الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لا يزال له أنصار متحمسون

رغم أن معارضيه يطالبون بعدم عودته ورحيل أبنائه من البلاد

علي عبد الله صالح (أ.ب)
TT

خارج مبان قديمة من الطوب اللبن المزخرف وعبر حارات ضيقة يلعب فيها أطفال حفاة الأقدام، يظهر هتاف بصورة متكررة داخل تلك المدينة القديمة المحاطة بأسوار في العاصمة اليمنية. وبصورة عشوائية، كما يبدو، يرفع شخص ما صوته قائلا: «الشعب يريد علي عبد الله صالح!».

تعاني حكومة صالح من انشقاقات على مستوى رفيع، هذا إلى جانب غياب الدعم الدولي. ولا تزال الحالة الصحية لصالح على وجه التحديد محل شكوك بعد هجوم على قصره الرئاسي أجبره على الذهاب إلى السعودية للعلاج. وطالب محتشدون داخل العاصمة صنعاء أول من أمس بعدم عودته ورحيل أبنائه أيضا، ولكن لا يزال للرئيس اليمني أنصار متحمسون، ولا سيما في المدينة القديمة.

وقال محمد الغيثي، وهو طالب ثانوية يدير مع شقيقه متجرا للعائلة في حي بالمدينة القديمة المعروفة بالحمامات التاريخية: «أنا متأكد بنسبة 100% من أنه سيعود مرة أخرى».

ومن الصعب قياس أرقامهم على وجه التحديد، كما أن دوافعهم ليست متشابهة، فالكثير منهم رجال قبليون يظهرون في تجمعات موالية لصالح في أيام الجمعة ويأتون من أماكن مختلفة داخل اليمن ويحصلون على أموال من شيوخهم، الذين يحصلون بالتبعية على أموال من الحكومة. ويتجمع الآلاف، ويحمل أفراد لا يجيدون القراءة ولا الكتابة لافتات عليها عبارة «نعم للشرعية الدستورية».

ويذكر أنه على مدار أشهر، كان الرئيس اليمني صالح يدلي بخطابات أسبوعية أمام التجمعات، وقد ساعده استعراض الدعم هذا على تبرير بقائه في السلطة، رغم الاعتصامات الاحتجاجية الأكبر بدرجة كبيرة والأكثر نظاما داخل العاصمة وفي مختلف أنحاء اليمن.

كما يأتي في المعسكر الموالي للرئيس صالح المئات من البلطجية الذين يحصلون على أجور ويجوبون شوارع صنعاء يحملون هراوات في أيديهم لضرب أي محتج شاب مناوئ للحكومة بصورة عشوائية، وذلك إلى جانب رجال أعمال بالحزب الحاكم استفادوا بدرجة كبيرة من فساد حكومة الرئيس صالح.

ويأتي الكثير من السكان داخل المدينة القديمة، الذين يميل اليمنيون إلى رسم صورة نمطية لهم كبسطاء وطيبين، في موقع مختلف – رغم أنهم يحضرون من حين لآخر تجمعات موالية للرئيس صالح، ويشغل الكثير منهم مناصب حكومية بسيطة. وهؤلاء لا يعانون من الفقر المدقع، وليسوا طرفا في حروب قبلية. وعلى ضوء توافر المدارس والمستشفيات بالقرب منهم وحالة السلم داخل الشوارع، يقولون إنهم يشعرون أن الرئيس صالح وفر لهم استقرارا يريدون أن يعيشوا فيه.

وقال الغيثي: «أول شيء هو أن المواطنين في صنعاء القديمة متعلمون، ولكن الشيء الآخر المهم هو أن هناك قدرا أكبر من الأمن هنا بالمقارنة مع أي مكان آخر داخل العاصمة. ونشعر أن هذا الأمن يأتي من صالح».

وقال عبد الله سويد، وهو صاحب متجر، إنه عندما يعود الرئيس صالح من السعودية «سنقيم الاحتفال الأكبر في العالم».

