المعلم: العقوبات الأوروبية بمثابة إعلان حرب.. وبعد الإصلاحات سنقدم دروسا في الديمقراطية

دعا الأتراك إلى إعادة النظر في مواقفهم.. والفرنسيين للكف عن التحريض وممارسة سياسة استعمارية.. وقال لموسى: مع السلامة

الأسد مستقبلا النائب اللبناني طلال ارسلان في دمشق امس (سانا) (أ.ب.ا)
TT

دعا وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، «السوريين المطالبين بالتغيير» إلى المشاركة في الحوار، و«اختبار جدية النظام السوري»، معتبرا أن «الجلوس خارج الحوار والتحريض على الفتن، أمر غير مجد». وقال في مؤتمر صحافي عقده في دمشق، ظهر أمس: «ستكون مهمتي سهلة جدا، سنقدم نموذجا ديمقراطيا غير مسبوق صنعه السوريون بأيديهم وعبر حوارهم الوطني، وستكون هناك عدالة اجتماعية ومساواة أمام القانون ومحاسبة المقصرين».

وشن المعلم هجوما كبيرا على الدول الأوروبية بسبب العقوبات التي فرضتها على النظام، ووصف العقوبات بمثابة «إعلان حرب»، ودعا من جهة أخرى القادة الأتراك إلى إعادة النظر في موقفهم من سوريا، مؤكدا أن دمشق حريصة «على أفضل العلاقات مع الجارة التركية». وردا على سؤال يتعلق بمقترحات قدمتها تركيا لإنجاز الإصلاح في سوريا، وتقديمها كتيبا عن التجربة التركية، قال المعلم: «لا نأخذ دروسا من أحد. وبعد إنجاز الإصلاح سنقدم للآخرين دروسا في الديمقراطية».

وللمرة الأولى منذ توجيه مسؤولين بريطانيين وأميركيين اتهاما لإيران وحزب الله بدعم النظام السوري ومساعدته على الأرض لقمع المحتجين، قبل نحو شهر، نفت سوريا على لسان المعلم، أمس، «تدخل إيران وحزب الله» في قمع المظاهرات. وقال: «نحن نفينا ذلك سابقا، نعم هناك دعم سياسي لسوريا من أجل تجاوز الأزمة، وهناك دعم للإصلاحات التي أعلنها الرئيس الأسد، لكن لا يوجد أي دعم عسكري على الأرض».

وقال المعلم متوجها إلى الغرب: «كفوا عن التدخل في الشأن السوري.. لا تثيروا الفوضى ولا الفتنة. مع الأسف منذ اندلاع الأزمة في سوريا لم يأتنا مسؤول أوروبي واحد ليناقش معنا ما يجري. هم اعتمدوا على معلومات تصلهم من خارج سوريا وبدأوا طرح سلسلة عقوبات». كما قال لكافة «أصدقاء سوريا في العالم.. شكرا»، وأضاف: «نقول للبعض أن يراجعوا أنفسهم»، مؤكدا أنه «ليس للخارج علاقة بالجدية أو عدم الجدية، وهذا أمر يحكم عليه السوريون».

وتابع يقول: «إنهم يستهدفون لقمة عيش المواطن السوري، وهذا يوازي الحرب. سننسى أن أوروبا على الخريطة، وسأوصي قيادتي بتجميد عضويتنا في الاتحاد من أجل المتوسط»، مشيرا إلى أن دمشق جمدت «اتفاقية حوارنا من أجل الشراكة الأوروبية». وأضاف: «سنتجه شرقا وجنوبا وإلى كل اتجاه يمد يده إلى سوريا، العالم ليس أوروبا فقط، وسوريا ستصمد كما صمدت في 2003، وكما كسرت العزلة آنذاك وهي قادرة على تخطيها». كما دعا فرنسا إلى التوقف عن «التحريض وممارسة سياساتها تحت ستار حقوق الإنسان»، متهما باريس بأنها «تعيد إنتاج استعمارها القديم».

