لم يتمكن عشرات الصحافيين العراقيين ممن يحملون بطاقات الدخول الخاصة إلى المنطقة الخضراء المحصنة في قلب بغداد من دخولها أمس بسبب تغيب كلب التفتيش بعد انتهاء عقد شركته الأجنبية. وطبقا لمصدر في البرلمان وشهود عيان من الموظفين الذين يعملون داخل هذه المنطقة فإن حراس البرلمان العراقي منعوا الصحافيين من دخول المبنى بسبب تغيب كلب التفتيش البوليسي الذي يعد شرطا أساسيا للدخول، خصوصا على صعيد تفتيش كاميرا التصوير والأجهزة والمعدات الخاصة بذلك.
وأشار المصدر إلى أن تغيب الكلب جاء بسبب انتهاء عقد الشركة الأمنية المشرفة على حراسة مبنى البرلمان حيث تشرف 3 شركات أمنية أجنبية على حراسات مبنى مجلس النواب وتفتيش الداخلين إليه. لكن الأمر لم يقتصر على الصحافيين بل امتد للموظفين والموظفات ممن يعملون داخل المنطقة الخضراء حيث يجلب عدد كبير منهم وجباتهم الغذائية معهم. وبسبب عدم تواجد الكلب في نقطة الحراسة فقد حرم العشرات من الموظفين من إدخال وجبات الطعام التي اعتادوا أن يجلبوها معهم كل يوم. وطبقا لما قاله أحد الموظفين المتضررين من جراء «فعلة» الكلب هذه فإنهم فوجئوا أمام إحدى بوابات المنطقة الخضراء بمنعهم من إدخال طعامهم وأي شيء يحملونه كالحقائب والأجهزة ـ ما عدا الهاتف الجوال ـ وعند الاستفسار من عناصر الحراسة أخبروهم أن عقد الكلب الذي اعتاد على تفتيشهم يوميا قد انتهى وهم بانتظار تجديد عقده مع الشركة الأمنية المختصة. وأضاف أن الأجهزة المختصة اكتفت بتفتيش الداخلين يدويا بعد حجز جميع مقتنياتهم باستثناء الجوال، حتى موعد انتهاء دوامهم.
وكان البرلمان العراقي قد منع بسبب ضغوط من التيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر من تمرير قانون جديد للشركات الأجنبية العاملة في العراق. وكانت شركات الحماية الأجنبية وأهمها شركة «بلاك ووتر» قد دخلت العراق لأول مرة بعد عام 2003 مع الاحتلال الأميركي للعراق وفيما بلغت أعدادها نحو 63 شركة حماية أجنبية فإن عدد أفرادها بلغ أكثر من 150 ألف عنصر. وخلال السنوات الثلاث الأولى بعد سقوط النظام السابق كانت سلطة شركات الحماية الأجنبية تفوق سلطة أي جهة عراقية سياسية أو عسكرية أو أمنية بالإضافة إلى الأموال الضخمة التي يتقاضها أفرادها. ولكن الحكومة العراقية اضطرت عام 2007 وبعد حادثة ساحة النسور التي راح ضحيتها 17 مواطنا عراقيا عندما أطلق عليهم النار عناصر من شركة «بلاك ووتر» إلى سحب رخصة تلك الشركة بعد ذلك الحادث، يضاف إلى ذلك عشرات المخالفات التي ارتكبتها تلك الشركات الكثير منها كانت عبارة عن جرائم قتل عمد بحق العراقيين دون أن تتخذ بحقهم أي إجراءات قضائية لشمولهم بحمايات بحصانة عدم الملاحقة القانونية والقضائية.
من جهتها فإن الحكومة العراقية سبق لها أن أعلنت أنها ستعيد النظر في وضع شركات الحماية الأمنية الأجنبية والمحلية العاملة في العراق بما يتناسب والقوانين العراقية. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد أعلن الأسبوع الماضي أن عمليات بغداد ضبطت لدى بعض الشركات الأمنية داخل المنطقة الخضراء مواد تفجير وقاذفات وأسلحة متوسطة. وأضاف المالكي أن هناك شركات أمنية تم إنهاء عملها في العراق لخرقها الضوابط والتعليمات وخصوصا تلك التي تم ضبط أسلحة غير مرخصة بحوزتها، وكانت وزارة الداخلية العراقية وضعت عدة ضوابط لعمل الشركات الأمنية نهاية عام 2009 تضمنت تحديد الأسلحة المستخدمة من قبل تلك الشركات ومنع امتلاكها للمتفجرات. وفيما يستمر الجدل بشأن وضع شركات الحماية الأجنبية في العراق فإن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال تفكر بجلب نحو 7000 متعاقد أمني خاص لحماية مواطنيها الدبلوماسيين في العراق. وحتى يحسم الجدل حول ذلك فليس بوسع أحد معرفة متى تنتهي أزمة «كلب المنطقة الخضراء» ومتى سيتمكن الصحافيون من تغطية الأنشطة الحكومية والبرلمانية، ويتنعم الموظفون بوجبة طعام حظيت بموافقة كلب الحراسة.