مسيرات تأييد المظاهرات السورية تمر على خير في لبنان.. والجيش يبسط سلطته في طرابلس

تبادل اتهامات بين العلويين و«المستقبل» على خلفية الدعوة لجعل المدينة «منزوعة السلاح»

لبنانيون وسوريون يعيشون في لبنان يتظاهرون في طرابلس بعد صلاة الجمعة أمس ضد النظام السوري (رويترز)
TT

نجحت الاتصالات السياسية بين القوى السياسية في مدينة طرابلس في تحويل المظاهرتين الشعبيتين، اللتين كان من المقرر انطلاقهما أمس، واحدة مؤيدة لمظاهرات الشعب السوري، وثانية داعمة للرئيس السوري بشار الأسد، إلى تجمعات سلمية حفاظا على أمن وسلامة المتظاهرين، وذلك على خلفية الاشتباكات المسلحة التي شهدتها المدينة يوم الجمعة الفائت بعد خروج مظاهرة مؤيدة للمظاهرات السورية ووقوع اشتباكات أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. وأدى التفاهم السياسي إلى الاستعاضة عن المظاهرات بتجمعات، تفاديا لوقوع أي صدام، ولضمان عدم تداخل المتظاهرين مع بعضهم. وشهدت المدينة حركة طبيعية في وقت نفذت فيه وحدات الجيش اللبناني والقوى الأمنية انتشارا أمنيا لافتا.

كان اجتماع قد عُقد مساء أول من أمس في منزل النائب عن تيار المستقبل، محمد عبد اللطيف كبارة، في طرابلس، حضره النائبان خالد الضاهر ومعين المرعبي، وعدد من العلماء والمشايخ، أكد بعده المجتمعون «حق المواطنين في المشاركة بالاعتصامات داخل المساجد وبمحيطها، دعما للشعب السوري المظلوم وعدم الخروج بمظاهرات في هذه الظروف الدقيقة درءا للفتنة». واستنكروا «المشاريع المشبوهة التي تستهدف طرابلس والشمال»، مطالبين بـ«الإسراع في إعلان نتائج التحقيق في الأحداث الأخيرة والكشف عن الجناة ومعاقبتهم». ونبه المجتمعون إلى «خطورة ما يحضَّر لاستهداف طرابلس عبر الإيقاع بين أبنائها والجيش اللبناني» الذي طالبوه «بالقيام بواجبه في الحفاظ على الأمن بعدالة وتوازن».

في هذا السياق، أكد النائب الضاهر لـ«الشرق الأوسط» التمسك بـ«السلم الأهلي وأمن الناس لعدم تكرار ما تعرضوا له من اعتداء الأسبوع الفائت»، مستغربا «أسلوب التعاطي الجديد الذي يتمثل بالرد، بقسوة، على كل ما يتعلق بمناهضة النظام السوري في لبنان، سواء في الشمال أو في بيروت أو في البقاع». ورأى أن «هذه الممارسات لم تعد مقبولة من قبل فريق (8 آذار) الذي يريد، بقوة السلاح، أن يمنع الناس من التعبير عن آرائهم»، واضعا ذلك «برسم الدولة ومؤسساتها والأجهزة الأمنية والجيش»، الذي دعا إلى أن «يضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الاعتداء على الناس». وتعليقا على الدعوة لجعل طرابلس مدينة منزوعة السلاح، اعتبر الضاهر أن «الكلام عن بندقية فوق (جبل محسن العلوي) وبندقية تحت (باب التبانة) كلام غير صحيح إطلاقا؛ إذ إنه بات من المعلوم مَن الذي يبادر إلى إطلاق الرصاص والقذائف، والجيش يدرك جيدا أين تقع مستودعات ومخازن الأسلحة ومن يأتي بها». وأكد أن «شعار نزع السلاح من طرابلس يعني نزع السلاح الثقيل الذي يطلق على أهالي مدينة طرابلس الآمنين».

أما نائب الأمين العام للحزب «العربي الديمقراطي»، رفعت علي عيد، فاعتبر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «مجرد الدعوة إلى جعل طرابلس مدينة منزوعة السلاح يعني أن السلاح موجود في يد كل الطرابلسيين، وهو اعتراف ضمني من قوى (14 آذار) بوجود سلاح معها»، مشددا على أن «قرار نزع السلاح لا يتخذ من جهة واحدة؛ لأنه موضوع وطني».

واستغرب سبب «عدم مبادرة رئيس الحكومة السابقة، سعد الحريري، إلى إطلاق هذه الدعوة في فترات سابقة»، متسائلا: «ما مصلحة العلويين في إطلاق النار؟ وإذا كانوا يأخذون علينا أننا مع النظام السوري فنحن سنبقى معه ما دام نظاما مقاوما». وقال: «هل لسوريا مصلحة بخلق حرب مذهبية في طرابلس اليوم؟ وهل نحن، كأقلية علوية، لدينا المصلحة في ذلك؟»، ورأى أن «أمس مر على خير»، معتبرا أن «دخول الجيش بحزم وقوة إلى المدينة في ظل وجود قرار سياسي اتخذته الحكومة الجديدة قد أعطى نتيجة سريعة، في حين أنه خلال ولاية الحكومة السابقة لم نشهد مثل هذا الحسم بسبب الانقسام الذي كان حاصلا داخلها». وأشار إلى أنه «تبين أن الجيش والأجهزة الأمنية قادرة على التدخل وفرض الأمن بعد وجود حكومة متجانسة تتخذ قرارا موحدا وتعالج الأمور بسرعة وبشكل بناء».

وفي حين لا يزال المواطن خضر المصري، الذي أصيب في أحداث يوم الجمعة الماضي، في وضع صحي حرج، تجمع عدد من أصدقائه وأهله أمام المستشفى الذي يرقد فيه لتلقي العلاج. وأكدت عائلته أنها «غير مسؤولة عن أي رد فعل يحصل إذا أصابه أي مكروه».

كان عشرات المصلين قد انطلقوا من مسجد حمزة في القبة في مظاهرة سلمية، حاملين لافتات منددة بـ«أعمال العنف في سوريا»، ومطلقين هتافات مؤيدة للشعب السوري. واتجهت المظاهرة نحو ساحة ابن سيناء؛ حيث أقيمت صلاة الغائب على أرواح من سقطوا في الحوادث، وأحاطت القوى الأمنية بالمتظاهرين، وأقيمت الصلاة في مساجد طرابلس بشكل طبيعي، من دون تسجيل أي مواجهات أو احتكاكات.

من جهة أخرى، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، على 7 أشخاص موقوفين على خلفية أحداث طرابلس الأخيرة، بجرم إقدامهم على «تأليف جماعات مسلحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها والتعرض لمؤسساتها المدنية والعسكرية، وتبادل إطلاق النار من أسلحة حربية غير مرخصة، وقتل جندي وأشخاص آخرين مدنيين، ومحاولة قتل عسكريين ومدنيين، والتخريب وإلحاق الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة، بالاستناد إلى مواد قانونية تنص عقوبتها القصوى على الإعدام». وأحال صقر الموقوفين مع الملف إلى قاضي التحقيق العسكري الأول.

في موازاة ذلك، نظمت الجالية السورية في لبنان، مساء أمس، مظاهرة أمام السفارة السورية في الحمراء في بيروت دعما للرئيس بشار الأسد والنظام السوري.