الحرب الإلكترونية تشتد بين أنصار الأسد ومعارضيه

مقاطع الفيديو العنيفة تزيد المواجهة اشتعالا

TT

«أواجه نظام بشار عبر حاسوبي المحمول، سلاحي المواقع الاجتماعية، وذخيرتي مقاطع الفيديو الإجرامية لجنود بشار» هكذا تحدث أخيل صالح (26 عاما)، أحد الناشطين السوريين، الذي اشترط أن يتكلم عبر اسم مستعار، فأخيل يقوم بمعارضة النظام السوري بعدة أشكال من مسكنه في حي الميدان في قلب دمشق. ويقول أخيل لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي تجري على الساحة، سواء بالتصوير أو التدوين أو التواصل الاجتماعي مع من تعرضوا إلى المس بكرامتهم»، وأضاف: «لكنني الآن أشارك بالمظاهرات التي تجري في دمشق».

لكن أهم ما يشغل بال أخيل هو عملية التواصل الاجتماعي بين من تعرضوا إلى المس بكرامتهم والمثقفين، مضيفا أن تبادل الآراء الذي يحصل بين المهتمين هو النتيجة الأهم والحدث الأهم للمعارضة في سوريا. أخيل كشف لـ«الشرق الأوسط» عن خلايا إلكترونية تعمل في دمشق وغيرها من المدن الأخرى لفضح النظام وجرائمه وهو ما أكده العديد من المشاركين فيها الذين رفضوا الإدلاء بأسمائهم أو أماكنهم حتى لا ينكشف أمرهم.

المثير أنه كلما استعرت المواجهات بين النظام السوري والمحتجين في شوارع سوريا، اشتد الصراع على الإنترنت بشكل أكبر وأقسى. ويدور الصراع الآن على صفحات المواقع الاجتماعية حول الجنود المنشقين عن الجيش السوري، فبينما يهلل المعارضون لانشقاقهم، يرى آخرون ممن يساندون الرئيس بشار أن المنشقين من الرتب الصغيرة عديمة التأثير.

«ما يستفزني أن الإعلام الغربي يغطي ردة الفعل الحكومية ويتحاشى النظر لأفعال المحتجين».. تقول علياء محفوظ (25 عاما)، القاطنة بمدينة اللاذقية عن تناول الإعلام لما يحدث في بلادها. ثم تضيف: «أحاول قدر جهدي أن أنقل للعالم الخارجي عبر الإنترنت ما يحدث في سوريا بشكل موضوعي». ولكن علياء التي لا تنتمي تنظيميا لحزب البعث، وتناصر الرئيس بشار الأسد بكل قوة وعزيمة تنكر أن الإعلام السوري يفتقد في كثير من الأحيان للمهنية؛ حيث تقول: «الإعلام السوري لم يزيف الحقائق، وتغطيته مهنية بنسبة تتعدى الـ80 في المائة».

ومنذ بداية الاحتجاجات منعت السلطات السورية الإعلاميين والصحافيين الأجانب من دخول سوريا، مما دفع الصحف العالمية ووكالات الأنباء لاستقاء أخبارها وتقاريرها الصحافية من المواد التي يبثها المعارضون على شبكة الإنترنت، وهو ما شجع العديد من المواطنين السوريين للنزول للشارع والاحتجاج على النظام السوري.

علياء، التي تناصر النظام السوري من منطلق إيمانها بوجود مؤامرة محاكة بعناية ضد بلدها يديرها الإعلام الغربي، على حد قولها لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «لماذا لا ينقل الإعلام مذابح المحتجين بحق الجيش». بدوره، أوضح بسام (29 عاما)، المناصر أيضا للنظام، رافضا ذكر لقبه لـ«الشرق الأوسط»: «الإعلام الغربي يزيف الحقيقة، ولا ينقل إلا ما يريد أن يسمعه الغرب». وهي القصص التي رد عليها منصور (24 عاما)، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء هم عملاء الجيش، وقد نالوا جزاء جريمتهم بحق الشعب السوري».

اللافت أن علياء عملت على تغذية صفحتها على «فيس بوك» بمعلومات لا ينقلها الإعلام وتصب في صالح النظام السوري، فملعب المدينة الرياضية في اللاذقية، حيث تسكن علياء، يستقبل وافدين من مدينة جسر الشغور التي فر ما يقرب من عشرة آلاف من أهلها باتجاه مدينة هاتاي التركية. لكن علياء ترى أن «الإعلام لا يغطي إلا من يفر للخارج ليخلقوا قضية جديدة تسمى بمستقبل النازحين السوريين، ليتم المتاجرة بها وشحن الناس ضد النظام السوري».

وتعتقد علياء أن ما يحدث في بلادها مؤامرة تمت حياكتها ببراعة لمصلحة الغرب الذي يريد لآخر قلاع الممانعة أن تسقط، وهو ما اتفقت معه ريم سليمان (22 عاما)، والتي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «نتعرض لمؤامرة ضد سوريا من حفنة من المأجورين»، ثم أضافت: «نحن نحب الدكتور بشار، ولا ننافقه».

وتقضي علياء وريم والعديد من زملائهما وقتا كثيرا على شبكة الإنترنت، حيث يقومون بمناصرة الرئيس بشار والدفاع عنه في وجه الهجمات الشرسة التي يتعرض لها من المناوئين له.

وبينما لا يحمل الجانب المساند لبشار أي قدر من الموضوعية بنظر المحايدين على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة مع انتشار مقاطع الفيديو التي تدين النظام بشدة، يحمل أخيل وزملاؤه قدرا كبيرا من الصدق مع النفس، حيث يرى الجانب الذي يقود الصراع مع النظام السوري على الإنترنت أنه لا يستطيع أن ينفي عدم حمل السلاح من قبل بعض المتظاهرين، ويقول أخيل: «أعتقد أن ذلك قد حصل ولكن بكميات قليلة، وما كانت لهذه الكمية أن تطفو على السطح لولا عدم سماح النظام بأن يأخذ التظاهر الشكل المدني».