وعزا تأخر سوريا في الإصلاحات إلى الظروف التي مرت بها البلاد منذ عام 2003، وقال إنها «ظروف خارجة عن إرادتها بدءا من الغزو الأميركي للعراق والضغوط التي تعرضنا لها، ومحاولة عزل سوريا والعقوبات التي فرضت عليها ليس من قبل واشنطن فقط، بل أيضا من قبل الاتحاد الأوروبي». وأعطى المعلم مثالا على التأخر في تطبيق الإصلاحات، بقانون النظام الصحي الأميركي، وقال: «من تجربة عشتها في أيام الرئيس (الأميركي بيل) كلينتون الذي كلف زوجته إعداد مشروع قانون للضمان الصحي، ومنذ ذلك الوقت تم إقراره منذ فترة قصيرة. فهل من المقبول أن (يسلق) تعديل الدستور». وأضاف أن الأسد «ترك الموضوع للحوار الوطني لكي يشعر كل سوري أنه شريك في صناعة مستقبله السياسي والأمر مسألة أسابيع وليس سنوات».

وتابع يقول: «لا بد لهذا الوطن من قائد يرسم رؤيته ويعلنها للشعب حول الإصلاحات، والجدية تأتي من خلال مؤتمر الحوار الوطني، والذي يريد أن يختبر الجدية فليأتي إلى الحوار الوطني، نحن انتظرنا كلينتون 10 سنوات لإنجاز قانون الإصلاح الصحي، فلماذا لا تنتظرنا أسابيع، وما داموا لا ينتهجون موقفا متوازنا فنحن معنيون بشأننا الداخلي».

وفي ما يتعلق بإمكانية اتخاذ قرار بحظر جوي على سوريا أسوة بالقرار الذي صدر في مجلس الأمن ضد ليبيا، قال المعلم: «لن يكون هناك حظر جوي على سوريا ولن يكون هناك تدخل عسكري في سوريا، وكفاهم فضائح في ليبيا. قد يكون من حسن حظ سوريا أن ليس لدينا نفط في سوريا لإغرائهم». وحول الموقف السوري من السياسة التركية حيال الأزمة في سوريا، قال المعلم: «لا أريد أن أحلل أسباب السياسة التركية. وأنا أقول لبعض الأصدقاء أن يعيدوا النظر بمواقفهم، ونحن حريصون على أفضل العلاقات ونحن لا نريد أن نهدم سنوات من الجهد الذي قاده الرئيس الأسد لبناء علاقة استراتيجية مع تركيا، ونرجو أن يعيدوا النظر في موقفهم».

وعن اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا، أكد وزير الخارجية السوري أن لديه ما «يثبت أن الخيام نصبت قبل أسبوع من دخول الجيش إلى جسر الشغور»، وقال: «هناك عدد من المسلحين أجبروا العائلات على المغادرة إلى هذه المخيمات، نحن أصدرنا نداء إلى المواطنين ليعودوا، ونقوم بإعادة تأهيل البنى التحتية، والرئيس الأسد لم يغفل هذه النقطة الإنسانية في خطابه، ونأمل من تركيا التعاون لإعادة هؤلاء إلى منازلهم، ونحن نكفل حسن معيشتهم». وأضاف أن سوريا «تتطلع إلى تركيا كدولة صديقة وجارة»، وقال: «الصديق عند الضيق.. ونأمل أن يعيدوا النظر في مواقفهم»، نافيا «اغتيال أو اعتقال أي شخص عاد إلى جسر الشغور». وفي ما يتعلق بالتدخلات الخارجية، قال المعلم: «القافلة السورية ستسير مهما عوت الكلاب». ووصف المعلم خطاب الأسد الذي ألقاه منذ يومين بأنه «خطاب تاريخي»، وقال إنه «رسم لنا معالم المستقبل والإصلاح الذي يتطلع إليه شعبنا». وأضاف: «ما يهمنا وما يزعجنا وجود ردود فعل صدرت من خارج حدودنا من مسؤولين أوروبيين معروفين، معظمهم لم يقرأ الخطاب لأنه كان هناك اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، وخرج للتعليق على الخطاب، وهذا يؤكد وجود مخطط يريدون السير به».

