الصدر لطهران: لن نقبل بأي هجوم على العراق حتى لو كان لاستهداف الأميركيين

قيادي صدري لـ «الشرق الأوسط»: لسنا ساحة لتصفية حسابات الآخرين.. وكفانا حروبا

TT

في أقوى موقف لزعيم ديني وسياسي عراقي يتمتع بعلاقات قوية مع طهران، أعلن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري رفضه التام لأي هجوم إيراني ضد العراق حتى لو كانت الحجة هي ضرب «المحتل الأميركي».

وجاءت تصريحات الصدر المفاجئة ردا على تصريحات أدلى بها السفير الإيراني لدى العراق حسن دنائي فر، لإحدى وسائل الإعلام المحلية العراقية هدد من خلالها بالرد على العراق في حال قيام الولايات المتحدة بتنفيذ هجوم على إيران من قواعدها داخل العراق، وذكر فيها أنه «أبلغ المسؤولين العراقيين بأن إيران سيكون لها بطبيعة الحال رد فعل إذا ما شن هجوم ضدها من الأراضي العراقية»، مبينا أن «أصدقاءنا العراقيين أكدوا أنهم لن يسمحوا لأي بلد باستخدام أراضيهم من أجل شن هجوم على إيران».

وأفاد بيان نشره الموقع الإلكتروني للهيئة السياسية للتيار الصدري، أمس، أن الصدر «في معرض رد سماحته على استفتاء قدم له حول تصريحات السفير الإيراني والتي يقول فيها: في حال تعرضنا إلى قصف أميركي من العراق سوف يكون هناك رد إيراني على العراق، إذ أجاب سماحته: لن نسمح بذلك ولو كان المستهدف المحتل»، في إشارة إلى الأميركيين.

وامتنعت السفارة الإيرانية في بغداد، أمس، عن التعليق على التصريحات المنسوبة لسفيرها، وأبلغت «الشرق الأوسط» أنه «لا يوجد مسؤول بالسفارة الإيرانية في بغداد يمكنه الحديث بشأن هذا الموضوع» مشيرة إلى أن «السفير الإيراني لدى العراق حسن دناني فر، موجود حاليا في طهران».

من جانبه، أكد القيادي البارز في التيار الصدري وعضو البرلمان العراقي حاكم الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف الذي عبر عنه السيد مقتدى الصدر بهذا الخصوص يعبر في جوهر الأمر عن حقيقة مواقف التيار الصدري من القضايا الوطنية التي لا تقبل المساومة لأي سبب أو حجة أو ذريعة ومنها أن لا يكون العراق منطلقا للعدوان على أية دولة جارة كما لا نقبل أن نكون نحن ساحة لتصفية حسابات الآخرين داخل أراضينا»، وأضاف أن «موقف التيار الصدري الذي عبر عنه بوضوح زعيمه مقتدى الصدر مبني على ثوابت معروفة وهي احترام دول الجوار واحترام خصوصيتنا نحن كدولة ووطن، وأن الصدر بات همه الأساسي العراق، وبالتالي، فإنه يأمل أن تكون علاقاتنا مع جميع جيراننا مبنية على الاحترام المتبادل وتنمية المصالح المشتركة في كل الميادين والاتجاهات».

وحول القوة التي انطلق منها الصدر في رفضه التام لأي قصف إيراني حتى لو استهدف القوات الأميركية، قال الزاملي إن «موقفنا بهذا الاتجاه واضح وصريح لأننا نرفض أن نكون ساحة لتصفية حسابات أي أحد على حسابنا أو داخل أراضينا. وبالتالي، فإنه في حال أرادت إيران أن تصفي حساباتها مع الولايات المتحدة أو بالعكس، فإن هذا يجب أن لا يكون على حساب العراق، لأننا كفانا حروبا ومشكلات حيث عانينا من هذه المسألة أكثر من 30 عاما». من جهته، عبر ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي والذي يقود الحكومة عن رفضه التام لتصريحات السفير الإيراني بهذا الاتجاه. وقال عدنان السراج القيادي في ائتلاف دولة القانون والمقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف العراق من هذه الناحية واضح وصريح؛ الأميركان يعرفونه والإيرانيون، وهو أننا سبق أن أعلمنا الأميركيين بشكل رسمي رفضنا لأية ضربة على إيران من داخل أراضينا تحت أية ذريعة، كما أبلغناهم رفضنا أن تكون الأجواء العراقية منطلقا لقصف إيران من تركيا أو من إسرائيل وهو أمر يعرفه الأميركيون وهو مسجل لديهم». وأضاف السراج أن «الموقف العراقي رافض لهذه التصريحات لأنه ليس هناك ما يبرر مثل هذا الأمر، لا سيما أنه لا يوجد الآن أي جديد بهذا الخصوص. وبالتالي، فإن موقفنا هو أننا في الوقت الذي نرفض فيه ضرب إيران من داخل أراضينا، فإننا في الوقت نفسه نرفض قيام إيران بإطلاق مثل هذه التصريحات التي يمكن أن تنبني عليها مواقف أخرى». وأشار إلى «أننا أبلغنا الأميركان أن مشكلاتنا وقضايانا سواء كانت داخلية أم مع جيراننا، فإننا نحلها بيننا ولا نحتاج إلى تدخلات الآخرين مهما كانت ولأي سبب كان»، مشيرا إلى أن «العراق أبلغ الولايات المتحدة أيضا رفضه لتصفية حسابات الأميركان مع (القاعدة) داخل الأراضي العراقية، فكيف يكون الأمر إذن بالنسبة لدول ذات سيادة».

ويعد الموقف الذي عبر عنه الصدر «جديدا» بالمعايير التي كانت تحكم علاقة القوى السياسية الشيعية مع إيران، التي تحرص على إدامة هذه العلاقة؛ إذ لم يحدث أن تعرض أي من السياسيين الشيعة لطهران لا من قريب ولا من بعيد.

وطبقا للمراقبين السياسيين في بغداد، فإن قوة موقف الصدر تأتي بعد تنامي قوة التيار الصدري في الشارع العراقي بعد حصوله على 40 مقعدا في البرلمان العراقي، بالإضافة إلى قدرته على تحجيم خصومه سواء من الذين انشقوا عنه أو من القوى الدينية الأخرى داخل المشهد السياسي العراقي الراهن.

وربما يكون الصدر، المعروف بشخصيته المتمردة والمتقلبة، قد قرر «الانقلاب» على إيران، التي كان قد استجاب لضغوطها و«أرغم» بسببها على التحالف مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لحسم أزمة تشكيل الحكومة أواخر العام الماضي، مع إحساسه بتخلصه من قيود طهران وذلك بعودته إلى مدينة النجف واستقراره فيها بعد نحو 3 سنوات قضاها في مدينة قم الإيرانية هربا من القوات العراقية التي كانت قد شنت عمليات واسعة في البصرة ومدينة الصدر لاستهداف ميليشيا جيش المهدي الموالية له.