وأضاف سويد قائلا: «سيمتد من ميدان التحرير إلى شارع السبعين»، في إشارة إلى ميدان يسيطر عليه معسكر معارض لصالح، وشارع واسع آخر على بعد ميل تعقد فيه التجمعات الموالية للحكومة أيام الجمعة.

وتوجد خيمة أنشئت في معسكر الاحتجاج المناوئ للحكومة في جامعة صنعاء يمثل المدينة القديمة، ولكن يقول الكثير من المحتجين إن إطارات سياراتهم مزقت بسكين عندما تركوها بالقرب من منازلهم في المدينة القديمة.

وفي مساء يوم قريب بعد مرور أيام على ذهاب الرئيس صالح إلى السعودية، احتفل أنصاره بإطلاق الرصاص من الكلاشنيكوف في الهواء لساعات، عندما أعلنت وسائل إعلام رسمية أنه أجرى عملية جراحية ناجحة. وقال بعض المواطنين في المدينة القديمة إن الأمر بدا وكأن الحرب قد اندلعت. ونقلت صحف محلية أخبارا عن سقوط المئات من الجرحى بسبب الرصاص، كما ذكرت خبر مقتل الكثير من الأفراد. ويقول الموالون إنهم يشعلون السماء بالرصاص عندما يعود صالح من الرياض.

وقال سويد، الذي كان جالسا على الأرض مربعا قدميه داخل متجره: «كانت معجزة أنه لم يمت، فقد مات بعض من حوله، ولكنه لم يمت». وكان المتجر مظلما بسبب عدم توافر الكهرباء كثيرا داخل صنعاء في هذه الأيام.

وتتميز المدينة القديمة، حيث تنتشر ملصقات الرئيس صالح في كل مكان، بكراهية ملحوظة للمنافسين القبليين الرئيسيين لصالح، عائلة الأحمر، الذين دخلوا في معركة دامية مع الحكومة لقرابة أسبوعين في مطلع هذا الشهر. ويصدر بعض الأطفال همهمات استنكار عندما تذكر عائلة الأحمر.

وقال عبد الغني الإرياني، المحلل السياسي اليمني البارز، إنه في حال تولي عائلة الأحمر السلطة، وهو أمر غير محتمل، سيندفع الناس إلى جانب الرئيس صالح، وربما «يرفعون السلاح». ولكن إذا كان هناك انتقال سلمي نسبيا للسلطة – مثلما تسعى الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية.

وأضاف الإرياني أن المناصرين المتحمسين يحتمل أن يقبلوا واقع أن حكم صالح قد انتهى. وعلى أي حال، يفضل الكثير من الأعضاء البارزين في الحزب الحاكم هذا المقترح، الذي أعدته دول الخليج، ورفضه صالح، ولكنه بعث للحياة من جديد بعد رحيله عن البلاد. وبالطبع لا يدعمه الجميع داخل المدينة القديمة.

وأثناء الحديث إلى جانب متجر الغيثي في الجلاء، صرخ صديق يدعى رامي هاني بينما كان أحد جيرانه يمر بنا. وقال: «إنه إصلاحي، إنه إصلاحي»، وكان يعني أنه عضو بالحزب المعارض القوي. وأسرع الرجل مشيا، حيث كانت ملامح هاني فيها نوع من الازدراء.

وفي إحدى الليالي، وقف 3 رجال يتحدثون بهدوء خارج مغسلة تنظيف جاف علقت داخلها سترات من نوعية السترات الشهيرة التي يرتديها رجال من شمال اليمن على ثياب بيضاء. وقال محمد، رافضا ذكر اسم العائلة خوفا من الانتقام: «أذهب إلى الجامعة في بعض الأحيان خلال الأسبوع، ولكن في أيام الجمعة، يضربني أبي إذا لم أذهب إلى شارع السبعين».

* خدمة «نيويورك تايمز»