الأميركيون «سئموا أطول حرب في تاريخهم»

مع تخفيض أوباما القوات في أفغانستان

TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في ساعة متأخرة من ليلة أمس تخفيض آلاف من القوات الأميركية في أفغانستان، التي يبلغ عددها في الوقت الحاضر مائة ألف جندي. وقال أوباما إن التخفيض سيكون على مراحل، وإن القوات الأميركية ستبقى في أفغانستان، على الأقل، لثلاث سنوات أخرى، حتى سنة 2014.

وقال أوباما في خطابه إنه التزم بوعد كان قطعه عندما صار رئيسا سنة 2009، عندما أمر بإرسال ثلاثين ألف جندي إضافيين إلى أفغانستان. في ذلك الوقت، قال إن الزيادة في القوات الأميركية سوف «تلقن طالبان دروسا قاسية». وفي ذلك الوقت، قال إنه سيأمر ببداية انسحابها في سنة 2011، هذه السنة. وقال أوباما للشعب الأميركي إنه أوفى بوعده.

وأشار أوباما إلى أن قتل أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، يعتبر انتصارا كبيرا للقوات الأميركية، وإنه قلل خطر «القاعدة». وتعهد أوباما بالاستمرار في مطاردة «القاعدة» وكل الإرهابيين حيثما يكونون، وبأن أمن الشعب الأميركي هو الأول بالنسبة له.

وأمس، علقت صحف أميركية على قرار أوباما بتخفيض القوات الأميركية بصور تعكس، كما قالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، أن «الشعب الأميركي سئم أطول حرب في تاريخه.» وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها: «خطاب أوباما خطوة أولى نحو الخروج من ورطة سياسية كبري». وأشارت إلى أن الخطاب إلى الشعب الأميركي بالتلفزيون هو ثالث خطاب رئيسي له عن أفغانستان. وقال معلق في تلفزيون «إي بي سي»: «أوباما يجمع بين السياسة والرياضيات في حسابات القوات التي ستنسحب، والتي ستبقى، وكم وكيف ومتى». وأشارت صحيفة «يو إس نيوز توداي» إلى أن العسكريين ضغطوا على أوباما حتى لا يأمر بسحب قوات أكثر وخلال فترة أقصر، وأن العسكريين يريدون سنتين أو ثلاث سنوات قبل إنهاء القتال في أفغانستان. وقالت إذاعة «إن بي آر» إن الكونغرس يشهد تحالفا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري «لم يسبق له مثيل في هذه الأجواء التي يتوتر فيها الوضع السياسي في واشنطن». وهذه إشارة إلى اتفاق كثير من قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي على استعجال أوباما لسحب مزيد من القوات من أفغانستان.

وكان أكثر من ثلاثين سناتورا من الحزبين أرسلوا خطابا مشتركا إلى الرئيس أوباما لاستعجال سحب القوات الأميركية «بما لا يهدد الأمن الأميركي». هذا بالإضافة إلى أن كثيرا من المرشحين لرئاسة الجمهورية في الحزب الجمهوري يكررون في مؤتمراتهم الشعبية والصحافية استعجال الانسحاب.

في الوقت نفسه، أصدر معهد «بيو» في واشنطن نتيجة استفتاء جديد أوضح أن أغلبية الأميركيين (ستة وخمسون في المائة) قالوا إنه ينبغي سحب القوات من أفغانستان «في أقرب وقت ممكن». وكانت النسبة أربعين في المائة قبل عام. وقالت نسبة أربعين في المائة إنه يجب أن تبقى القوات في أفغانستان حتى يستقر الوضع هناك. ولم تقل سوى نسبة خمسة في المائة إنه تجب زيادة عدد القوات هناك.

ثلثا الديمقراطيين يريدون الانسحاب السريع، وأكثر من نصف المستقلين، وأقل من نصف الجمهوريين. بينما كانت نسبة الجمهوريين عشرة في المائة فقط في السنة الماضية.

وقال مراقبون في واشنطن إن التحول الأكبر جاء في جانب الجمهوريين الذين كانوا أكثر تأييدا للحرب من الديمقراطيين، وذلك لأن حرب أفغانستان بدأت في عهد الرئيس الجمهوري بوش الابن، ولأن الجمهوريين أكثر تأييدا لحرب الإرهاب من الديمقراطيين، ولأن السناتور أوباما خاض انتخابات الرئاسة سنة 2008 مع وعود بإنهاء حرب أفغانستان. في الوقت نفسه، قالت نسبة أكثر من ستين في المائة في استطلاع لتلفزيون «سي بي إس نيوز» إنه «ينبغي» تخفيض عدد القوات في أفغانستان. وقال مراقبون في واشنطن إن الأميركيين، مع زيادة تأييدهم لانسحاب سريع من أفغانستان، ما عادوا يهتمون كثيرا بما سيحدث بعد الانسحاب، وإن مصير الرئيس حميد كرزاي لا يبدو مصدر قلق بالنسبة لهم. ووضح هذا في استفتاء تلفزيون «سي بي إس نيوز». وأيضا في استفتاء «بيو» الذي قالت فيه الأغلبية إنها «تشك» في قدرة حكومة كرزاي على الحفاظ على الاستقرار بعد خروج الولايات المتحدة.

وأضاف المراقبون أن ميل الشعب الأميركي الكبير نحو الانسحاب بأسرع فرصة لا يعني عدم تأييدهم للقوات الأميركية. في استفتاء «بيو»، قالت الأغلبية إنها «راضية» عن العمليات العسكرية هناك. وقالت نسبة أعلى إن الولايات المتحدة «يمكن» أن تحقق أهدافها في أفغانستان.