دخول العقوبات الأوروبية حيز التنفيذ وشمولها أسماء 3 مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني وأقارب للأسد

لافتات رفعها المحتجون الذين وصفهم النظام السوري ب»الجراثيم» في «جمعة سقوط الشرعية» أمس (موقع أوغاريت)
TT

أكد قادة الاتحاد الأوروبي في بيان أمس أن النظام السوري «يقوض شرعيته» بمواصلته قمع المظاهرات بدلا من إحلال الديمقراطية في البلاد، مؤكدا أن المسؤولين عن القمع في سوريا سيحاسبون على أفعالهم. وقال النص الذي أقره رسميا رؤساء دول وحكومات الاتحاد المجتمعون في بروكسل أمس، إن «النظام يقوض شرعيته (...) باختياره القمع بدلا من تنفيذ الوعود بإصلاحات واسعة قطعها بنفسه». وأضاف البيان أن «المسؤولين عن الجرائم وأعمال العنف التي ارتكبت ضد مدنيين سيحاسبون على أفعالهم».

وعبر القادة أيضا عن القلق للتصعيد الحاصل على الحدود السوريا - التركية، وقالوا إنه «لا بد من التذكير بأن العقوبات الأوروبية ما هي إلا رسالة مساندة للشعب السوري وفي الوقت نفسه للنظام القائم في دمشق من أجل أن يغير سلوكه تجاه الأزمة في البلاد». كما شدد الزعماء خلال مناقشاتهم، على دعمهم المستمر للجهود الدبلوماسية المبذولة في مجلس الأمن الدولي من أجل استصدار قرار يحتوي على الموقف المناسب، «الذي يحمل المسؤولين في دمشق مسؤولياتهم».

ودخلت العقوبات الأوروبية ضد النظام السوري حيز التنفيذ بعد ظهر أمس عقب نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، بعد أن وافق عليها قادة دول التكتل الموحد في ختام قمة، انعقدت على مدى يومين ببروكسل. واتفقوا خلالها على إدانة العنف في سوريا، ومطالبة دمشق بتنفيذ الإصلاحات التي سبق ووعدت بتنفيذها. ومن وجهة نظر المراقبين الأوروبيين تشكل هذه الصيغة تصعيدا في إدانة دمشق من قبل المسؤولين الأوروبيين وتضمن القرار الذي أقرته القمة توسيع العقوبات التي سبق أن اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد سوريا الشهر الماضي.

وعبر القادة الأوروبيون أيضا عن «إدانتهم بأكبر قدر من الحزم للضغوط التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه وأعمال العنف غير المقبولة والمثيرة للاشمئزاز التي ما زال يتعرض لها». وتشمل لائحة الذين فرضت عليهم عقوبات بعد توسيعها، أسماء ثلاثة من قادة الحرس الثوري الإيراني (الباسداران) بينهم قائدها، بتهمة مساعدة النظام السوري في قمع المحتجين. وأدرجت على لائحة الاتحاد الأوروبي أسماء القائد الأعلى للحرس الجنرال محمد علي جعفري ومساعديه الجنرال قاسم سليماني وحسين تائب. واتهم الإيرانيين الثلاثة «بالتورط في تقديم العتاد والعون لمساعدة النظام السوري على قمع المتظاهرين في سوريا». وتقضي العقوبات بتجميد حساباتهم في أوروبا وعدم منحهم تأشيرات دخول. واعتبر البعض ذلك بمثابة رسالة تحذير إلى إيران بعد أن اتهمتها واشنطن أيضا بمساعدة النظام في دمشق على قمع المظاهرات وتشمل لائحة العقوبات الأوروبية الجديدة أيضا أربعة مسؤولين سوريين أضيفوا إلى المسؤولين الذين فرضت عليهم عقوبات. ويتعلق الأمر باثنين من أقارب الرئيس بشار الأسد اتهم أحدهما بالتورط في قمع المتظاهرين هو ذو الهمة شاليش والثاني بتمويل نظام دمشق ويدعى رياض شاليش. واتهم الاثنان الآخران بأنهما مصدر لتمويل النظام وهما خالد قدور ورياض القوتلي. وقضت العقوبات أيضا بتجميد حسابات أربع شركات متهمة بتشكيل مصدر لتمويل النظام. ويتعلق الأمر بشركة بناء العقارية وصندوق المشرق للاستثمار ومؤسسة.

وعلق وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على إقرار العقوبات، وقال في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن العقوبات «ترسل رسالة جديدة واضحة للسلطات السورية: لن نقف على الحياد بينما يستعمل النظام السوري القمع الوحشي لإسكات شعبه. الرئيس الأسد والمسؤولون الكبار عليهم أن يعوا أن العنف لن يؤدي إلى استقرار طويل الأمد. فقط الإصلاحات السياسية الحقيقي، والتي ألقيت نصف وعود بها، ولم تنفذ، يمكن أن تعالج مطالب الشعب السوري». وأضاف: «هذه الإجراءات موجهة بشكل دقيق ومركزة على المسؤولين عن القمع الدموي. وعلى عكس ادعاءات السلطات السورية، فإن المشاكل الاقتصادية التي تواجه سوريا هي سبب مباشر ومتوقع لقرارات السلطات السورية لاختيار القمع على الإصلاح».

ورحب هيغ بضم أسماء 3 مسؤولين إيرانيين للائحة العقوبات، وقال: «تصرفات إيران هي النقيض لإرادة الشعب السوري، وهذا يدل على النفاق إيران الصارخ، بإعلان دعمها للحرية في العالم العربي علنا، بينما سرا تساعد على القمع الوحشي». في الوقت نفسه حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من مخاطر تصعيد النظام السوري لعمليات القمع ضد المتظاهرين وحشد قوات سورية قرب الحدود التركية، وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مساء الخميس بعد اجتماعها مع المسؤولين الأتراك: «نحن قلقون جدا من التقارير التي تشير إلى حشد قوات سورية عند قرية جربة الجوز عند الحدود التركية التي شهدت تدفقا للاجئين وهناك تقارير تشير إلى فرار 10500 سوري إلى المخيمات التركية». وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية أن واشنطن تراقب الوضع عن كثب في سوريا وفي البلدان المجاورة، وأنها ناقشت التطورات مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وقالت كلينتون: «إذا لم تقم القوات السورية فورا بوقف الهجمات ضد مواطنيها فإن هذا لن يؤثر فقط عليها بل سيعرض الحدود لمخاطر اشتباكات محتملة وتصعيد للصراع في المنطقة وهذا تطور مقلق للغاية، وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها سوريا باستفزاز الأتراك ودفعهم للقيام بإجراءات لحماية مصالحهم الخاصة».

إلى ذلك، نقلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من سوريا، عن «مصادر إيرانية قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران» اعتبارها أن «اضطرابات سوريا هدفها المقاومة الإسلامية في لبنان»، معتبرة أن «كتف المقاومة (إيران) ثابتة كالصخر، وقبضتها (حزب الله) فولاذية، لذلك يتركز الاستهداف على سوريا، الكوع الطري للمقاومة» وشددت على «أننا لن نسمح بكسر كوع سيد المقاومة، وبالنسبة إلينا، الدفاع عن أسوار دمشق هو دفاع عن أسوار بيروت».