بينما لا يزال الغموض يحيط بطبيعة استجابة المجلس العسكري الحاكم في مصر للدعوات التي تطالب بوضع الدستور أولا، قبل الذهاب للانتخابات البرلمانية المقرر لها سبتمبر (أيلول) القادم، أعلن نشطاء في حملة الـ«15 مليون توقيع»، والتي تضغط في اتجاه وضع الدستور أولا، أنهم نجحوا في الحصول على 5 ملايين موافقة، ودعوا الدكتور عصام شرف للتوقيع على بيان الحملة. وفي حين قال الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء، إنه «تقدم باستقالته، لكن المجلس العسكري رفضها»، استقال أمس قيادي بحزب الوفد احتجاجا على ائتلاف جمع حزبه بحزبي السلفيين و«الإخوان المسلمين».
وقال الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء المصري، إنه تقدم باستقالته لرئيس الوزراء الذي قبلها تحت ضغوط منه.. لكن المشير حسين طنطاوي (القائد الأعلى للقوات المسلحة) رفضها.
ولم يوضح الجمل الأسباب التي دفعته للاستقالة، لكن مراقبين يرجحون أن تكون استقالته قد جاءت على خلفية انتقادات واسعة وجهت له من قبل التيارات الإسلامية، بعد أن أعلن موقفه الداعم لوضع «الدستور أولا»، قائلين إن هذا الموقف التفاف على شرعية الاستفتاء على التعديلات الدستورية (التي جرت مارس/ آذار الماضي، ووافق 77 في المائة ممن لهم حق الاقتراع على إجراء الانتخابات بعد شهرين)، بالإضافة لانتقادات أخرى يوجهها شباب الثورة للجمل بعد دعوته قيادات من الحزب الوطني لمؤتمر الوفاق القومي.
وفي غضون ذلك، أعلن القيادي سامح مكرم عبيد استقالته من عضوية حزب الوفد، مرجعا أسباب استقالته لدخول الحزب الليبرالي في تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، لتكوين جبهة واحدة لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة.
وشن عبيد، سليل أسرة مكرم عبيد القيادي البارز في حزب الوفد القديم، هجوما حادا على توجهات حزبه في الفترة السابقة، خاصة بعد تحالف الحزب - الذي وصفه بقلعة الليبرالية في مصر - مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث قال في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنه «من المفهوم - لكن غير مقبول - تحالف (الوفد) مع الإخوان المسلمين قبل ثورة 25 يناير، ضد الحزب الوطني، إلا أن التحالف مع (الإخوان) حاليا يعد بمثابة إضفاء شرعية وفدية لـ(الإخوان) لضرب الدولة المدنية الليبرالية».
وقال عبيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التحالف هو انتهاز سياسي مشين من الحزب من أجل حفنة من مقاعد بالبرلمان»، متوقعا ألا يدوم هذا التحالف طويلا، متهما قيادات الوفد بالتنصل لمبادئ وثوابت «الوفد» التي «دافع عنها لمدة 90 عاما».
من جهته، قال محمد مصطفى شردي، المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، لـ«الشرق الأوسط»: «انسحاب سامح مكرم عبيد هو حق شخصي، ونحن نحترم كل الآراء التي تختلف معنا»، متابعا «كنت أتمنى أن تكون استقالته (عبيد) سياسية في المقام الأول، وليست دينية من منظور أن الحزب تحالف مع (الإخوان المسلمين)»، معتبرا أن الاختلاف من منظور ديني طائفي هو شيء غير مقبول على الإطلاق.
وأشار شردي إلى أن اختلاف الوفد مع جماعة الإخوان المسلمين لا يعني إغفال وجودها الكبير على الساحة السياسية في مصر في الفترة الحالية، مشددا على أن الهدف الرئيسي من هذا التحالف هو التأكيد على الدولة المدنية وترسيخ الديمقراطية.