انقسام في المواقف اللبنانية حول خطاب الأسد بين «المفصلي والبناء».. و«استمرار للأزمة»

جنبلاط: نتطلع لأن تشكل الكلمة الشاملة محطة لتكريس استقرار سوريا ووحدتها

شاشة تلفزيون في مقهى شعبي وسط دمشق تنقل خطاب الرئيس السوري (أ.ب)
TT

لاقى الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد، في جامعة دمشق، أمس، ردود فعل متباينة في لبنان؛ ففي حين وصفه نواب مقربون من سوريا بأنه خطاب مفصلي وسيؤشر إلى كيفية مسار الأمور في المرحلة المقبلة، وقال فيه الأسد كلاما شفافا ودقيقا يضع حدا لكل التساؤلات والمواقف المغرضة، اعتبر قياديون في قوى «14 آذار» أن المواقف التي تضمها الخطاب تعكس تعامي الأسد عن عمق الأزمة السورية وتجاوزه لكل أصول العمل السياسي.

في هذا السياق، أكد النائب عن حزب البعث في لبنان، قاسم هاشم، المنضوي تحت كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري النيابية، أن «الرئيس الأسد تحدث بشفافية وبثقة مطلقة عن الحاضر وكيف سيبني المستقبل استنادا إلى تجارب الماضي». واعتبر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن الخطاب «يعبر عن مرحلة جديدة تتمثل بخروج سوريا من الأزمة التي يحاولون إدخالها فيها»، متوقفا عند أهمية إصرار الأسد على أن «الحوار يشكل العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة، والذي تم وضع أسسه وفق مطالب الشعب السوري».

ورأى هاشم أن الرئيس السوري «وضع منهجية البناء لما بعد الأزمة، والمطلوب اليوم أن تتم ملاقاة خطابه في حال كان المعارضون يتحركون بخلفية إصلاحية، أما إذا كانوا يقاربون الأمر بنوايا سيئة، فإن الإصلاح الذي يطالبون به هو مجرد شعارات». وأكد أن «الأسد وضع النقاط على الحروف، وفي حال لم يتم التجاوب معه فإن المواجهة ستكون حتمية مع مجموعات التخريب».

وقال النائب عن جبهة العمل الإسلامي، كامل الرفاعي، المنضوي تحت كتلة حزب الله النيابية، لـ«الشرق الأوسط»: إن خطاب الأسد «عكس مدى ارتياحه للوضع الداخلي في سوريا، انطلاقا من ربطه الأزمة بأجندات خارجية وجماعات تخريبية»، معربا عن اعتقاده أن «الشعب السوري يحتاج اليوم للإصلاح، ومن هنا فالمطلوب من الرئيس الأسد أن يسارع في بدء تنفيذها». وأضاف: «ينادي الرئيس الأسد بالاستقرار أولا، وهو يريد أن يأخذ وقته في الحوار الوطني، لكن المطلوب منه، في الوقت عينه، أن يحدث صدمة إيجابية لاستيعاب الشارع ويصدر مراسيم جمهورية تريح الشارع»، مشيرا إلى أن «الوضع الأمني بات أفضل في سوريا اليوم، بعد أن تخطى النظام مرحلة الخطر».

وشدد الرفاعي على أن «تصاعد الضغط الدولي على سوريا ناتج عن دعمها للمقاومة وموقفها المانع»، معتبرا أن «المطلوب اليوم لم يعد إسقاط نظام الأسد، بل دفع الأخير إلى تقديم تنازلات من خلال تخفيف علاقته بإيران وحزب الله والسير في ركب المشروع الأميركي وبالتالي الصهيوني في المنطقة».

في موازاة ذلك، وصفت مصادر قيادية رفيعة في قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» خطاب الرئيس الأسد بأنه «خطاب عادي يؤكد استمرار مواجهة النظام مع الشعب، وبالتالي استمرار الأزمة»، معتبرة أنه «لم يأتِ على ذكر كل ما له علاقة أو اعتراف بطبيعة العمل السياسي واحترام الحريات». ورأت أنه «يشكل تتمة للخطابات السابقة التي لا تعترف بحجم الأزمة السياسية في سوريا اليوم، ولا بحق الناس في إبداء رأيهم والتمتع بانتخابات تنتج سلطة سياسية تمثيلية حقيقية».

ودعت مصادر «14 آذار» إلى وجوب «ترقب رد الفعل التركي؛ لأن الخطاب جاء مخيبا لآمال الأتراك الذين كانوا يترقبون موقفا مختلفا من الأسد»، مجددة إشارتها إلى أن مواقف الأسد «تعكس رغبته باستمرار في المواجهة العسكرية واستمرار الأزمة السياسية التي لم يعترف أصلا بوجودها».

أما القيادي في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، فأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «خطاب الأسد جاء تردادا للخطابين السابقين، وهو بعد انطلاقة الثورة السورية لم يعد يجدي نفعا بالوعود بالإصلاحات التي لا تأتي عادة»، موضحا أن «الشعب السوري لم يعد يقبل بهذه الوعود، ويريد أفعالا مباشرة تتمثل بإسقاط نظام البعث والديكتاتور المستمر منذ 40 عاما، وهو ما عبرت عنه التحركات الفورية في الشوارع عقب إنهاء الأسد كلمته». ورأى أن «الأسد تصرف، بالأمس، ككل الحكام الشموليين الذين يعتبرون أن المشكلة عند غيرهم وأن ما يحدث هو عاصفة سوف تزول ويستمر هو»، مشددا على أن «الوضع مختلف جدا اليوم على الصعيد الدولي والإقليمي والداخلي، وستستمر الثورة حتى تحقيق أهدافها».

في موازاة ذلك، أعرب رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، عن تطلعه «لأن تشكل الكلمة الشاملة التي ألقاها الرئيس الأسد محطة لتكريس استقرار سوريا ووحدتها الوطنية»، معتبرا أنها «قد تضمنت تأكيدا على السير بالمسيرة الإصلاحية وإعادة النظر بكل القوانين التي تتيح إطلاق الحريات والديمقراطية من ضمن مهلة زمنية لا تتعدى نهاية العام الحالي».

ورأى أن «بناء سوريا جديدة يتطلب تكاتف جميع القوى والأطراف، بما يجهض محاولات إخراج سوريا من موقعها في الصراع العربي - الإسرائيلي، وما الكلام الجديد لوزير الدفاع الإسرائيلي إلا ليؤكد هذا المسار»، مؤكدا «تطلعنا إلى إطلاق الحوار سريعا، ومن دون الغرق في الشكليات والآليات، والشروع فورا في تطبيق كل الإصلاحات التي أقرت قوانينها لفتح صفحة جديدة والابتعاد عن الفوضى مع احترام حرية التعبير عن الرأي السياسي».