الغرب يتعثر في إقناع روسيا والصين بالكشف عن انتهاكات إيرانية عبر توريد أسلحة لدمشق

أمانو يدرس دعوة لزيارة طهران لكنه يريد «نتائج ملموسة».. وموسكو تعلن قرب تشغيل محطة بوشهر

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى استقباله نظيره الباكستاني آصف زرداري في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

لم تفلح الدعوات الأميركية والبريطانية والفرنسية في تغيير موقف روسيا والصين من العقوبات على الجمهورية الإسلامية، وحثهما على نشر تقرير للأمم المتحدة يتضمن تفاصيل عن انتهاكات طهران للعقوبات المفروضة عليها، وشددت كل من موسكو وبكين على الحاجة إلى «معلومات موثوق بها». وبينما أعلن مسؤولون روس عن أنهم على وشك تشغيل محطة بوشهر النووية في إيران بكامل طاقتها، يدرس المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو قبول دعوة وجهها إليه رئيس البرنامج النووي الإيراني فريدون عباسي لزيارة طهران، لكنه شدد على أنه يريد نتائج ملموسة وتوضيحات.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن موسكو تمنع بدعم من بكين نشر تقرير قدم إلى لجنة العقوبات المفروضة على إيران بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأعد التقرير لجنة خبراء مستقلة وجاء فيه أن طهران انتهكت حظرا على الأسلحة تفرضه الأمم المتحدة بإرسالها أسلحة إلى سوريا.

ويقول مبعوثون إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تضغط على اللجنة التي تتخذ قراراتها بتوافق الآراء لنشر التقرير ولكن روسيا لا تسمح بذلك. وأصبح الخلاف علنيا أول من أمس أثناء اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن نظام عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على إيران.

وقالت سوزان رايس السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة «يجب نشر التقرير النهائي للجنة بسرعة على بقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهو إجراء متبع بالنسبة إلى لجان الخبراء بالأمم المتحدة»، ومضت تقول إن «هذا التقرير الذي لم ينشره المجلس بعد على الملأ يسلط الضوء على معلومات وعلى أفضل الممارسات التي يمكن أن تساعد الدول على الوفاء بالتزاماتها»، فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران. وأضافت «هناك حاجة إلى تداول» التقرير، حسبما أوردته وكالة «رويترز» أمس.

وحسب التقرير فإن معظم انتهاكات إيران لحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة كانت في صورة شحنات أسلحة لسوريا، ويقول دبلوماسيون غربيون إنها ترسل بعد ذلك إلى مقاتلين لبنانيين وفلسطينيين.

وأعدت التقرير لجنة خبراء في مجلس الأمن وهي مجموعة تعد تقارير عن امتثال إيران لأربع مجموعات من العقوبات فرضتها الأمم المتحدة على طهران بسبب رفضها وقف برنامج التخصيب النووي. ويضيف التقرير أن طهران تستخف كذلك بالعقوبات باستمرارها في تطوير برنامجها النووي.

من جانبه، حث السفير البريطاني مارك ليال جرانت على نشر التقرير، وقال «بعض الأعضاء في هذا المجلس برفضهم نشر هذا التقرير إنما يحرمون العضوية الأوسع بالأمم المتحدة من الاطلاع على هذا التقييم القيم الذي من شأنه أن يساعد على التطبيق الكامل للعقوبات»، ومضى يقول «يجب على اللجنة أن توافق على نشر التقرير كمسألة ملحة».

كذلك طالب مارتان بريان نائب السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة بنشر التقرير بسرعة قائلا «الشفافية مهمة هنا». غير أن روسيا لم تعط أي مؤشر على أنها ستسمح بنشر الوثيقة، وقال ألكسندر بانكين نائب السفير الروسي «المعلومات التي لم يتم التحقق من صحتها أو يجري تسييسها لا تساعد على تشجيع أي مبادرات في مجلس الأمن أو اللجنة».

