الكتل العراقية منقسمة حيال الوجود الأميركي.. وتصريحات السفير الإيراني تقلق الجميع

الناطقة باسم «العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: المطلوب إجماع وطني

جندي أميركي يحمل أمتعته قبيل مغادرته مع بقية رفاقه قاعدة عسكرية قرب الحدود العراقية مع إيران أمس (إ . ب . أ)
TT

لا تزال مواقف الكتل السياسية العراقية تشهد تباينا واسعا من قضية الوجود الأميركي في العراق على الرغم من بدء العد التنازلي لانسحاب القوات الأميركية من الأراضي العراقية نهاية هذا العام طبقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن عام 2008. وفي الوقت الذي سبق فيه لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن أعلن أنه شخصيا ضد التمديد للقوات الأميركية وأن الاتفاقية الموقعة أصلا بين الطرفين لا تسمح ببقاء الأميركيين إلا في حال عقد اتفاقية جديدة وهو أمر متروك للكتل السياسية والبرلمان فإن الزيارة التي يقوم بها حاليا للولايات المتحدة الأميركية رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي مرتبطة من وجهة نظر المراقبين السياسيين في بغداد بقضية الوجود الأميركي في العراق بعد عام 2011 لا سيما أن الحكومة وعلى لسان رئيسها رمت الكرة في ملعب البرلمان. وفيما تباينت آراء الكتل السياسية حيال هذا الموضوع فإن التصريحات التي أدلى بها السفير الإيراني لدى العراق مؤخرا حسن دنائي فر، التي أوضح فيها أنه أبلغ بغداد بأن أي ضربة أميركية إلى إيران من داخل العراق تعني أن إيران سترد على هذه الضربة بقصف مماثل للقوات الأميركية الموجودة في العراق تقلق الجميع. وفي هذا السياق فقد أكدت القائمة العراقية أن «موقفها من قضية الانسحاب الأميركي من العراق يعتمد على موقف الحكومة بوصفها المعنية بالدرجة الأولى بمسألة مدى جاهزية القوات العراقية». وقالت المتحدثة باسم القائمة ميسون الدملوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «موضوع الانسحاب الأميركي والوجود الأميركي في العراق سيكون إحدى نقطتين سيتم بحثهما خلال الاجتماع القادم للكتل السياسية»، معتبرة أن «هذه القضية تحتاج إلى إجماع وطني وهو ما سيتم بحثه خلال اللقاء القادم الذي سيدعو إليه رئيس الجمهورية بعد أن تنهي اللجان التفاوضية عملها». وأوضحت الدملوجي أن «المهم بالنسبة لنا كبلد أن نكون قادرين على استتباب الأمن وبالتالي فلا حاجة للأميركيين في العراق إلا أن المسألة تظل مرهونة بتوافق الكتل وبشكل مدروس وعملي».

وحول التصريحات التي أدلى بها السفير الإيراني، قالت الدملوجي إن «هذه التصريحات مرفوضة تماما وليس من حق إيران أن تتصرف على هذا الأساس خصوصا أننا مهتمون ببناء علاقات حسن جوار مع إيران وبالتالي فإنه يتعين عليها أن تأخذ كل هذه الأمور بنظر الاعتبار». وأشارت إلى أن «ما يهمنا في المقام الأول هو مصلحة بدلنا العراق من حيث أمنه واستقراره وقدرته على الدفاع عن نفسه وبالتالي فإننا نجدد رفضنا لمساعي إيران للتدخل في شأننا العراقي الخاص لأن من شأن ذلك أن يجعل الأمور أكثر تعقيدا».

من جهته، اعتبر القيادي في التيار الصدري وعضو البرلمان العراقي حاكم الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف التيار الصدري من الانسحاب الأميركي محسوم ولا جديد فيه، ولكننا بدأنا نرى أن هناك مواقف جديدة للكثير من الكتل والأحزاب بما فيها حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي بعدم الدعوة لتمديد بقاء الأميركيين في العراق بعد نهاية هذا العام». وأشار إلى أن «التذرع بعدم جاهزية القوات العراقية هي حجة البعض لبقاء الأميركيين لأن قواتنا الأمنية قادرة على مسك الملف الأمني في الداخل أما القوات الجوية والبحرية فإن مسألة جاهزيتها لا تبرر بقاء الأميركيين لأن بإمكاننا معالجة قضية التسليح بسرعة حتى لو اقتضى الأمر استئجار طائرات مثلما عمل سابقا العراق خلال الحرب مع إيران حيث قام النظام السابق باستئجار طائرات من فرنسا واستخدمها في قصف إيران». وأضاف أن «زعيم التيار الصدري قام مؤخرا باستفتاء عدد من رجال الدين بمن فيهم علماء دين سنة من الأزهر وهيئة علماء المسلمين وجميعهم أفتوا بعدم جدوى بقاء الأميركيين في العراق بعد نهاية هذا العام لأنهم قوات احتلال». وبشأن تصريحات السفير الإيراني، أوضح الزاملي أن «التيار الصدري رد بوضوح على هذا الأمر وموقفنا واضح أيضا حيث إننا نرفض قيام إيران بضرب العراق بحجة ضرب الأميركيين كما نرفض قيام الأميركان بضرب إيران من داخل العراق».

وفي السياق نفسه، اعتبر القيادي في جبهة الحوار الوطني حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تصريحات السفير الإيراني إنما هي دعوة أميركية للبقاء في العراق وليس العكس»، مشيرا إلى أن «وجود الأميركيين في العراق بعد هذا العام تحت أي ذريعة أمر مرفوض في كل الحسابات، لأن الأميركيين هم من دمروا علاقات العراق مع محيطه، وبقاؤهم يعني استمرار المشكلات والأزمات».

أما المتحدث باسم التحالف الكردستاني مؤيد الطيب فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «موقفنا من بقاء الأميركيين مرهون بالموقف الوطني العام ومدى جاهزية قواتنا من دون مزايدات سياسية فإذا كنا قادرين على حماية أمننا فلا حاجة لبقائهم وإذا لم نكن قادرين فيمكن الاتفاق على صيغة معينة ولفترة معينة». وبصدد تصريحات السفير الإيراني، قال الطيب إن «التحالف الكردستاني يرفض بشدة هذه اللغة في العلاقات بين الدول».