السلطات القضائية المصرية لـ «الشرق الأوسط»: لن نسمح بعلاج مبارك في الخارج

مساعد النائب العام: وافقنا على حضور طبيبه الألماني ولا مانع من استقدام أي أجهزة طبية له

عروسان مصريان يحتفلان بزفافهما في منطقة الحسين بوسط القاهرة أمس (أ.ب)
TT

قالت السلطات القضائية المصرية أمس، إنها لن تسمح بعلاج الرئيس المصري السابق حسني مبارك في الخارج، حتى لو تطلب الأمر ذلك. وأوضح المستشار عادل السعيد، مساعد النائب العام المصري، لـ«الشرق الأوسط»، أن النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، وافق على حضور الطبيب الألماني لمبارك، وأنه لا مانع من استقدام أي أجهزة طبية قد تتطلبها حالة الرئيس السابق، في حال عدم وجود مثيل لها في مصر، وأضاف عن إمكانية علاج مبارك في الخارج «بالطبع لا».

يأتي ذلك في وقت ناشد فيه مؤيدون للرئيس السابق أمس السلطات العفو عنه لأسباب صحية وأخلاقية، ووزعوا منشورات دعوا فيها للتظاهر يوم غد الجمعة لهذا الغرض.

وفي اليومين الأخيرين، أعلن أطباء بمستشفى شرم الشيخ الدولي التي يحتجز فيها مبارك، (83 عاما)، أن صحته مستقرة، وهو ما قالته الحكومة أيضا، نافية أن يكون به أي إصابة بالسرطان، لكن محاميه فريد الديب أعلن قبل يومين أن في حوزته تقريرا طبيا يفيد بإصابة مبارك بسرطان المعدة، وطلب استقدام الطبيب الألماني، ماركوس بوشلر، الذي عالج مبارك العام الماضي. وثارت أسئلة في غرف القانونيين بشأن ما يمكن أن يحدث لو كانت حالة مبارك متدهورة لدرجة أنها تتطلب العلاج في خارج البلاد.. وماذا إذا وحملضع بوشلر تقريرا عن مبارك مغايرا لتقريري المستشفى والديب. وأجرى بوشلر عملية جراحية لاستئصال مرارة الرئيس السابق العام الماضي في مستشفى هايدلبرغ بألمانيا.. وقال يوم أول من أمس إنه مستعد بشكل مبدئي لمعالجة مبارك، وذلك عقب تقدم الديب بطلب للسلطات القضائية لاستقدامه لكي يقوم بتوقيع الكشف الطبي على الرئيس السابق في مستشفى شرم الشيخ. وقالت المصادر الطبية إن مبارك كان من المقرر أن يعود هذا العام للفحص الطبي بألمانيا ومواصلة العلاج، إلا إن الإطاحة بحكمه، في الحادي عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي، حالت دون ذلك.

وقال المستشار السعيد إن النائب العام وافق على حضور الطبيب الألماني لمصر لمقابلة مبارك، مشيرا إلى أن ذلك سيكون على نفقة الرئيس السابق الخاصة. ونفى السعيد ما تردد عن احتمال موافقة السلطات القضائية على سفر مبارك خارج مصر إذا كانت حالته الصحية تتطلب ذلك، وقال: «لم نوافق على سفر الرئيس السابق إلى خارج البلاد، ولكن وافقنا على حضور الطبيب الألماني له هنا في مصر». وعما إذا كانت الموافقة على زيارة بوشلر لمبارك صدرت من المجلس العسكري الحاكم أم من مكتب النائب العام، أوضح: «نحن نوافق على حضور الطبيب الألماني إذا كان يريد الحضور لمصر وهو (مبارك، إذا أراد لبوشلر أن يزروه، فعليه أن) يستقدمه بطريقته الخاصة». وأضاف المستشار السعيد حول ما يتعلق بإمكانية موافقة السلطات القضائية على سفر أي مواطن يخضع للمحاكمة للعلاج بالخارج في حالة لم تتوافر إمكانية علاجه في داخل البلاد: «لا بالطبع.. لكن نوفر له العلاج داخل البلاد، وإذا أراد أن يستقدم طبيبا من الخارج، فليستقدم طبيبا من الخارج للكشف عليه».

