اليونان: باباندريو يكسب ثقة البرلمان تمهيدا لتمرير خطة المساعدات

أوروبا ترحب والمعارضة تصر على الانتخابات المبكرة والشارع لا يزال يغلي

باباندريو يصفق بعد حصول حكومته على ثقة البرلمان الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

حصل رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو الليلة قبل الماضية، على ثقة البرلمان لتبني خطة تقشف لا تحظى بشعبية، وهو شرط فرضه الاتحاد الأوروبي لمساعدة اليونان على تفادي الإفلاس. وحصلت الحكومة على دعم كل نواب الحزب الاشتراكي، 155 من أصل 300، في حين صوت نواب المعارضة الذين حضروا الجلسة، 143 نائبا، ضد الحكومة.

وبهذه النتيجة، سيستطيع باباندريو تمرير خطة متوسطة الأجل، تدر على اليونان 78 مليار يورو حتى عام 2015، منها 50 مليار من برنامج خصخصة الشركات والمؤسسات الحكومية و28 مليار من خفض النفقات الحكومية واستقطاع الرواتب والمعاشات وفرض الضرائب. وهذه الخطة لا تحظى بشعبية، ولكن الموافقة عليها تعد شرطا أساسيا لحصول اليونان على القسط الخامس من المساعدات من الدائنين وقيمته 12 مليار يورو.

وعلى الرغم من ذلك، تواصلت احتجاجات الشباب الغاضبين في ميدان سيندغما بالعاصمة. وقال أحد المحتجين، ويدعى ثيوذوروس تاسوس، لـ«الشرق الأوسط»: «أنا سعيد لأن الشعب اليوناني خرج إلى الشارع ليطالب بحقوقه. وندعو الحكومة للعمل من أجل الشعب، لأن الحكومات المتعاقبة لم تعمل شيئا إيجابيا يستفيد منه المواطن». وبدوره، قال القس جورجيوس فورليس وهو بين المتظاهرين: «نحن وأولادنا لم نولد حتى تقول لنا الحكومة إن عليكم هذا الكم من الديون، ولا بد من أن تسددوه». وفي ميدان كالثمونيس المجاور، الذي تحركت منه مظاهرات النقابات، قال محتج يدعى ديمتريس فارثيليوس لـ«الشرق الأوسط»: «الإجراءات الجديدة تؤثر على عائلاتنا وعلى الجميع، والحل الوحيد هو الإصرار على المطالبة بحقوقنا»: أما المتظاهرة أفجينيلينا سيبكا، فقالت: «طالما تستمر الحكومة في سياستها الحالية ستزيد القروض ونعاني المزيد من المتاعب».

وفي ختام جلسة التصويت على الثقة، اختتم باباندريو المناقشات بالقول «أطلب الثقة كي أواصل التصدي للأزمة والإفلاسات وتحاشي الإفلاس وضمان بقاء اليونان في الحلقة القوية لليورو». وأضاف أن الحكومة تتعهد «بوضع كل قوتها للخروج من الأزمة. هناك أفق، هناك طريق مرسوم، لدينا دعم ومساعدة الأسرة الدولية والاتحاد الأوروبي مع قرض كبير». واعتبر رفض المعارضة اليمينة دعم خطته بأنه «خطأ استراتيجي». ومن ناحيته، تعهد وزير المالية الجديد إيفانغيلوس فينيزيلوس ببذل جهد يفوق مطالب الدائنين، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، للنهوض بالبلاد. وفي المقابل، شن إندونيس سامراس، زعيم حزب الديمقراطية الجديدة، أكبر أحزاب المعارضة، هجوما شرسا ضد الحكومة ودافع عن برنامج حزبه للخروج من الأزمة، وطلب ضرورة إعادة التفاوض مع الدائنين، كما دعا باباندريو إلى التوجه لانتخابات عامة مبكرة بدلا من الاستفتاء الذي دعا إليه الخريف المقبل حول التعديلات الدستورية.

من جانبها، رحبت المفوضية الأوروبية بتجديد البرلمان اليوناني الثقة بحكومة جورج باباندريو الاشتراكية، آملة في حصولها على دعم برلماني لتخفيض الميزانية، مما يفتح الطريق أمام صرف الدفعة الثانية من قرض المساعدات الأوروبية. وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو، إن تصويت البرلمان اليوناني بتجديد الثقة بحكومة باباندريو يشكل «نبأ جيدا بالنسبة لليونان والاتحاد الأوروبي ككل. إن البرلمان اليوناني أزال عنصر غموض من وضع صعب للغاية».

وكان رئيس المفوضية الأوروبية باروزو، قد اقترح أول من أمس، تخصيص تمويلات من ميزانية الاتحاد الأوروبي بأسرع مما كان مقررا لليونان لمساعدة هذا البلد الذي يواجه أزمة على إعادة إطلاق اقتصاده والتصدي للبطالة. ووصلت إلى أثينا أول من أمس، «لجنة تقنية في مستوى الخبراء» ممثلة للترويكا (البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي)، ومكلفة مراقبة الحسابات اليونانية للتثبت من أن هذا القسم الضريبي الذي خضع للتعديل في آخر لحظة من قبل الحكومة «يلبي تماما الأهداف المتفق عليها»، بحسب ما ذكر مصدر في الوزارة. وبحسب مصدر في وزارة المالية، فإن حاجات اليونان للتمويل مغطاة حتى 18 يوليو (تموز) المقبل. وبحسب مذكرة تحليلية، حدد يوروبنك تكلفة خدمة ديون اليونان حتى نهاية يوليو بـ6.85 مليارات يورو، دون احتساب باقي النفقات مثل الرواتب ومعاشات التقاعد. وعكس قلق الأسواق ارتفاع معدل الفائدة إلى 4.62 في المائة الذي وافقت البلاد عليه صباح أمس للحصول على 1.625 مليار يورو على مدى ثلاثة أشهر.

وإدراكا منه لدقة الموقف، استعاد باباندريو زمام المبادرة الأسبوع الماضي، في حين بدت ملامح تمرد داخل نواب حزبه. وقد طلب الثقة بحكومته بعد أن أدخل تعديلا عليها تمثل بالخصوص في تعيين أحد أقطاب الحزب الاشتراكي إيفانغيلوس فنيزيلوس وزيرا للمالية. وبعد اجتماعات بروكسل ولكسمبورغ أول من أمس، كثف الرجلان من تعهداتهما إزاء شركاء اليونان الذين لوحوا بدورهم بزيادة الدعم المالي للبلاد على الأمد البعيد، لأن القرض المبرم في شهر مايو (أيار) 2010 بقيمة 110 مليارات يورو، لم يكن مهددا بالتخلف عن السداد.