محمد السعيد لـ «الشرق الأوسط»: لا أتصور قيادة الجزائر من دون تدخل الجيش

مرشح سابق للرئاسة الجزائرية يحذر من انتقال المبادرة بالتغيير إلى الشارع

محمد السعيد
TT

حذر محمد السعيد، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة الجزائرية عام 2009، من «انتقال زمام المبادرة بالتغيير إلى الشارع». وقال إن السلطة «تملك اليوم هذه المبادرة، ومن الأفضل أن تتوجه نحو إصلاح جاد وفي هدوء، بدل أن يفرض علينا بالعنف وتحت ضغط الشارع».

وأشار السعيد رئيس «حزب الحرية والعدالة» (تحت التأسيس)، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بإقامته بالعاصمة، إلى أنه «ميال إلى الاعتقاد» بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن يترشح لولاية رابعة في انتخابات 2014، على أساس أن الثورات الشعبية التي وقعت بتونس ومصر اليوم، «كان طول حكم الرئيس أحد أسبابها الرئيسية». ودعا إلى «استخلاص العبرة مما حدث في هذه البلدان».

وشارك السعيد في المشاورات السياسية الجارية مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني، منذ 21 مايو (أيار)الماضي. وتعهد الرئيس بوتفليقة بأخذ مقترحات الأحزاب والشخصيات السياسية المعبر عنها في هذه المشاورات، كأرضية لتعديل دستوري مرتقب. وقال السعيد، الذي كان سفيرا لدى البحرين في عقد الثمانينات من القرن الماضي: «قلت للهيئة المشرفة على هذه المشاورات إنني أتمنى ألا يكون الأمر مجرد وسيلة لربح الوقت، لأن الإصلاح مفروض بحكم تطور المجتمع الجزائري. وقلت أيضا إنه من الأفضل أن تتوجه السلطة إلى الإصلاح في ظروف هادئة، لأنها تملك اليوم زمام المبادرة بالتغيير، وأخاف أن يفرض عليها التغيير عندما يصبح زمام المبادرة بيد الشارع». وتقول المعارضة إن السلطة «ليست صادقة في مسعاها» بخصوص الإصلاح السياسي الذي تعهد به الرئيس بوتفليقة. أما محمد السعيد، فيفضل أن ينتظر النتيجة التي ستفضي إليها المشاورات (تنتهي آجالها بنهاية الشهر) ليحكم على المسعى. وهو لا يوافق الأحزاب والشخصيات المحسوبة على المعارضة، التي رفضت المشاركة في لقاءات التشاور التي تجري تحت إشراف رئيس الغرفة البرلمانية الثانية عبد القادر بن صالح، «لأنني أعتقد أنها فرصة لتبليغ أصحاب القرار في الدولة بآرائنا ومواقفنا من كل القضايا».

وأطلق السعيد حزب «الحرية والعدالة» عام 2009. لكن وزارة الداخلية لم تمنحه الاعتماد القانوني من دون سبب معلن. ويعتقد أن حزبه سيتحصل على الترخيص قبل نهاية العام، بموجب الصيغة الجديدة لقانون الانتخابات الذي سيخضع لتعديلات. ورفضت السلطات عام 1999 اعتماد حزب حركة الوفاء والعدل، الذي كان السعيد أمينه العام. أما رئيسه فكان وزير الخارجية الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي. والسبب أن وزارة الداخلية اعتبرت مؤسسيه من «بقايا» «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة.

ويرى السعيد أن التوجه نحو الإصلاح الذي وعد به بوتفليقة «فرضه الشارع عندنا الذي يموج منذ سنوات في شكل احتجاجات، عكست تعطش الجزائريين للحرية والعدالة الاجتماعية. لكن قوة وزخم الثورات العربية وحجم الضغوط الدولية باسم حقوق الإنسان، لها أيضا أثر في هذا التوجه».

وبينما يطالب قطاع من الطبقة السياسية، الجيش بالانسحاب بشكل نهائي من المشهد السياسي وعدم التدخل في اختيار الرئيس، يرى السعيد أن المؤسسة العسكرية «ستظل قوية ما دامت الطبقة السياسية ضعيفة». ويشرح ذلك بقوله: «من الصعب تصور قيادة البلاد بواسطة السياسيين الموجودين في الساحة اليوم، من دون معونة الجيش الذي يبقى العمود الفقري لضمان الاستقرار في البلاد. وبعبارة أخرى، لا يمكن للطبقة السياسية أن تتصرف بمعزل عن المؤسسة العسكرية».

ويدعو السعيد إلى «مرحلة انتقالية يتجاوز فيها العمل السياسي ضعفه وهزاله الذي يميزه منذ الاستقلال (1962)، ليصل إلى مرحلة الحريات والديمقراطية الحقيقية، تبرز فيها طبقة سياسية جديدة تقودها كفاءات شابة.. إننا بحاجة إلى مرحلة انتقالية نتعلم فيها الحوار في ما بيننا».