أحزاب ونقابات مغربية معارضة للدستور الجديد تستعمل وسائل الإعلام الحكومية لشرح مواقفها

النقاشات الساخنة بين المؤيدين والمعارضين خلال الحملة تجذب المشاهدين والمستمعين

TT

تمكنت الهيئات السياسية والنقابية التي قررت مقاطعة الاستفتاء على الدستور للمرة الأولى في المغرب من استعمال وسائل الإعلام الحكومية للتعبير عن وجهة نظرها، وذلك خلال حملة الاستفتاء على الدستور التي انطلقت الثلاثاء الماضي، وتستمر حتى 30 يونيو (حزيران) الحالي.

ومنذ انطلاق الحملة استضافت القنوات التلفزيونية المغربية الحكومية في برامجها تيارات سياسية مؤيدة وأخرى معارضة للدستور في بادرة غير مسبوقة، حيث تتاح الفرصة أمام الجانبين لإبداء وجهات نظرهما في مضامين الدستور، وفي كثير من الأحيان تحول النقاش إلى مشادات كلامية بين الطرفين، وهو ما أدى إلى جذب عدد كبير من المشاهدين والمستمعين.

وكان قد صدر قانون يحدد بدقة الحصص الزمنية الممنوحة لكل حزب أو نقابة خلال مداخلاتها عبر الإذاعة والتلفزيون، طبقا لحجم تمثيليتها، وينص هذا القانون على أن استعمال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الحكومية، وهي الإذاعتان الرئيسيتان، والإذاعة الأمازيغية، والقناتان التلفزيونيتان الأولى والثانية، وقناتا «الأمازيغية»، و«ميدي1 تي في»، خلال حملة الاستفتاء، متاح أمام الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية المؤسسة بصفة قانونية خلال حملة الاستفتاء.

وأنشئت بموجب هذا القانون، لجنة للإشراف على هذه العملية تضم في عضويتها ممثل وزارة الاتصال (الإعلام)، وممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية المشاركة في الحملة، وكذلك ممثلو مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وتسهر على ترتيب كافة التدخلات وبرامج تقديم التجمعات، وهو الترتيب الذي تم بواسطة القرعة خلال اجتماع ترأسه ممثل وزارة الاتصال بحضور أعضاء اللجنة.

وحسب القرار، فإن توزيع المدد الزمنية لاستعمال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة خلال حملة الاستفتاء سيهم المداخلات عبر الإذاعة والتلفزيون، وتغطية التجمعات الخاصة بالحملة. وفيما يتعلق بالتدخلات عبر الإذاعة والتلفزيون، ينص القرار على أنه يخصص لكل حزب من الأحزاب السياسية التي تتوفر على مجموعة برلمانية في أحد مجلسي البرلمان، أو تتوفر على عدد من الأعضاء لا يقل عن العدد المطلوب لتشكيل مجموعة برلمانية داخل المجلس المعني، ولكل واحدة من المنظمات النقابية الممثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مدة بث تتراوح بين 12 دقيقة على أساس حصتين اثنتين من ست دقائق لكل حصة في كل وسيلة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الحكومية المذكورة.

كما ينص القرار على أن كل حزب من الأحزاب السياسية الأخرى الممثلة في البرلمان، وكذا كل منظمة من المنظمات النقابية الأخرى الممثلة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، يتوفر على مدة بث من ست دقائق على أساس حصة واحدة في كل وسيلة من هذه الوسائل، فيما ستتوفر الأحزاب الأخرى غير الممثلة في البرلمان، والمنظمات النقابية غير الممثلة في مجلس المستشارين، على مدة بث واحدة من ثلاث دقائق.

وبخصوص تغطية التجمعات الخاصة بالحملة، ينص القرار على أن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة المذكورة، ستقوم ببث تغطية لتجمع واحد للحزب السياسي أو المنظمة النقابية، يختاره الحزب أو المنظمة من بين التجمعات التي يتم تنظيمها خلال حملة الاستفتاء.

وحددت المدة الزمنية لهذه التغطيات في ثلاث دقائق بالنسبة للأحزاب السياسية التي تتوفر على فريق خاص بها بأحد مجلسي البرلمان، أو تتوفر على عدد من الأعضاء لا يقل عن العدد المطلوب لتكوين مجموعة برلمانية داخل المجلس المعني، ولكل واحدة من المنظمات النقابية الممثلة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ودقيقتين بالنسبة للأحزاب السياسية الأخرى الممثلة في البرلمان، والمنظمات النقابية الأخرى الممثلة في مجلس المستشارين، ودقيقة واحدة بالنسبة للأحزاب الأخرى غير الممثلة في البرلمان، والمنظمات النقابية غير الممثلة في مجلس المستشارين.

وقال سعيد العلام، الباحث في العلوم السياسية لـ«الشرق الأوسط» إن إشراك الأحزاب السياسية والنقابات التي دعت إلى مقاطعة الدستور في التعبير عن رأيها في وسائل الإعلام الحكومية أمر بديهي، وأصبح كذلك حقا بموجب القانون. وأضاف أنه لا يمكن رفع شعارات الديمقراطية وفي الوقت ذاته الاقتصار على الترويج للرأي الواحد.

وأشار العلام إلى أن القانون يتحدث عن الهيئات السياسية والنقابية المرخص لها والمعترف بها قانونيا، بيد أن هناك أطرافا أخرى في الشارع، كما قال، غير منتمية أو لم يرخص لها، ومن حقها التعبير عن وجهة نظرها كذلك في مشروع الدستور المقبل، إلا أنه لن يكون ذلك متاحا أمامها إلا بصدور قانون جديد يمنحها الحق في التعبير عن رأيها في وسائل الإعلام الحكومية، على حد قوله. وكان المجلس الأعلى للاتصال المرئي والمسموع، قد أصدر توصية تتعلق بضمان تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي في وسائل الاتصال المرئي والمسموع لكافة الأحزاب السياسية والنقابات المؤسسة بصفة قانونية، خلال فترة الاستفتاء على الدستور الجديد، وذلك من أجل «تنوير المواطن في اختياراته قصد مساعدته على تكوين رأيه بكل حرية بغرض ممارسة حقه في التصويت المرتبط بشرط ضمان الطابع التعددي والنزيه للأخبار»، كما أوصى بفتح برامج التلفزيون خلال فترة الاستفتاء، أمام جميع تيارات الفكر والرأي، وكذا أمام السياسيين والنقابيين والاقتصاديين والأكاديميين والمثقفين والمجتمع المدني.