الصحف الغربية ترى في خطاب الأسد علامات ضعف في النظام

مظاهر توتر وتشبيه الموقف بمسرحية «مكبث» لشكسبير

TT

لم تختلف ردود الصحف البريطانية على خطاب الأسد الأخير عن الصحف ووسائل الإعلام العربية. فتنوعت آراء كتابها لكنها لم تختلف، حيث جاء إجماع على أن الخطاب لم يحمل أي مفاجأة للشعب السوري، ووصفته بأنه لم يحمل آمالا جديدة لأنه لا أمل للسوريين في الأسد حسب الصحف البريطانية، كما أن التوتر بدا واضحا في خطاب الأسد عند حديثه عن برنامج إصلاحي يتطلب نوعا من «الاستقرار» لتحقيقه.

وقد اعتبرت صحيفة «الغارديان» أن خطاب بشار الأسد الأخير يعكس ضعف نظامه، ففي خطابه الثالث بعد قيام الثورة السورية ما زال الأسد يقدم برامج طموحة للإصلاح، وما زال يعتبر المظاهرات مؤامرة من أعداء خارجيين. وما زال يواصل وصف القتلى الذين سقطوا في الثورة خلال المواجهات بالمتطرفين الإسلاميين والمجرمين، وأضاف إلى قائمته المعتادة لفظا جديدا وهو «الجراثيم»، وأطلق وعودا جديدة بإقامة حوار وطني وإحداث قانون يضمن تعددية الأحزاب ومحاسبة المسؤولين عن العنف وأشار إلى شرعية بعض المطالب.

وقد رأت الصحيفة أن هذا يتضارب مع ما قالته المعارضة السورية منذ أسابيع عندما عبرت على أنها وصلت لنقطة لا يمكن الرجوع عنها. كما أشارت إلى فشل الأسد في إقناع اللاجئين في تركيا بالعودة. وبينت الصحيفة أنه في اليوم الذي دعا فيه بشار الأسد للحوار الوطني كانت فكرة الحوار قد ماتت. كما اعتبرت «الغارديان» أن الأسد من خلال خطابه وضع نفسه على أنه محور التغيير، لكن الحقيقة أن كل الأعمال الإصلاحية التي يحاول القيام بها لن تسفر عن نتيجة إن لم يرحل.

أما «الديلي تلغراف» فاعتبرت أنه وبعد خطابين سابقين وفشل في تقديم جدول زمني واضح بالإصلاحات جاء خطاب الأسد الذي تواصل لحدود الساعة ليؤكد أنه لا إصلاح من دون استقرار. لم يأت الأمر مفاجئا لمستمعيه.

واستغرب كاتب المقال ريتشارد سبنسر أن الأسد تمادى في الحديث عن تورط أجانب في أعمال الشغب متجاهلا أن قواته لم تجد أي أجنبي بين آلاف القتلى والمصابين والموقوفين.

وبدا الأسد متوترا حسب ما وصفته صحيفة «الإندبندنت»، فهو يرى أن كل ما يحدث في سوريا بسبب مخربين، وأنه لم يكن بإمكانه مواجهة من يحملون الأسلحة بحلول سياسية. كما عرضت «الإندبندنت» رأي المحلل اللبناني أسامة صفاء الذي وصف حلول الأسد وخطابه بأنها «صغيرة جدا ومتأخرة جدا»، مؤكدا عدم شرعية نظامه. كما ذكرت «الإندبندنت» رأي وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، الذي قال إن على الأسد أن يبدأ إصلاحاته وإن الناس قد فقدوا ثقتهم فيه.

أما صحيفة «الفاينانشيال تايمز» فقد عنونت تعليقها على خطاب الأسد بـ«خطاب الأسد صدى خاو لشكسبير». وبين المقال الذي كتبه ديفيد غاردنير أن الأسد رغم تحدثه عن الإصلاح في مناسبات سابقة، فإنه أنزل دباباته وطائراته للقضاء على الثورة في سوريا.

لكن وبحسب الصحيفة فإن الأسد يواجه شعبه الذي يبحث عن التحرر من قيود نظام فرض عليه منذ أربعة عقود بتبريرات تعيد أسباب الثورة وصانعيها لعصابات مسلحة، وقوات أجنبية، وحركات إسلامية متطرفة. وكذلك اتهم الأسد الإعلام العربي بتأجيج الثورة في سوريا. كما تحدثت الصحيفة عن موقف الأسد المتردد والذي يبدو من خلال حديثه عن حب شعبه له، رغم أنه تسبب في قتل 1300 مواطن سوري. وشبهوا موقفه بأحد أبطال مسرحيات شكسبير ماكبث.

وقد ضع نظام الأسد نفسه داخل دائرة من الدم، وقابليته لاستعمال العنف لا حدود لها حسب الصحيفة. ورغم ما يبدو من إمكانية استمراره لفترة طويلة، فإنه يبدو «متأرجحا».

صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية لم يختلف رأيها عن الصحف البريطانية، فحسب مقال جاء فيها أمس لليلى فاضل، فإن الأسد من خلال خطابه الذي أبدى فيه تمسكا بالسلطة التي ورثها عن والده لم يستطع كسب تأييد معارضيه بالإصلاحات التي تحدث عنها. كما تحدثت الصحيفة عن اللاجئين السوريين في تركيا وردودهم على الخطاب، حيث خرجوا في مظاهرات واصفين الرئيس السوري بـ«الكاذب» مطالبينه بالرحيل. كما عرضت الـ«واشنطن بوست» رأي مواطن سوري تحدثوا معه هاتفيا قال إنهم اضطروا لوصل الكهرباء من قرية مجاورة ليتمكنوا من مشاهدة خطاب الأسد، لكن ما سمعوه منه لم يرضهم. وبينت الصحيفة أن حشود المتظاهرين خرجت في سوريا بعد الخطاب في احتجاج على خطاب الأسد، معتبرة وعوده «خاوية». واعتبر المحللون حسب الصحيفة أن الحكومة السورية تشعر بأنها مهددة وترغب بشدة في إنهاء الثورة.

صحيفة «لوموند» الفرنسية رأت أنه رغم خروج الآلاف في دمشق من مؤيدي بشار والهاتفين بحياته الحاملين لشعارات تقول «نحن مع الإصلاح» و«نعم للوحدة الوطنية» حسب التلفزيون السوري، فإن هذا لم يمنع ملايين السوريين من مواصلة احتجاجاتهم في الساحات العامة وعرض مطالبهم بإصلاحات جذرية. وترى الصحيفة أن وعود الأسد لم تقنع المجتمع الدولي ولا المعارضة السورية التي دعت لمواصلة الثورة إلى أن يتم إسقاط النظام.