البرلمان الإيراني يلاحق نجاد وتيار «المنحرفين.. الأكثر خطرا» على الجمهورية

رفض خطته لدمج وزارتي النفط والطاقة واستحداث وزارة الرياضة ومرشحه لها

حميد سجادي، مرشح الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لوزارة الشباب والرياضة، يلقي خطابه أمام البرلمان أول من أمس (أ.ب)
TT

وضع البرلمان الإيراني أمس خطة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، لدمج وزارتي النفط والطاقة، على الرف، وتجنب مناقشتها في جو طغت عليه الخلافات السياسية في البلاد بين حكومة أحمدي نجاد والبرلمان والأوساط الدينية.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن صحيفة «دنيا» الاقتصادية عن النائب حسين سبحاني نيا، قوله «خلصت لجنة برلمانية على صلة بالموضوع إلى أهمية الإبقاء على استقلالية وزارة النفط». وأضاف «لذلك قرر البرلمان إلغاء مسألة دمج وزارتي النفط والطاقة من جدول الأعمال».

وحسب مراقبين في طهران، تجاوز الخلاف بين البرلمان وحكومة أحمدي نجاد مرحلة الاختلاف حول المسائل الفنية، وتحول إلى مشكلة آيديولوجية بين هذه الأطراف.

وكان الرئيس الإيراني، الذي يواصل محاولاته تنفيذ ما اعتبر استراتيجية «التحدي المستمر» للمرشد الأعلى للجمهورية، قد سعى للحصول على موافقة البرلمان على قرار بدمج الوزارتين لكي يتمكن من الإشراف بنفسه على وزارة النفط مؤقتا لحين تنفيذ الخطة. لكن البرلمان ومجلس صيانة الدستور، رفضا خطة تولي أحمدي نجاد للوزارة مؤقتا، ووصفاها بأنها خطوة غير قانونية، مما اضطر نجاد لطرح اسم آخر لتولي هذا المنصب.

وجاءت الصفعة التالية بعد رفض البرلمان خطة الرئيس الإيراني استحداث وزارة الرياضة وذلك بعدما رفض البرلمان أول من أمس، مرشحه لتولي منصب أول وزير رياضة.

ومن شأن الاعتراض هذا على الوزير والوزارة، تصعيد الأزمة، التي تتوالى فصولها تباعا، بين أنصار الحكومة والمحافظين في البرلمان، وكذلك الأوساط الدينية التي تتهم أحمدي نجاد ومساعديه بأنهم لم يعودوا يلتزمون مبادئ المؤسسة الإسلامية.

ويعد المستشار السياسي لأحمدي نجاد، وصهره اسفنديار رحيم مشائي، الهدف الرئيسي للمحافظين ورجال الدين، ويتهمونه بتقويض سلطتهم. واعتبره رجل الدين الإيراني المحافظ، آية الله محمد تقي مصباح يزدي، وفقا للصحافة الإيرانية، ذا تأثير سلبي على الرئيس نجاد. وقال يزدي، الذي اعتبر مرارا مرشدا للرئيس «هذا الشخص (مشائي) الذي يعاني من مشكلة، أثر سلبيا على هذا السيد (الرئيس) ويمسكه من يده».

ويتعرض مشائي لهجوم عنيف من قبل رموز التيار المحافظ داخل النظام الإيراني، باعتباره «ليبراليا جدا» و«قوميا جدا». وفي هذا السياق اتهم مشائي بالوقوف وراء محاولة الرئيس نجاد إقالة وزير الاستخبارات الإيرانية، حيدر مصلحي في أواسط أبريل (نيسان) الماضي، والتي أجهضها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. في حينه، أكد مؤيدو نجاد على صواب قرار الرئيس الذي «لا لبس فيه»، وعلى تخويل الدستور نجاد كرئيس، صلاحية إقالة أو فصل أي من وزراء حكومته. لكن خامنئي لم يطل من عمر القرار أكثر من بضع ساعات، وقام برده، وأمر بإعادة مصلحي إلى موقعه موجها لطمة جديدة للرئيس الذي يصر على متابعة سياسة «التحدي المستمر».