وعبرت الصين التي منعت نشر تقارير مماثلة بشأن انتهاكات العقوبات المفروضة على السودان أو كوريا الشمالية عن موقف مماثل لموقف بانكين.

وقال يانغ تاو المندوب الصيني إن الصين تريد من اللجنة أن «تعمل استنادا إلى مبادئ الحياد والموضوعية والاستقلال وعلى أساس المعلومات الموثوق بها»، ولكنه أضاف أن بكين «تأمل بأن تتخذ إيران خطوات إيجابية لتحسين ثقة المجتمع الدولي في الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني».

وترفض إيران اتهامات القوى الغربية وحلفائهم بأنها تباشر برنامجا لإنتاج أسلحة نووية، وكذلك ترفض وقف برنامج تخصيب اليورانيوم. ويشكو مفتشو الأمم المتحدة في فيينا من أن طهران لا تتعاون بشكل كامل مع تحقيق يجرونه في الأنشطة النووية الإيرانية.

وقال المندوب الصيني إنه يأمل بأن يتمكن الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن وألمانيا من إحياء المفاوضات مع إيران لإنهاء الجمود بشأن برنامجها النووي.

لكن ليال جرانت لم يكن متفائلا بشأن فرص المفاوضات الجديدة مع إيران. وقال إن «إيران مستمرة في برنامجها لانتشار الأسلحة النووية والسعي إليها.. لم تقدم إيران لنا سببا جيدا يدعونا إلى الاعتقاد بأنها مستعدة للتواصل من خلال مفاوضات ذات معنى بشأن برنامجها النووي».

وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الروسية، أمس، إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شركة رئيسية لتشغيل الموانئ وشركة الطيران الوطنية في إيران، قد تؤثر على الشركات الروسية، و«تثير تساؤلات خطيرة»، وأضافت الوزارة قولها في بيان إن «مثل هذه الأعمال التي تستند إلى استخدام قانون الولايات المتحدة خارج نطاق أراضيها قد تخلق وضعا تتأثر فيه هيئات الأعمال الروسية التي تتعاون مع هذه الشركات».

وفي غضون ذلك، تسعى طهران إلى تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر توجيه دعوة إلى رئيسها لزيارة إيران. وأعلن المدير العام يوكيا أمانو أمس أنه تلقى دعوة من السفير الإيراني لدى الوكالة فريدون عباسي لزيارة طهران، وقال للصحافيين، على هامش مؤتمر وزاري يرمي إلى استخلاص العبر من حادث محطة فوكوشيما النووية اليابانية عقد هذا الأسبوع في فيينا، إنه «اعتزم التوجه إلى طهران في وقت مناسب، لكن يتعين الحصول على نتائج ملموسة وبناءة».

وإيران تخضع لست إدانات من الأمم المتحدة ولعقوبات دولية قاسية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل الذي يخشى الغربيون من أنه ذو هدف عسكري، وهو ما تنفيه طهران.

وأوضح أمانو الذي التقى عباسي للمرة الأولى منذ توليه رئاسة برنامج إيران النووي في فبراير (شباط): «لقد بحثنا مواضيع مختلفة، وتطرقت إلى مسألة الأنشطة النووية وإطارها العسكري الممكن، وطلبت توضيح هذه الأنشطة». وقال أمانو أيضا «اتفقنا على مواصلة الحوار»، فيما تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ سنوات عدة حول البرنامج النووي الإيراني وتأخذ على طهران عدم تعاونها.

وكان اللقاء بين أمانو وعباسي قد جرى في 21 يونيو (حزيران) الجاري، وقال في حينها المسؤول الإيراني إن الاجتماع «جيد جدا وشفاف». وفي سياق متصل، قال مدير شركة «روس آتوم» الروسية الحكومية للطاقة النووية، سيرجي كيريينكو، أمس، إن المهندسين الروس أوشكوا على تشغيل محطة بوشهر النووية في إيران بكامل طاقتها.