واشنطن تعتبر خطاب أوباما في 19 مايو «تطورا تاريخيا» لوضع بنية للسلام

الإدارة الأميركية تحث الفلسطينيين والإسرائيليين على «اتخاذ قرارات صعبة» لدفع مفاوضات السلام

TT

تشهد الجهود الأميركية لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين زخما جديدا بناء على الأطر التي حددها الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه يوم 19 مايو (أيار) الماضي وشملت قيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 مع تبادل أراض. وأكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أنه «لا يمكن البقاء على الوضع الحالي، وعلى الإسرائيليين والفلسطينيين اتخاذ قرارات صعبة... وعليهم أن يروا أن المفاوضات هي أفضل خيار».

وفي وقت تراجع الولايات المتحدة سياساتها في المنطقة ككل جراء الثورات في العالم العربي، شدد المسؤول الأميركي الذي طلب عدم نشر اسمه على أن «السلام حجر زاوية لسياستنا في المنطقة.. والتطورات فيها تجعل الحاجة للسلام ملحة أكثر من أي وقت مضى».

وكان مستشار أوباما للشرق الأوسط دينيس روس والمبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط المؤقت ديفيد هيل، قد بحثا الأطر التي حددها أوباما، مع الزعماء الإسرائيليين الأسبوع الماضي، وبعدها التقى هيل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وعددا من المسؤولين الفلسطينيين. وبحسب المسؤول الأميركي فإن ما قدمه أوباما بنية للمفاوضات ولكن في الوقت نفسه تؤكد أنه «لا يمكن فرض خطة». وأضاف في حديث مع عدد من الصحافيين في واشنطن أمس أن «خطاب الرئيس تزود بنية قوية للعودة إلى المفاوضات ونحاول أن نستخدمها لكسر الجمود الحالي». وتابع القول: «الخطاب شكل تطورا تاريخيا وهو قوي بحد ذاته، ونحن نعمل على جلب قبول الأطراف (الفلسطينية والإسرائيلية) على ما طرحه الخطاب والتركيز عليه».

ويواصل هيل جولته في الشرق الأوسط، بلقاءات في القاهرة مع وزير الخارجية المصري نبيل العربي وعدد من المسؤولين في الجامعة العربية، وذلك قبل توجهه إلى بروكسل للاجتماع بممثلي الرباعية الدولية نهاية الأسبوع لبحث جهود إحياء مفاوضات السلام. ويعتبر المسؤول أن الدعم الدولي ودعم الرباعية للجهود الحالية «أساسي للنجاح»، ولكنه قلل من أهمية الدعوة الفرنسية لعقد مؤتمر سلام، قائلا إن على الطرفين الاتفاق على مبدأ المفاوضات قبل النظر إلى مؤتمرات أو لقاءات. ومن المرتقب أن يعود روس وهيل إلى المنطقة بعد اجتماع بروكسل لإطلاع الإسرائيليين على تلك الجهود، ويلتقي هيل بمفرده الفلسطينيين بعدها.

ويأتي ذلك في وقت تترقب الإدارة الأميركية تبعات إمكانية تشكيل حكومة وحدة فلسطينية. وما زالت واشنطن حذرة في اتخاذ موقف علني من اتفاق المصالحة، خاصة أن المحادثات بين حركتي حماس وفتح تواجه عقبات عدة. وقال المسؤول الأميركي: «قضية المصالحة مهمة وهناك أسئلة مهمة الفلسطينيون فقط يمكنهم الإجابة عليها.. علينا مواجهة تلك الأسئلة ولكن حاليا نحن نتعامل معهم على مبدأ الانتظار والترقب»، وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تأثير التطورات في المنطقة على جهود إحياء السلام، قال المسؤول الأميركي: «الرئيس أوباما أوضح في خطابه الربط بين الربيع العربي والتغييرات الديمقراطية والحاجة إلى العمل من أجل السلام». وأما فيما يخص الوضع في سوريا، قال المسؤول الأميركي إن «هدفنا ما زال (تحقيق) السلام الشامل وسوريا جزء من ذلك ولكن لا يمكننا التفكير بمبادرة سلام مع طرف يقتل شعبه».

وفيما يخص احتمال تقديم الفلسطينيين طلب الاعتراف بدولتهم من الجمعية العامة في سبتمبر (أيلول) المقبل، كرر المسؤول الأميركي موقف بلاده بأنه «لا يمكن استخدام الجداول الزمنية كتكيكات».

وبينما يعمل هيل في المنطقة على تحسين فرص إحياء المفاوضات، يطمئن أوباما اليهود الأميركيين بالتزامه بإسرائيل. وخلال حفل عشاء لجمع التبرعات لحملة أوباما الانتخابية تراوحت قيمة بطاقة المشاركة فيه بين 25 ألفا و35 ألف دولار، وشارك فيه 80 من أعضاء المجموعة، تحدث أوباما عن التطورات في المنطقة التي قارنها بسقوط جدار برلين، معتبرا أن المرحلة «تشكل تحديات كبيرة ولكن أيضا هناك فرص كبيرة». ولكنه قال: «الرسالة الأهم» التي يحملها هي أن «إسرائيل والولايات المتحدة سيبقيان أقرب حليفين وصديقين»، مؤكدا أن هذا هو «المبدأ الذي لا يمكن انتهاك حرمته». وكرر مقولته أن الروابط بين البلدين «لا يمكن كسرها»، وأكد أن «أمن إسرائيل سيبقى على رأس القضايا التي تحدد كيف تدير أميركا سياستها الخارجية».

وأشار أوباما إلى التوتر في العلاقات مع إسرائيل وخلافاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل غير مباشر، قائلا إن أي خلافات مع إسرائيل هي «خلافات تكتيكية». وشدد على ضرورة النظر إلى الخلافات الإسرائيلية – الفلسطينية بـ«عيون عذبة» في إشارة إلى الحاجة إلى نظرة جديدة للصراع القديم.