تونسيون ينظمون «اعتصام المصير»

يتظاهرون منذ نحو أسبوع ويريدون القضاء على فلول النظام السابق

TT

يعتصم نحو خمسين متظاهرا من الغيورين على ثورة يخافون أن تصادر منهم، منذ نحو أسبوع في ساحة حقوق الإنسان في العاصمة التونسية، لتأكيد حرصهم على «حماية الثورة واستمرارها» في مظاهرة أطلقوا عليها اسم «اعتصام المصير».

ويريد منظمو هذا الاعتصام أن يكون مثل سابقيه في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، في ساحة الحكومة بالقصبة أمام مكتب رئيس الوزراء، وهما الاعتصامان اللذان شكلا منعطفا في المرحلة الانتقالية ما بعد سقوط نظام بن علي في 14 يناير الماضي. فقد أدى الاعتصام الأول إلى إقالة عدة وزراء من الحزب الحاكم في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي بينما تسبب الثاني في استقالة محمد الغنوشي رئيس وزراء بن علي الذي ظل يرأس الحكومة بعد فرار الرئيس. كما أدى ذلك التحرك إلى قرار انتخاب مجلس وطني تأسيسي في يوليو (تموز) قبل إرجاء الموعد إلى 23 أكتوبر (تشرين الأول) وذلك بهدف وضع دستور جديد للجمهورية الثانية في تونس ليحل محل دستور 1959.

ويرى منظمو الاعتصام الجديد أن مصير الثورة التونسية لم يحسم بعد. وعلى صفحات «فيس بوك» كثرت المطالب من الدعوة إلى الاستقلال التام والنهائي للسلطة القضائية وملاحقة الذين أطلقوا النار على الحشود خلال قمع الاحتجاجات واستقالة وزيري العدل والداخلية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع عن سنيا الشرميتي، 40 سنة، التي تشارك في الاعتصام منذ بدايته في 15 يونيو (حزيران) الحالي قولها: «ليس لدينا إمكانات عقد مؤتمرات صحافية في الفنادق كما تفعل الأحزاب، وبالتالي فإننا نرابط هنا في الساحة العامة». وأضافت أن المحتجين يريدون أيضا «إسقاط النظام» و«إنشاء منبر لكافة المواطنين».

لكنه منبر يصعب فيه على الخطباء إيصال أصواتهم وسط صفارات رجال شرطة المرور ومنبهات السيارات وصخب الأشغال الجارية في الفندق المجاور. وأوضحت سنيا أنه تم اختيار هذا المكان لأنه لم يتوفر أفضل منه وقالت «كنا نريد الاعتصام في ساحة القصبة، لكنهم طردونا منها بعنف» بينما أكد معتصمون آخرون أنهم «لا يريدون إزعاج أحد» لا سيما تجار المدينة العتيقة قرب ساحة الحكومة الذين اضطروا إلى إغلاق متاجرهم خلال الاعتصامين السابقين.

وقد تدنى عدد المعتصمين هذه المرة لا سيما بعد أن تراجعت الإضرابات والحركات الاجتماعية التي شلت تونس خلال الأشهر الأولى لفترة ما بعد بن علي تدريجيا. وكانت ساحة حقوق الإنسان المجاورة لشارع محمد الخامس الذي يعتبر من أكبر شوارع محاور طرق العاصمة المزدان بأشجار النخيل على طرفيه، والتي تحيط بها مقرات مصارف عملاقة، ملجأ العشاق الباحثين عن انزواء، وأصبحت الآن معقل الغيورين على الثورة. وألصقت على أشجار الساحة أوراق كتب عليها «قانون حسن سير اعتصام المصير» الذي يحظر «كل خطاب منحاز يطال انسجام الإخوان والأخوات المتظاهرين».

ويعتبر المعتصمون أن ارتفاع عدد الأحزاب الهائل الذي بلغ نحو مائة، تجزئة للمجتمع تزيد في تفاقم الفوضى في الساحة السياسية. وأوضح محمد أمين «وكأنه مبنى قديم ينهار ويسعون إلى إعادة بنائه على أنقاضه، لكن لا بد من التنظيف أولا» مشيرا بيديه إلى عملية كنس. ويأتي مندوبون عن تشكيلات سياسية صغيرة تأسست مؤخرا للتعبير يوميا عن دعمهم لكن في الوقت الراهن لم يعرب أي حزب كبير عن دعمه. وأعلنت مجموعة على «فيس بوك» أول من أمس بداية «اعتصام مصير» آخر في صفاقس، ثاني كبرى المدن التونسية.