وردا على سؤال آخر حول ما إذا كانت حالة المريض تتطلب الفحص بأجهزة غير متوافرة في داخل البلاد، أوضح المستشار السعيد: «في هذه الحالة، نوفر له المعدات التي يحتاجها». ولم يحدث أن تم السماح لأي مصري يخضع للتحقيق أو محكوم عليه بالسفر للعلاج في الخارج، حسب ما أفاد به الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى المصري السابق، وقال إن موضوع تسفير مريض محبوس احتياطيا للخارج «لم يحصل.. وباعتبار أن مبارك يخضع للتحقيق والحبس الاحتياطي، فإن الأمر ينطبق عليه».

وحول التساؤل بشأن إمكانية أخذ سلطات التحقيق بتقارير طبية عن حالة مبارك من عدة مصادر، قال الدكتور السيد إن «هذا يجوز». وردا على سؤال عما يمكن أن تقوم به سلطات التحقيق في حال جاء التقرير الذي قد يضعه الطبيب الألماني عن صحة مبارك، مغايرا للتقرير الذي يضعه الأطباء المعالجون للرئيس السابق في مستشفى شرم الشيخ الدولي، قال شوقي السيد إن السلطات القضائية تقوم في هذه الحالة بندب «لجنة طبية محايدة» لوضع تقرير نهائي، مشددا على أن سلطة التحقيق «لا بد أن تطمئن إلى سلامة التقرير، قبل أي شيء».

وأضاف الدكتور السيد أنه في حالة عدم اطمئنان المحكمة أو سلطة التحقيق إلى ما انتهت إليه اللجنة المحايدة (المفترضة)، فإن السلطات القضائية لها الحق في مناقشة التقارير المختلفة ومواجهة واضعيها بعضهم بعضا، مشيرا إلى أن من واجبات سلطات التحقيق «الحفاظ على صحة المحبوس احتياطيا وحياته، والسماح باستقدام علاج طبيب ذي كفاءة معينة حتى لو كان أجنبيا، لأن الحفاظ على حياته من حقوق الإنسان، إلى أن يحاكم في التهم الموجهة إليه».

وقبل يومين صرح أحد كبار الأطباء المصريين المشرفين على علاج مبارك بمستشفى شرم الشيخ، بأنه ليس مصابا بالسرطان، وأن التقارير التي قدمها الديب تهدف إلى عرقلة محاكمة الرئيس السابق واستمالة الرأي العام للعفو عنه. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن عاصم عزام، رئيس فريق مبارك الطبي بالمستشفى، قوله «إن الفحوصات الطبية تبين أن الرئيس السابق ليس مصابا بالسرطان وإن حالته مستقرة بصفة عامة». وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نقلت وسائل إعلام محلية عن الدكتور أشرف حاتم، وزير الصحة في الحكومة المصرية، أن الحالة الصحية للرئيس السابق لم يطرأ عليها أي تغيير خلال الفترة الماضية، وأنه لا يوجد انتشار للسرطان في جسمه، مستنكرا الأخبار المتداولة عن صحة مبارك.

ونقل مبارك إلى مستشفى شرم الشيخ في أبريل (نيسان) الماضي أثناء أول جلسة استجواب له لتعرضه لمرض في القلب، وأظهرت الكشوف الطبية الرسمية عليه أنه يعاني أوراما بالقنوات المرارية والبنكرياس، ونوبات ارتجاف أذيني متكرر مصحوب بانخفاض حاد في ضغط الدم وقصور لحظي في الدورة الدموية للمخ، مما يؤدي إلى فقدان لحظي للوعي، إضافة لاختلال بضربات القلب البطينية متعددة المصدر وبشكل متقارب والتي تهدد بحدوث ارتجاف بطيني المسبب للسكتة القلبية المفاجئة. ويواجه مبارك، ومسؤولون آخرون من نظامه، تهما منها الفساد المالي والقتل العمد للمتظاهرين في الاحتجاجات المليونية التي سقط فيها أكثر من 800 قتيل. ويقول محامي مبارك إنه غير مذنب. وتحددت للرئيس السابق جلسة محاكمة بشأن التهمة الثانية أمام محكمة الجنايات يوم 3 أغسطس (آب) المقبل. وبالأمس، استمر مؤيدون لمبارك، الذي حكم مصر لنحو ثلاثين عاما، في كتابة شعارات على جدران مبان بالقاهرة ووزعوا منشورات في العديد من المقاهي دعوا فيها للتظاهر يوم غد باسم «جمعة الغضب»، تحت شعار «الكبير لا يهان».