هولندا تبرئ زعيم يمينها المتطرف وتضع تصريحاته في إطار «النقاش العام»

فيلدرز يواصل تحديه: الآن أصبح بالإمكان انتقاد الإسلام دون خوف من تكميم فمي

فيلدرز يتحدث للصحافيين بعد قرار تبرئته في أمستردام أمس (أ.ب)
TT

رأت محكمة أمستردام أمس زعيم اليمين المتطرف غيرت فيلدرز، الملاحق بتهم التحريض على الكراهية، والتمييز العنصري ضد المسلمين. أن بعض تصريحاته كانت مهينة وصادمة إلا أنها تندرج في إطار نقاش سياسي واجتماعي حول مجتمع متعدد الثقافات.

وبرأ فيلدرز من كل التهم المنسوبة إليه تجاوبا مع طلب النيابة العامة بإخلاء سبيله. وصرح فيلدرز للصحافيين عقب صدور الحكم، أن النتيجة التي توصلت إليها المحكمة «ليست انتصارا لي فقط وإنما لحرية الرأي وحرية التعبير». وأضاف: «أصبح من الممكن انتقاد الإسلام دون الخوف من تكميم فمي».

وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا «إن قرار المحكمة يتوافق مع ما طالبت به النيابة العامة الهولندية ولا شك أنها أخبار جيدة بالنسبة للسيد فيلدرز، وهو شريك ونعمل معه بناء على اتفاق جرى التوصل إليه قبل تشكيل الحكومة الحالية».

من جهته، رحب برام موسكوفيتش محامي فيلدرز بقرار المحكمة وقان إنه «سعيد جدا كمواطن بصدور هذا القرار، خاصة أنه على قناعة دائمة بأن الجميع لهم الحق في أن يقولوا ما يريدون».

وكانت جماعات حقوقية ومناهضة للعنصرية قد رفعت دعاوى ضد فيلدرز في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بعد دعوته لوقف هجرة المسلمين إلى هولندا وحظر القرآن الكريم. كما اتهمه المسلمون في هولندا بدعوتهم إلى الرضوخ لما سماها «الثقافة المهيمنة» أو الرحيل عن هولندا، وذلك عبر الفيلم الذي بثه على الإنترنت وحمل عنوان «فتنة».

ووصف البعض قضية فيلدرز بأنها تمثل اختبارا لحرية التعبير في الدولة الليبرالية تقليديا. واجتذبت القضية الاهتمام ليس بسبب تصريحات فيلدرز المثيرة للجدل، مثل تشبيهه الإسلام بالنازية، وإنما أيضا بسبب تزايد تأثير حزبه السياسي الذي يدعم حكومة الأقلية في هولندا حاليا بشأن القضايا الاقتصادية وغيرها.

وفي جلسة أمس، استجاب القاضي مارسيل فان اوستن إلى طلب كانت قدمته النيابة العامة في 25 مايو (أيار) الماضي بإخلاء سبيل فيلدرز. واعتبرت المحكمة أن تصريحات فيلدرز تندرج في إطار النقاش العام. وكان الدفاع قد طالب بتبرئة فيلدز على اعتبار أنه انتقد الإسلام وليس المسلمين وأن انتقاد الدين ليس إهانة تستوجب العقاب. واعتبر القاضي، أن فيلدرز بريء، من تهمة توجيه الإهانة لمجموعة معينة وكذلك من تهمة الحض على الكراهية والإهانة، أما تهمة ممارسة التمييز العنصري ضد المسلمين، فتنقصها الأدلة.

ورأت المحكمة أن فيلدرز وجه انتقاده للإسلام كديانة وليس للمسلمين أنفسهم، كما أنه صرح بما قاله عن الإسلام في إطار النقاش المجتمعي وأن ذلك مقبول في النقاش العام. ورأت المحكمة أيضا أن بعض تصريحات فيلدرز فظة ومستفزة وتقترب من التحريض والتمييز خاصة في فيلمه «فتنة». لكن المحكمة برأت فيلدرز من هذه التهمة أيضا لأن النقاش العام يحتمل بعض المواقف والأقوال الصادمة. وقال القاضي في شرحه إن تصريحات مثل «هناك حرب (من قبل المسلمين) وعلينا أن نحمي أنفسنا»، محرض بالتأكيد لكن فيلدرز لم يتجاوز الحدود المسموح بها في ذلك لأنه أكد أيضا أنه ليس لديه شيء ضد المسلمين، وإنما ضد الإسلام فقط، ولذلك لا يعتبر محرضا على الكراهية والتمييز العنصري.

وكان الأشخاص الذين قدموا الشكوى ضد فيلدرز، قالوا مسبقا إنهم سيستأنفون إذا صدر حكم ببراءة فيلدرز. لكن الناطق باسم محكمة أمستردام قال إنه من غير المتوقع استئناف قرار القضاة إذ إن النيابة كانت طلبت في 25 مايو (أيار) الماضي تبرئة فيلدرز، والمدعون لا يملكون كادعاء مدني حق الاستئناف.