تسمر المعارضون السوريون في الداخل السوري والمهجر أمام أجهزة الكومبيوتر قبل ساعات من خطاب الرئيس السوري بشار الأسد لتوقع ما سيتضمنه والمشاركة في النقاشات المفتوحة من خلال الصفحة المخصصة للثورة عبر الـ«فيس بوك» وصفحاتهم الخاصة على «تويتر». هم واكبوا الخطاب لحظة بلحظة فكانت تعليقاتهم تتوالى على كل فكرة يطرحها الأسد وحتى على كل حركة يقوم بها.
وقبل أن ينهي الأسد خطابه أنشأ ناشطون على موقع «فيس بوك» مجموعة جديدة ساخرة باسم «الجراثيم تريد إسقاط النظام» ردا على وصف الأسد للمؤامرة بأنها كالجراثيم منتشرة في كل مكان وزمان.
وقبل انطلاق البث المباشر للخطاب، كان القيمون على الثورة يتحضرون لما بعده، متحدثين عن أن لحظة انتهاء الخطاب ستكون الشرارة لخروج مظاهرات «تليق» به داعين لبدء تنظيم المظاهرات المليونية للرد على ما سيقوله الأسد. وتناول الثوار إلكترونيا تفاصيل التصريح الرئاسي، فاستهجنوا استخدام مصطلح «جراثيم» مستذكرين خطابات العقيد الليبي معمر القذافي، الذي وصف شعبه بالجرزان، كما قرأوا في ملامح وجهه وتعابيره وحتى في حركاته ارتباكا واضحا واضطرابا نتيجة ثورتهم، مستنكرين حديثه عن إصلاحات قائلين: «نعم الإصلاح بدأ بنظره من خلال أكثر من 1500 شهيد، وآلاف الجرحى وأضعاف أضعافهم من النازحين».
وقد رد المعارضون مباشرة من خلال صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» على دعوة الأسد للحوار قاطعين الطريق عن أي إمكانية لذلك قائلين: «نعم للحوار، نحن نرشح شهداءنا الأطفال حمزة الخطيب، هاجر الخطيب، عبد الله جحا، مجد الرفاعي، ابتسام المسالمة، ورهف بطيخة، لقيادة الحوار». وإذ توقع الثوار أن يكون خطاب الأسد الثالث بعد الثورة خطابه الأخير بعد إسقاطه يوم الجمعة المقبل، انطلقوا ومباشرة بعد انتهاء الخطاب في عملية استفتائية على فحواه، ففاق عدد المشاركين الألفين الذين أجمعوا على أن الرئيس السوري قطع الطريق على أي إصلاحات من أي نوع كان وأعلن المواجهة حتى النهاية.
وقالت إحدى المشاركات السوريات التي أطلقت على نفسها اسم «زهرة حمص»: «هذا الخطاب أكّد مدى افتقاده للشرعية وهو دون أدنى شك سيعجّل بسقوطه». وفي إطار مشاركته بالعملية الاستفتائية قال غريب رحال: «مزيد من الوعود الكاذبة نناقش ونحاور ونشكل لجانا لشهر وشهرين.. كله كلام فارغ المضمون والشكل، يؤكد على عدم جدية النظام ويزيد من عزم الثوار للتخلص منه». وقد استغل القيمون على صفحة الثورة، مشاركة الآلاف بالنقاشات الدائرة فأطلقوا استفتاء آخر لتسمية يوم الجمعة المقبلة مخيرين ما بين: «جمعة سقوط الشرعية، وجمعة ارحل، وجمعة لا نحبك» وقد حاز الخيار الأول بأرجحية اعتماده علما أن المعارضين يعتمدون أسبوعيا هذه الطريقة لاعتماد التسمية المثلى التي يتوافق عليها الثوار.
وقد شكّلت صفحة الثورة السورية عبر «فيس بوك»، المحرّك الأساسي للمظاهرات التي انطلقت في سوريا بعد خطاب الأسد، فحدّدت مناطق التظاهر وسعت لحشد أكبر عدد ممكن من المتظاهرين من خلال التعبئة إلكترونيا بالاعتماد على فحوى خطاب الأسد وبالتحديد على مقولته: «لا تطوير ولا إصلاح من دون استقرار». وقد شكّلت مقاطع الفيديو التي تظهر كم المتظاهرين في المدن السورية كافة الذين خرجوا بعد الخطاب، والتي يواظب على إرسالها المعارضون إلى القيمين على صفحة الثورة منذ اندلاعها، محفزا أساسيا للمترددين مما أعطى زخما لتحرك الثوار. ولم يتوان قادة الثورة على مخاطبة الجيش السوري ودعوته لمؤازرة الشعب وقد قال يمام الشام: «يا حماة الديار أنتم خلاصنا ومن دونكم لن نقوى على مواجهة النظام أنتم ورقتنا الرابحة».