البطالة تدفع عراقيين إلى البحث عن رزقهم وسط القمامة

أطفال تركوا الدراسة ليتفرغوا لهذه المهنة

عراقية تحمل أكياسا فيها ما جمعته من مكب للنفايات في مدينة الصدر ببغداد (رويترز)
TT

بينما يجد ساسة العراق أنفسهم وسط أزمة عميقة تهدد حكومة الشراكة الوطنية الهشة التي يرأسها نوري المالكي وبينما يقر رئيس الوزراء بضعف أداء بعض وزارات حكومته خاصة الخدمية منها وبوجود أزمة فساد في البلاد، تزداد أوضاع فئات واسعة من المواطنين سوءا بل يضطر بعضهم إلى البحث عن قوته وسط مكبات النفايات.

وبالنسبة للطفل عباس محمد (12 عاما) وأسرته فإن القناني البلاستيكية وعبوات الألمنيوم الفارغة هي ما يقتاتون عليه. ويمضي محمد عطلة الصيف المدرسية في جمع هذه الأشياء من مستودع للقمامة في بغداد ليبيعها كي تساعده على إعالة أسرته، حسب تقرير لوكالة رويترز.

وفي مستودع النفايات الموجود قرب منزل محمد في حي مدينة الصدر الفقير في بغداد يتدفق رجال ونساء وأطفال على أكوام القمامة كريهة الرائحة. ويجري محمد وهو طفل نحيل يرتدي ملابس متسخة مع أطفال آخرين لدى وصول شاحنات تحمل قمامة وينتظرون بفارغ الصبر تفريغها حتى يمكنهم بدء البحث عن الأغراض التي يريدونها رغم الرائحة والقذارة. وهز محمد كتفيه قائلا «نكسب قوتنا من هذه القمامة» وكان يحمل في يده جوالا وخطافا معدنيا. وقال «نبدأ العمل في الصباح.. نجمع عبوات البيبسي والزجاجات البلاستيكية الفارغة ثم نبيعها. أعمل في هذا المكان منذ كان عمري ثلاث سنوات».

وحي مدينة الصدر - الذي كان يعرف سابقا باسم مدينة صدام - ذو شوارع ضيقة ويسكنه أكثر من ثلاثة ملايين شخص وهو منطقة فقيرة مترامية الأطراف إلى الشرق من نهر دجلة في العاصمة العراقية.

وتظهر الأرقام الرسمية أن معدل البطالة في العراق المنتج للنفط والذي ما زال يسعى جاهدا للخروج من سنوات من الحرب والفوضى والعنف الطائفي يصل إلى 15 في المائة كما أن 28 في المائة آخرين يعملون في وظائف غير دائمة. ورغم احتياطات النفط والغاز الهائلة غير المستغلة والارتفاع المستمر في إنتاج النفط وإيراداته فان 23 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وفقا لما تقوله وزارة التخطيط.

وبالنسبة لمحمد تعني الحياة في مدينة الصدر أياما طويلة خلال العطلات المدرسية من التنقيب بين أكوام القمامة تحت الشمس الحارقة قبل بيع ما يجده كل يوم إلى وسيط. ويبيع محمد كل كيلوغرام من الزجاجات البلاستيكية أو علب الصودا مقابل 250 دينارا عراقيا (نحو 20 سنتا أميركيا) ليحصل على ما بين ألفين وأربعة آلاف دينار (1.50 دولار - ثلاثة دولارات) يوميا.

وتعمل والدة محمد وأحد أشقائه معه في مدينة الصدر والمنطقة المحيطة بها. ويجمع الثلاثة ما بين 250 و400 دولار شهريا وهو دخل هزيل لإعالة أسرة كبيرة. ويعمل الولدان في العطلة الصيفية فقط لكن أطفالا آخرين في مستودع القمامة تركوا المدرسة للعمل طوال الوقت في جمع القمامة.

وقالت زبيدة خزعل، والدة محمد، ولديها 12 من الأبناء إنهم اضطروا للعمل في فرز القمامة لأنهم فقراء ولأن زوجها عاطل وغير قادر على العمل. وأضافت زبيدة التي وضعت على أنفها وفمها قطعة رثة من القماش لحمايتها من الرائحة الكريهة بينما كانت تفرغ جوالا به زجاجات فارغة «لا نملك أي شيء.. نعيش في منزل من الطين وزوجي مريض. نتمنى أن تساعدنا الحكومة».

وبينما يسعى العراق بجهود حثيثة للخروج من تداعيات الحرب يقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن نحو ربع أطفال العراق أي أكثر من ثلاثة ملايين من الأطفال وهم الفئة الأضعف في المجتمع يعولون أنفسهم بدخل يقل عن 2.20 دولار يوميا.