الرئيس السوداني يهدد بوقف تصدير النفط عبر الموانئ الشمالية.. والجنوب يستنكر

جوبا: نرفض ابتزاز البشير ونأسف لتفضيله الموارد على البشر

TT

استنكر «جنوب السودان» تهديد الرئيس عمر البشير بوقف تصدير النفط عبر الموانئ الشمالية في الشهر المقبل، واعتبر حديث البشير خصما على علاقات الشعوب واهتماما بالموارد قبل الإنسان، في وقت تتعثر فيه مفاوضات الشمال والجنوب حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء وتمسك الطرفين بمواقفهما. بينما دعا البشير أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى ترك مشروع الحركة الشعبية، وأكد أنه سيبني «السودان الجديد دون التفريط في شبر واحد من أراضيه. إلى ذلك، أنهى رئيس الجنوب والنائب الأول للرئيس سلفا كير ميارديت مباحثات مع الرئيس الأوغندي يوري موسفيني في كمبالا، تصب في اتجاه إيجاد منافذ جنوبية للدولة الجديدة والتحوط لمحاولات محاصرتها شمالا، وسط أجواء من التوتر بين الخرطوم وجوبا. وكشف الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية، الحزب الحاكم في جنوب السودان، ين ماثيو لـ«الشرق الأوسط» أن مفاوضات ترتيبات ما بعد الاستفتاء، التي تجري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين حزبه والمؤتمر الوطني الحاكم تواجه صعوبات كبيرة، وقال «لا يزال المفاوضون في مرحلة العموميات، بينما يركز مفاوضو (الوطني) على وقف العدائيات في جنوب كردفان التي تشهد مواجهات مسلحة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع». وتبحث المفاوضات قضايا النفط والعملة والجنسية والمواطنة وأصول الدولة السودانية، والحدود المشتركة وأبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

وتأتي المفاوضات في وقت يصعد فيه الرئيس عمر البشير من حملته ضد الجنوب، وأكد عدم قبول الخرطوم لأي شروط من حكومة الجنوب بشأن النفط، وحدد البشير ثلاثة خيارات: «إما استمرار قسمة النفط الحالية، ويمنح الاتفاق الشمال نسبة 50% من النفط الذي ينتج في الجنوب، أو أن يأخذ الشمال حقوقه في رسوم ترحيل النفط عبر الأنابيب المتجهة شمالا، ورسوم تأجير ميناء بشاير على البحر الأحمر، والضرائب عن كل برميل يمر بأراضيه»، أو إغلاق الخط الناقل للنفط. وأعلن البشير في لقاء جماهيري بمدينة بورتسودان بشرق البلاد ، أن «السودان مقبل على مرحلة جديدة بعد انفصال الجنوب»، وشدد على أن «السودان لن يفرط في شبر واحد من أراضيه، وأن جنوب كردفان والنيل الأزرق ستظل جزءا من أراضيه»، في إشارة واضحة إلى الجنوب وسيطرة الحركة الشعبية على ولاية النيل الأزرق والمعارك الجارية بين الجيش الشعبي والجيش السوداني. وطالب البشير أبناء تلك المناطق «بضرورة الاستفادة من الدروس السابقة وعدم الانجرار وراء مشروع السودان الجديد الذي دعت إليه الحركة الشعبية وقاتلوا من أجله معها»، منوها إلى مصيرهم بعد أن اختار الجنوب الانفصال»، وقال «إن السودان سيبني السودان الجديد بكل الذين صبروا وقاتلوا من أجله والذين يعملون من أجله، سواء كانوا داخل الحكومة أو خارجها»، إلا أن البشير عبر عن استعداده للعمل على خلق علاقات وطيدة مع حكومة الجنوب الوليدة لمصلحة الطرفين.

مشيرا إلى الروابط المشتركة مع الجنوب من حدود وتداخل اجتماعي. ومن جهتها حملت جوبا بشدة على البشير واعتبرته حديثه عن النفط يعبر عن حالة هلع تمر بها الخرطوم نتيجة للضغوطات السياسية والأزمة الكبيرة التي تشهدها البلاد. وقال ماثيو «نأسف لتفضيل البشير وحزبه المواد على البشر»، وأضاف «حين حكمت المحكمة الدولية في لاهاي في قضية أبيي، فرح قادة المؤتمر الوطني لأن القرار الدولي أخرج حقول هجليج للنفط من أبيي، وقالوا لقد كسبنا النفط ونسوا عشرات الآلاف من البشر»، ورأى المسؤول الجنوبي أن «البشير الملاحق دوليا من قبل المحكمة الجنائية لاتهامه بتقتيل شعبه في دارفور لا مخرج أمامه سوى الاحتفاظ بالسلطة والمال والنفط، لأنه من غير ذلك سيقدم للعدالة»، وحذر من أن مثل هذه المواقف تضر السودانيين في الشمال وفي الجنوب على السواء، وما كان يجب أن تصدر من قبل رئيس دولة مسؤول». ومن جهة أخرى، استنكرت حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، خطاب وزير الخارجية السوداني علي كرتي أمام البرلمان أول من أمس، الذي جدد فيه مشاركة عناصر من الحركات المسلحة في الأحداث الجارية في ليبيا، واعتبرت حديثه إصرارا على التحريض الجهوي ضد السودانيين في ليبيا. وقال المتحدث باسم الحركة جبريل آدم بلال لـ«الشرق الأوسط»، إن حركته تتعهد بملاحقة كرتي قانونيا ومطاردته في زياراته الخارجية، وخاصة تلك التي يقوم بها إلى أوروبا وأميركا، داعيا إلى تقديم كرتي للمسائلة القانونية بعدما أصر على موقفه التحريضي ضد السودانيين المقيمين بليبيا، وقال «لا يجب أن يمر هذا الخطأ المتعمد من وزير الخارجية كرتي، وعليه أن يقدم للمسائلة القانونية إذا كان هناك قضاء حر ونزيه ومستقل في السودان» ، وأضاف أن الذي حدث للسودانيين المقيمين بليبيا جراء تصريحات علي كرتي، هو جريمة جنائية في حقهم، مشيرا إلى أن عددا من السودانيين تم قتلهم ومنهم من هو في السجن الآن، وتابع «السبب هو تصريحات وزير الخارجية علي كرتي المحرضة على القتل»، وقال «لكن للأسف، كل الأجهزة العدلية في السودان تدين بالولاء المطلق لـ(المؤتمر الوطني)، والعديد من القضاة ينتمون للحزب الحاكم» ، وأضاف «حتى نقابة المحامين لم تسلم من المؤتمر الوطني».