وكان البرلمان الإيراني أنذر، الاثنين الماضي، وزير الخارجية، علي أكبر صالحي، بضرورة التصرف تجاه محمد شريف مالك زاده، أحد نوابه، ممن تربطهم صلة بمشائي، وخيره بين الإقالة أو اتهامه بالتقصير في أداء واجبه.

وقد بدأ البرلمان، أول من أمس، فعليا في إجراءات إقالة صالحي لإقدامه على تعيين محمد شريف مالك زاده، المقرب من مدير مكتب الرئيس نجاد، نائبا للوزير، وهو خصم للمحافظين المتشددين الذين يسيطرون على المجلس. وتلا مجلس رئاسة البرلمان، مذكرة الإقالة التي وقعها 33 نائبا محافظا، كما ينص عليه القانون حسبما جاء في بيان نشر على موقع البرلمان الإلكتروني.

وبموجب الدستور، فإن تواقيع 10 نواب في مجلس الشورى (البرلمان) المؤلف من 290 نائبا، ضرورية لبدء إجراءات الإقالة بحق وزير ما. وهذه الخطوة يجب أن تحصل على موافقة لجنة رئاسة البرلمان قبل إرسالها للتصويت. ويكون أمام الوزير المعني، مهلة 10 أيام للمثول أمام البرلمان للدفاع عن موقفه وطلب تصويت على الثقة مجددا.

لكن النواب تخلوا، في اليوم التالي، عن إجراءاتهم رسميا، مشيرين إلى بطلان أسبابها، بعدما وافق الوزير صالحي على التخلي عن «شخص لا تتوافر لديه المؤهلات المطلوبة، وينتمي إلى دائرة الانحراف»، في إشارة إلى المقربين من مشائي.

وكان نائب الوزير المثير للجدل، زاده، قد أعلن استقالته أول من أمس، بعد 3 أيام على تعيينه من قبل صالحي، وكان مسؤولا عن المجلس الأعلى للإيرانيين في الخارج برئاسة مشائي المستشار الرئيسي للرئيس أحمدي نجاد.

من جهة أخرى أوقف القضاء الإيراني عددا كبيرا من أعضاء المجلس الأعلى، في الأسابيع الأخيرة، لأسباب مختلفة، خصوصا اختلاس أموال، كما ذكر نواب محافظون.

وبدأ المحافظون المتشددون الذين يهيمنون على المؤسسات الإيرانية منذ شهرين، هجوما واسعا على مشائي والمحيطين به، لحمل الرئيس أحمدي نجاد على عزل هذا المستشار، الذي يعتبر ليبراليا جدا وقوميا جدا، ويتهمونه بتزعم «تيار منحرف» يهدد النظام الإسلامي. لكن أحمدي نجاد لا يزال يرفض، حتى الآن، التخلي عن مدير مكتبه.

إلى ذلك نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وكالة فارس الإيرانية للأنباء، قولها إن أكثر من 55% من نواب البرلمان الإيراني، رفضوا ترشيح حميد سجادي (43 عاما)، الذي شارك في بطولة آسيا للركض لمسافات طويلة في التسعينات، ويشغل منصب نائب رئيس جهاز الرياضة الإيراني.

وتعد هذه خطوة أخرى في سياق معارضة البرلمان للرئيس، الذي كان قد طلب من النواب صراحة، الموافقة على تعيين الوزير واستحداث الوزارة الجديدة من أجل ما اعتبره مصلحة للبلاد. ومن شأن هذا الاعتراض على الوزير والوزارة، تصعيد الأزمة بين أنصار الحكومة والمحافظين داخل البرلمان، وكذلك تأجيج الحرب الدائرة بين الأوساط الدينية وأحمدي نجاد ومساعديه.

يذكر أن أحمدي نجاد، هو من اقترح إنشاء وزارة رياضة في إطار جهوده للتواصل مع الأجيال الشابة.

ويذكر أيضا، أن أكثر من نصف تعداد سكان إيران أقل من 30 عاما. وكان نجاد قد قال أثناء تقديمه لسجادي أمام البرلمان إن «الرياضة تعد جزءا هاما من السياسات الداخلية والخارجية، وتعكس نجاح الإدارة (السياسية) وكرامة الأمة».