الخرطوم وجنوب السودان يوقعان اتفاقا لجعل أبيي منزوعة السلاح

سوزان رايس: السودان يهدد بإسقاط طائرات الأمم المتحدة في جنوب كردفان

الرئيس السوداني عمر البشير يحيي مؤيديه لدى وصوله إلى مدينة أوسيف بولاية البحر الأحمر أمس (رويترز)
TT

قال الرئيس السابق لجنوب أفريقيا ثابو مبيكي الذي يتوسط في نزاع في السودان إن شمال السودان وجنوبه وقعا اتفاقا أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يقضي بإنشاء منطقة نزع سلاح في منطقة أبيي وانسحاب القوات الحكومية منها، في وقت اتهم فيه وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين حكومة الجنوب بأنها وراء تصعيد الموقف في جنوب كردفان ولخلق ما سماه «بنغازي جديدة» في الولاية لإحياء مشروع السودان الجديد الذي ظلت تطرحه الحركة الشعبية منذ تأسيسها، مؤكدا استمرار العمليات العسكرية لإنهاء التمرد في الولاية، فيما رفضت الحركة الشعبية الاتهامات.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس «هذه معلومات مشجعة». وتراقب الولايات المتحدة الوضع من كثب في المنطقة وقد شاركت في مبادرات عدة لمحاولة جمع الفريقين. واعتبرت رايس أن من المهم أن ينتشر العناصر الإثيوبيون في قوة الأمم المتحدة في السودان في أبيي في أسرع وقت ممكن. دعت رايس اليوم إلى سرعة تنفيذ الاتفاق.

وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان هايلي منكيريوس من جانبه إن الأمم المتحدة «ستكون مستعدة للمساعدة على انتشار سريع لهذه القوات» حالما يعطي مجلس الأمن الدولي موافقته.

ويتنازع شمال السودان وجنوبه منطقة أبيي الواقعة على الحدود بينهما والتي سيطرت عليها القوات الشمالية في 21 مايو (أيار) الماضي ردا على هجوم دامٍ استهدف قافلة للجيش السوداني.

وأكد مبيكي أن الاتفاق يفسح المجال أيضا أمام وضع حد للنزاع في ولاية جنوب كردفان المحاذية لجنوب السودان.

وتثير هذه الاضطرابات مخاوف من استئناف الحرب على مستوى كبير قبل أسابيع من الإعلان الرسمي لاستقلال جنوب السودان المقرر في التاسع من يوليو (تموز) المقبل. كما أكدت رايس أن القوات السودانية هددت بإسقاط طائرات الأمم المتحدة في ولاية جنوب كردفان التي تشهد مواجهات بين قوات الخرطوم والجيش الجنوبي.

وقالت رايس أيضا إن هجمات وعمليات قتل محتملة ارتكبتها قوات الخرطوم بحق عناصر من الجيش الجنوبي في هذه المنطقة قد تشكل «جرائم ضد الإنسانية».

وأضافت أمام مجلس الأمن الدولي أن القوات السودانية «هددت بإسقاط طائرات استطلاع لقوة الأمم المتحدة في السودان، لقد سيطرت على مطار كادقلي ومنعت طائرات قوة الأمم المتحدة من الهبوط».

وتابعت أن احتياطي القوة من المواد الغذائية «تراجع في شكل خطير»، معتبرة أن منع الأمم المتحدة من الهبوط في هذه المنطقة «يثير القلق».

من جهته أعلن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين أن المتمردين الذين يقاتلون الخرطوم في ولاية جنوب كردفان كانوا يخططون لجعل كادقلي عاصمة الولاية «بنغازي أخرى»، في إشارة إلى مدينة بنغازي التي تشكل معقلا للثوار الليبيين.

وقال عبد الرحيم محمد حسين لأعضاء مجلس الولايات (الغرفة الثانية في البرلمان السوداني) إن «المتمردين كانوا يخططون للسيطرة على كادقلي ومدن أخرى وإعلان دولة السودان الجديد وجعل كادقلي بنغازي أخرى ومن بعدها تزحف قواتهم على كل السودان».

وأضاف «حتى هذه اللحظة ما زالت عملياتنا مستمرة وقواتنا تواصل جهدها وجهادها لنظافة الولاية وإخماد الفتنة».

وتقول الحركة الشعبية لتحرير السودان إن القتال اندلع إثر قرار المؤتمر الوطني (الحزب السوداني الحاكم) والجيش السوداني بنزع سلاح 40 ألفا من مقاتلي الحركة الشعبية ينتمون إلى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وأضاف حسين «لا بد أن يعرف المجتمع الدولي أن عليه أن يضطلع بدوره في الوقوف ضد الفئة المتمردة وعليه أن ينظر بحيادية وبعيدا عن ازدواجية المعايير التي تساوي بين مشعلي الحرب وصانعي السلام». وكانت الأمم المتحدة اتهمت القوات السودانية باستهداف المدنيين.

إلى ذلك، شرعت الأمم المتحدة في تصفية بعثة حفظ السلام «يونميس» في شمال السودان بتسريح مئات السودانيين وإيقاف البث الإذاعي من الخرطوم ابتداء من يوم أمس في وقت شددت فيه الحكومة السودانية على عدم السماح للبعثة الدولية بالاستمرار بعد التاسع من يوليو «المقبل» مع حق دولة الجنوب في استضافة البعثة في أراضيها. إلى ذلك لوح الرئيس عمر البشير باستخدام القوة واستمرار القتال مع دولة الجنوب، والحركة الشعبية مع تأكيد رغبته في «التعامل بالحسنى» مع الدولة الجديدة فيما سلمت السلطات السودانية خطابات استغناء عن آلاف الجنوبيين من الخدمة المدنية، في غضون ذلك نعى «التجمع الوطني الديمقراطي» المعارض سابقا كل اتفاقات السلام مع الخرطوم واعتبرها «مجرد سراب وأنها قصمت ظهر الوحدة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن بعثة الأمم المتحدة في السودان «يونميس» شرعت بالفعل في تصفية وجودها في الشمال بعد رفض الحكومة السودانية التمديد للبعثة الدولية والتي يقدر أفرادها بأكثر من 10 آلاف من الجنود والمراقبين والمدنيين، وقالت مصادر داخل المنظمة الدولية «لقد أوقفت إذاعة مرايا إف إم» التابعة للأمم المتحدة بثها من الخرطوم ابتداء من يوم أمس، كما أوقفت موقعها الإلكتروني باللغة العربية.