وهي تبنى على أساس بث الفزع في نفوس الناس لإقناعهم بأن هناك خطرا شديدا على إسرائيل، ولكن هذا الفزع لا ينفذ إلى صدور الناس، كما تبغي الحكومة، خصوصا بعد توضيحات رئيس الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، مئير دغان، بأن الحرب على إيران ستكون مغامرة حمقاء. وقد اختار وزير الدفاع، إيهود باراك، السفر إلى باريس للمشاركة في معرض دولي للأسلحة.