سياسيون: استقالة الجمل تكشف الصراع على السلطة في مصر

شرف يقيل كبير مستشاريه.. والعريان: مشهد ثورة يوليو يتكرر

عصام شرف رئيس الوزراء المصري لدى إدلائه بصوته في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 29 مارس (آذار) الماضي (أ.ب)
TT

قبل ساعات من خطاب الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء المصري للمواطنين، بمناسبة مرور مائة يوم على حكومته، ساد الارتباك دوائر الحكومة في أعقاب الإعلان عن إقالة كبير مستشاري شرف الدكتور علي الغتيت، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، وإلغاء المجلس الاستشاري الذي يترأسه، قبل مرور يوم واحد من إعلان الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء استقالته، والتي لم يقبلها المجلس العسكري الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة في فبراير (شباط) الماضي.

ورغم نفى المتحدث الإعلامي باسم مجلس الوزراء، الدكتور أحمد السمان، وجود ربط بين استقالة الجمل وإقالة الغتيت، ربط سياسيون مصريون بين الأمرين، معتبرين أن استقالة الجمل فجرت ما وصفوه بـ«صراع على السلطة» داخل دوائر صنع القرار في البلاد.

وبرر الدكتور أحمد السمان، المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، قرار إقالة الغتيت بقوله، إن «إنشاء مجلس استشاري لمجلس الوزراء كان اقتراحا من قبل الدكتور شرف بحيث يجمع مستشاري مجلس الوزراء في مجلس استشاري واحد، إلا أن الاقتراح لم تثبت جدواه فقرر الدكتور شرف إلغاءه».

وردا على ما تردد من أنباء تفيد باستقالة الغتيت بسبب خلافات داخل المجلس قال السمان لـ«الشرق الأوسط»: «تمت إقالة الدكتور الغتيت ولم يتقدم بالاستقالة كما تردد، لأن منصبه كرئيس للمجلس الاستشاري لمجلس الوزراء لم يعد موجودا بعد قرار إلغاء المجلس ليس أكثر ولا أقل»، مؤكدا أنه لا صحة لما يتردد من أنباء حول وجود خلافات.

ورفض الدكتور علي الغتيت التعليق على قرار إقالته، ونأى عدد من مرشحي الرئاسة المحتملين عن التعليق على التطورات التي شهدها مجلس الوزراء أمس، قائلين إن ما يحدث يكشف عن «ارتباك شديد».

وكان الجمل قد تقدم باستقالته لرئيس مجلس الوزراء قبل نحو أسبوع، لكنه كشف عنها قبل يومين فقط، وعمم نسخة منها بخط يده على وسائل الإعلام، بالتزامن مع ما قال إن المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس العسكري (الحاكم) رفض الاستقالة، لافتا إلى أن شرف قبلها بإلحاح منه (الجمل).

وخلا خطاب شرف الذي إذاعه التلفزيون الرسمي، أمس، من أي إشارة لاستقالة الجمل أو إقالة رئيس هيئة مستشاريه. وعدد شرف خلال كلمته للمصريين إنجازات حكومته التي قال إنها واجهت «أزمات شرسة ورثتها عن النظام السابق»، واصفا حكومته بحكومة إدارة الأزمة والبناء باعتبارها «حكومة الثورة»، معتبرا أن حكومته نجحت في تحقيق الكثير من المهام العاجلة التي أسندت إليها، خاصة على مستوى التحديات الاقتصادية.

وقال شرف موجها حديثه لشباب الثورة، إن حكومته حريصة على تحقيق أهداف الثورة المصرية، مؤكدا التزامه بتحقيق تطلعات الشباب الذين اعتبرهم رأس الحربة في ثورة 25 يناير.

واستقبلت قيادات شباب الثورة أنباء إقالة الغتيت، كبير مستشاري رئيس الوزراء بارتياح. وأوضحت مصادر داخل ائتلاف الشباب لـ«الشرق الأوسط» أن إقالة الغتيت تكشف عن جانب من الصراع داخل مجلس الوزراء، قائلين إن «هناك ضغوطا تمارسها جماعة الإخوان المسلمين للإطاحة بنائب رئيس الوزراء (يحيى الجمل) في محاولة للاستبدال به المستشار طارق البشري (الذي ترأس لجنة صياغة التعديلات الدستورية)».

ولا يحظى الجمل بتأييد شباب الثورة المصرية على خلفية دعوته لعدد من قيادات الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) في «مؤتمر الحوار الوطني» الذي أشرف عليه الجمل قبل إقصائه وتولي الدكتور عبد العزيز حجازي مهامه.

وقالت قيادات ليبرالية داخل ائتلاف شباب 25 يناير، إنه «رغم التحفظ الشديد على الجمل، فإن بقاءه في الوقت الراهن مفيد، خاصة أنه يدعم توجه وضع الدستور أولا قبل الذهاب لانتخابات البرلمان المقرر إجراؤها في سبتمبر (أيلول) المقبل، وكذلك لموقفه من جماعة الإخوان المسلمين التي تشن حملة ضارية عليه في الآونة الأخيرة».

من جهته، علق الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة على قرار إقالة الغتيت بقوله، إننا نشهد سيناريو ثورة 23 يوليو (تموز) يتكرر، قائلا: «كبار رجال القانون من الحزبيين وأتباع الحزب الوطني القديم وعلى رأسهم سليمان حافظ أقنعوا الضباط قليلي الخبرة بالبقاء في السلطة خشية أن يعود حزب الوفد.. وهو ما أدخل البلاد في نفق مظلم.. المشهد يتكرر الآن فهناك قانونيون يحاولون إقناع المجلس بالبقاء في السلطة».

وتابع العريان بقوله «نحن لا نحكم على قرار هنا أو هناك.. ثمة توجه عام نحو استئناف الحياة النيابية سريعا ونعتقد أن الجيش يفي بوعوده.. الشعب المصري قام بثورة عظيمة والشعب المصري يحمي هذه الثورة».

ويقول مراقبون إن ثمة مؤشرات على دعم السلطات المصرية للجمل، مدللين على ذلك بقولهم إن الجمل تولى الإشراف على مؤتمر الوفاق القومي الذي يختص بإعداد تصورات القوى السياسية لدستور البلاد الجديد.

وكان الجمل قد تولى مهام منصبه كنائب لرئيس الوزراء في حكومة الفريق أحمد شفيق، التي شكلها مبارك قبل تخليه عن السلطة تحت الضغط الشعبي الجارف، وجدد شرف ثقته في الجمل بعد أن تولى رئاسة مجلس الوزراء في مارس (آذار) الماضي. وفي غضون ذلك، طالب مركز «سواسية» لحقوق الإنسان، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، النائب العام بالتحقيق في فساد المجلس الأعلى للصحافة، على خلفية تقارير بشأن «تقاضي ما يزيد على 80 عضوا بالمجلس الأعلى للصحافة أكثر من أربعة آلاف جنيه لكل عضو شهريا مما يعد مخالفا للقانون، ومخالفة أخلاقية لا تتناسب والثورة والحكومة القائمة، ومطالب الثورة بسيادة القانون» بحسب البيان. وأنحى مركز «سواسية» باللائمة على يحيى الجمل عضو المجلس الأعلى للصحافة، وقال إن الجمل أنهى مدته بالمجلس، بالمخالفة للقانون والدستور.

وتحدثت تقارير إعلامية محلية أمس عن قرار شرف بمنع جميع الهيئات الحكومية والوزارات من الإدلاء بتصريحات وأحاديث إلى أجهزة الصحافة والإعلام، إلا بعد الحصول على موافقة من الوزير المختص.