العمادية عمرها آلاف السنين وتتربع على قمة بارتفاع 1400 متر

TT

للوصول إلى مدينة العمادية (إميدي) حسب التسمية الكردية، يتطلب المرور بمجموعة مثيرة من الاكتشافات المتتالية، اكتشافات جمالية فرضتها طبيعة إقليم كردستان التي تفاجئ الزائر بجبالها الشاهقة الخضراء ووديانها السحيقة المؤثثة بالأشجار.. إن ثمة عين ماء تختفي هنا، أو شلالا يتحول صوت هدير مياهه إلى خلفية للمشهد الساكن، أو قمة جبل حمراء إلى جانب أخرى سوداء تعد مفاجآت لا تعلن عن نفسها بسهولة ما لم تذهب إليها بنفسك وتتنفس رائحتها أو تلمس صخورها وهناك لا بد أن تمد يدك إلى عين الماء أو سيل الشلال البارد والصافي لتبلل روحك وتنعم بصفاء تلك الطبيعة وكأنك تضع توقيعك معلنا عن مرورك بهذا العالم الساحر بمفرداته.

وليس من باب الدقة أن تقول في إقليم كردستان «أنا ذاهب، أو سأذهب إلى العمادية» بل يجب القول «أنا سأصعد إلى العمادية»، فالطريق من مركز محافظة دهوك التي يتبع إليها إداريا قضاء العمادية، وعلى امتداد 70 كيلومترا تبدأ مغامرة التسلق إلى المدينة المعلقة فوق سطح العراق، فالشارع الوحيد الذي يقود إليها يتلوى على سفح الجبل الذي تقوم فوقه مثل أفعوان جبار، ومن يقود سيارته للمرة الأولى عليه ألا ينظر نحو جهة الوديان المحيطة بالجبل، إذ سرعان ما تحول مصيف سولاف والبلدات التي مررنا بها قبل قليل إلى نقاط صغيرة تغرق في ضبابية تحت الغيوم التي تعلو المدينة عليها، أو تكون بينها في غالبية أوقات الشتاء. ندخل العمادية (نحو 530 كم شمال بغداد) من إحدى بواباتها حيث كان فيها 3 بوابات، الباب الشرق، المعروف بـ(باب زبار) نسبة إلى منطقة زبار التي طل علها وقد هدم عام 1938 عندما تم شق طرق السارات إلى المدنة، والباب الغرب وهو باب واسع مبني بحجر الحلان وطلق عله «باب الموصل» و«سقافا» بفتح السن وعله 4 منحوتات أصغر حجما من الإنسان الطبعي وتعود أغلبها إلى عصر «الفرثيين» (سنة 148 قبل الميلاد، سنة 226 ميلادية) ولا يستبعد أن تکون لملوك «الفرثين» الذن حاربوا الرومان. وإلى الشرق يمتد طريق لقوافل الحيوانات ومنه إلى «كلي زنطه» مؤديا إلى مدينة أربيل التاريخية.