البيان الوزاري للحكومة اللبنانية سيتطرق بشكل مبهم ومحدود للمحكمة الدولية

أوساط حزب الله: نتوقع أن يحتمل القرار الظني التأويلات وألا يكون مدعوما بأدلة

TT

لم يتغيّر خطاب رئيس الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي من ملف المحكمة والقرارات الدولية مع تبدّل موقعه من رئيس مكلف لرئيس أصيل. هو ومنذ تكليفه في 25 يناير (كانون الثاني) 2011 يشدّد على التزامه وبالتالي التزام أي حكومة يترأسها بأفضل العلاقات مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي واحترام القرارات الدولية وتطبيق القرار 1701. وعلى الرغم من أنه في معظم الأحيان تجنب التطرق مباشرة لمسألة المحكمة الدولية، فإنّه كان واضحا لجهة أن موقف الحكومة من المحكمة سينطلق من التزام لبنان بها، مقرونا بالحفاظ على الخصوصية الأمنية للبنان والحفاظ على سلمه الأهلي.

هذا التناقض في التعاطي مع المسألة سيطبع ودون أدنى شك البند الذي يتطرق للمحكمة والقرارات الدولية في البيان الوزاري الذي تنكب اللجنة المعنية على صياغته منذ نحو الأسبوع. إذ تتحدث مصادر مطّلعة عن «صياغة مبهمة ومحدودة لهذه الفقرة بغياب أي تطرق للتفاصيل»، لافتة إلى أنّه «لن يتم ذكر المحكمة الدولية ولكن سيصار إلى إعلان التزام لبنان بالقرارات الدولية عامة بما يخدم المصلحة الوطنية».

وحثّ أمس سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان ميقاتي على «وجوب اعتماد بيان وزاري يدعم التزامات لبنان الدولية، ليس أقلها ما يتعلق بقراري مجلس الأمن الدولي 1701 و1757» مشددين على «ضرورة أن تتابع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عملها من دون عوائق وبتعاون السلطات اللبنانية»، جواب رئيس الحكومة كان واضحا أمام الدبلوماسيين الغربيين: «نلتزم بأفضل العلاقات مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ونحترم القرارات الدولية وتطبيق القرار 1701».

تبقى الأمور مسهّلة وقابلة للحلحلة لغويا في هذه المرحلة، لكن كيف السبيل لتطبيق «الالتزامات اللغوية والشفهية» حين تدق ساعة «القرار الاتهامي»؟ وهل توافق حزب الله مع ميقاتي مسبقا على كيفية التعاطي مع طلبات المحكمة في حال طالت عناصره؟

أوساط الحزب تتوقع صدور القرار الاتهامي في أي لحظة لكنّها تؤكد بالمقابل أن «القرار ساقط ولا علاقة لحزب الله به من قريب أو من بعيد»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «القرار المسيّس يستخدم اليوم في الملف السوري، فحزب الله لم يعد أولوية أميركية وهذا القرار سيعدّل بحسب تطور الأوضاع سوريا».

وعن كيفية التعاطي مع القرار حكوميا، قالت الأوساط: «نتوقع أن يكون القرار يحتمل التأويلات وبالتالي ليس مدعوما بأدلة وبراهين ومن هنا سننطلق لنبني قرارنا حكوميا»، مذكرةً أنّه «وبعد نيل الحكومة الثقة يجب الشروع بمعالجة ملف شهود الزور الذي سيؤدي لكشف حقيقة من اغتال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري».

وإذ توقعت الأوساط ألا يكون التوافق بين فرقاء الحكومة صعبا، أوضحت أن «حزب الله سيعتمد المبدأ نفسه الذي اعتمده في عملية تشكيل الحكومة»، وقالت: «سنسعى لتدوير الزوايا وسندعم الحكومة والرئيس ميقاتي حتى النهاية لأنّه من مصلحتنا ومصلحة لبنان أن تنجح هذه الحكومة».

بدوره، يؤكد الخبير الاستراتيجي المقرب من حزب الله العميد المتقاعد أمين حطيط، أن «التعاطي الحكومي مع القرار الاتهامي سيتم وفق 3 عناصر: مصلحة العدالة، ومصلحة الأمن، ومصلحة موقع لبنان في المنظومة الدولية»، مشددا على أن لا عنصر يتقدم على العنصر الآخر. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أما كيفية التعاطي مع القرار فيحدده ما سيتضمنه هذا القرار الأكذوبة، فالتفصيل يُبنى على التفصيل» مذكرا أن «هناك آلية دستورية واضحة لاتخاذ القرارات حكوميا فإما الإجماع أو التصويت».

ويتابع حطيط قائلا: «لسنا قلقين لجهة ما يحكى عن إمكانية وضعنا بمواجهة المجتمع الدولي فهذا المجتمع الذي تقوده أميركا ليس إلا عبارة عن عصبة إجرامية تتمثل بالحلف الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة لاستعمار العالم».

ويستهجن حطيط «استخدام القرار الاتهامي حسب الطلب فهو يظهر لخدمة مشاريع سياسية ويختفي خدمة لأخرى». ويضيف: «المحكمة الدولية أشبه بهيئة فولكلورية وبالتالي لن يكون الانصياع لها انبطاحا أعمى لأن أي قرار لبناني سيتخذ سيراعي مصلحة لبنان في أمنه وسيادته واستقلاله».

وتبدو أوساط رئيس الحكومة مترددة في تناول الموضوع، وتقول: «سنتعاطى مع كل الملفات في حينها وبالتالي لا داعي للقفز فوق المراحل» وكأنّها تقول: «لسنا مستعجلين على حرق أصابعنا بناري الأمم المتحدة وحزب الله».