وتابع منتقدا الدول الغربية التي وصفت خطاب الأسد بـ«المحبط»: «البعض قال إن الخطاب غير كاف، كيف يكون الخطاب غير كاف؟ ولقد نص على تعديل الدستور بما في ذلك المادة 8 منه».

وتنص المادة 8 على أن «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية».

وحول الصمت العربي حيال المواقف الأوروبية من سوريا، شدد المعلم على أن «سوريا ليست بحاجة إلى إدانات من الدول العربية لهذه الأفعال الأوروبية، بل نحتاج إلى أفعال»، وقال: «إنه لكل بلد عربي ظروفه الداخلية بسبب ما قيل عن رياح التغيير»، مؤكدا أن «الزعماء العرب عموما يدعمون سوريا»، وإنه لن يتكلم بالأسماء عن الاتصالات التي يجريها الزعماء العرب مع الرئيس الأسد، وعن اتصالات وزراء الخارجية العرب معه. ولدى سؤاله عن موقف دولة قطر تحديدا، قال إن قطر تدعم رسميا الموقف السوري، ولكن ليس عبر قناة «الجزيرة».

وفي هجوم على الإعلام، قال المعلم إن السفراء في سوريا «هم شهود عيان لما حصل في جسر الشغور، ومحطات التلفاز التي لها مراسلون في سوريا لم تبث ما أرسلوه لها عما حصل». واعتبر أن «الدبلوماسية السورية مشهورة بهدوئها وعدم سرعة رد فعلها، وأنها تمد يدها للآخرين، ولكن الحب من طرف واحد مضن، وهكذا العلاقات الدولية». وقال: «الكثير من الأصدقاء يتعرضون لضغوط، ونحن نقدر موقفهم الداعم لنا، وهذا يفسر أسباب عدم طرح أي قرار على مجلس الأمن، ونحن مطمئنون إلى الموقف الروسي والصيني والهندي واللبناني والجنوب الأفريقي والبرازيلي، ونحن نقدر هذه المواقف». وحول دور الجامعة العربية، قال المعلم متوجها للأمين العام المنتخب، نبيل العربي: «نقول لنبيل العربي مبروك توليه منصب الأمين العام للجامعة العربية، ونقول لعمرو موسى مع السلامة، وكلامه عن سوريا له أهداف انتخابية».

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بصحة ما يقال عن وجود اتصالات سورية - إسرائيلية غير معلنة لاستئناف عملية السلام، نفى المعلم نفيا قاطعا وجود اتصالات كهذه، وقال: «إن إسرائيل هي العدو الذي يحتل الجولان ويشرد الشعب الفلسطيني ويحتل مزارع شبعا وكفرشوبا، وشبابنا وشباب فلسطين الذين حاولوا عبور الشريط الشائك في الجولان أرادوا أن يقولوا إنه ليس هناك عملية سلام وإن الحقوق يجب أن تعود كما سلبت، وإسرائيل ستبقى العدو ما دام الاحتلال قائما وإسرائيل تستغل كل الأحداث حتى التي تحصل في سوريا، وقد بدأت ببناء جدار عازل في الجولان على مسمع ممن يدعون الحرص على سوريا».

وعن دور سوريا في تشكيل الحكومة اللبنانية، قال المعلم: «لا دور لسوريا في تشكيل الحكومة اللبنانية وهي لبنانية 100 في المائة، ولم يكن لدى الرئيس الأسد الوقت للتدخل في الشأن اللبناني».

وفي ما يتعلق بوجود معلومات عن تدخل لبنانيين في إثارة الفتنة في سوريا، قال: «لا معلومات لدي كوزير خارجية ولا أريد توجيه الاتهامات». وردا على سؤال حول اعتقال الحكومة العراقية لعدد من عناصر (القاعدة) قالوا إنهم عبروا من سوريا إلى العراق، قال: «لا أخفي أن بعض الممارسات التي شهدناها من قتل لعناصر الأمن تعطي مؤشرا، لأن مثل هذه الأعمال تقوم بها (القاعدة) ولا أستطيع أن أؤكد أو أنفي تنقل هذه المجموعات بين سوريا والعراق».