مصر: مليونية جديدة في 8 يوليو لإنقاذ أهداف الثورة في غياب الإسلاميين

جماعة الإخوان تهدد أعضاءها: إما حزب «الحرية والعدالة» وإما الفصل

عشرات من المصريين المؤيدين للرئيس السابق بميدان مصطفى محمود عقب صلاة الجمعة أمس، تعبيرا عن رفضهم لمحاكمة مبارك، والمطالبة بتكريمه (رويترز)
TT

دعا ناشطون مصريون إلى مظاهرة مليونية جديدة في ميدان التحرير بالقاهرة والمحافظات المصرية الأخرى، الجمعة 8 يوليو (تموز) المقبل، من أجل إنقاذ ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، مطالبين الفرقاء السياسيين بتجاوز الجدل حول الدستور أولا وجدول الانتخابات الزمني، والعودة مرة أخرى إلى مطالب الثورة الأصلية، التي لم تتحقق بعد.

وبينما رفضت معظم القوى الإسلامية ومنهم جماعة الإخوان المسلمين المشاركة في هذه الدعوة المليونية، قائلة إنها تركز في الوقت الراهن على الانتخابات المقبلة، هددت الجماعة أعضاءها الراغبين في الانضمام إلى أحزاب سياسية أخرى غير حزب «الحرية والعدالة»، الجناح السياسي لـ«الإخوان»، بالفصل، أو بتقديم استقالتهم طواعية.

وكتب ناشطون سياسيون على صفحة «ثورة الغضب المصرية الثانية» على موقع «فيس بوك»: «إلى كل القوى السياسية المتناحرة على الدستور أولا أو الانتخابات أولا.. أنجحوا ثورتكم أولا! أنقذوا مصر أولا.. ثورتنا تنهار».

وأضاف الناشطون على الصفحة، التي تضم أكثر من 55 ألف عضو، أن المطالب الأصلية المتمثلة في حماية حقوق الإنسان والحريات لم تتحقق بعد واستبدل بها جدل حول الجدول الزمني للانتخابات.

ووفق ما جاء في البيان رقم (11) الذي أصدرته الصفحة، فإن «دعوتها للدستور أولا لم تكن من منطلق عدم احترام رأي الأغلبية، لكن دفاعا عنه.. حيث إن الإعلان الدستوري قام بالتغيير في النصوص التي تم الاستفتاء عليها». وأكدت الصفحة على «أنه على الرغم من اقتناعها بأولوية الدستور قبل الانتخابات فإنها قررت تنحية الخلافات مع كل قوى الثورة جانبا من أجل التوحد على مطالب الإجماع الوطني حتى لا تضيع الثورة».

ودعا البيان القوى الثورية إلى استلهام ما حدث في يوم «موقعة الجمل»، حيث كان الجميع متوحدا خلف هدف واحد، وحذرت من خطورة تقسيم قوى الثورة إلى إسلاميين وليبراليين وعلمانيين ومن قالوا «نعم» ومن قالوا «لا»، ومن يريدون الدستور أولا ومن يريدون الانتخابات أولا، ودعت إلى عدم الانسياق وراء تلك التقسيمات لأنها من شأنها أن تهدد الثورة.

وأعلنت حركة «شباب 6 أبريل» مشاركتها في مظاهرات «8 يوليو» للمطالبة بسرعة محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وجميع رموز الفساد، ودعت الحركة جميع المصريين للمشاركة في المظاهرات، للضغط من أجل مراجعة القوانين الصادرة من المجلس العسكري سابقا دون حوارات مجتمعية حولها، والمطالبة بحرية الإعلام والصحافة ومحاكمة ضباط الشرطة الفاسدين وتطهير وزارة الداخلية ومحاكمة قتلة الثوار، وطالبت «6 أبريل» بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وحل المجالس المحلية.

لكن «الهيئة العليا لشباب الثورة»، وهي تجمع يضم 36 كتلة سياسية شبابية، أكدت أن دعوتها للمليونية في 8 يوليو القادم ستكون تحت شعار «الدستور أولا»، وسمتها بـ«جمعة تحديد المصير». وقالت الهيئة، في بيان لها أمس، إنها «ترى أن تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد أمر يجب أن يسبق أي انتخابات سواء كانت تشريعية أو رئاسية، وأن شعار (الدستور أولا) كان ولا يزال أحد الأهداف الرئيسية لثورة 25 يناير، والعدول عن هذا الهدف خروج عن التحالف الوطني الثوري». ودعت الهيئة جميع أبناء مصر الثوار للخروج واعتصام لا ينتهي إلا بتحقيق أهدافه، مشيرة إلى استمرارها في جمع 15 مليون توقيع لحملة «الدستور أولا»، حيث شملت التوقيعات محافظات مصر كافة. وحددت الهيئة 11 مطلبا، منها وضع دستور للبلاد قبل الانتخابات، ومحاكمة رموز النظام البائد، وحل المجالس المحلية، وإلغاء المحاكمات العسكرية ضد المدنيين، بالإضافة إلى إلغاء القوانين التي صدرت مؤخرا وتعد مقيدة للحريات كقانون منع التظاهر والاعتصام. وقال حمادة الكاشف، عضو اتحاد شباب الثورة، إن «الدستور يجب أن يشكل بواسطة لجنة تمثل جميع طوائف وفئات الشعب وتياراته السياسية والفكرية، وهناك مخاطر من أن انعقاد الانتخابات البرلمانية أولا سيأتي بلجنة تمثل تيارا واحدا هو التيار الأغلب في هذا البرلمان، وهذا ما نرفضه».

وأدت المخاوف من فوز جماعة الإخوان المسلمين بالانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها في سبتمبر (أيلول) المقبل. إلى تكثيف المطالب بإرجائها لإعطاء الأحزاب الجديدة الوقت لتنظم نفسها. ويزداد عدد الشخصيات والمجموعات المطالبة بصياغة دستور جديد قبل الانتخابات من أجل ضمان أسس دولة ديمقراطية قبل الانتخابات، وبالتالي تجنب صياغة الدستور في ظل مجلس شعب جديد قد يسيطر عليه الإسلاميون.

ومثلما حدث في «جمعة الغضب الثانية» في 27 مايو (أيار) الماضي، رفضت معظم القوى الإسلامية ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين المشاركة في هذه المظاهرات باعتبارها انقلابا على شرعية الاستفتاء على الإعلان الدستوري. وأكد الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزب «الإخوان» ينصب تركيزه في الفترة الحالية على بناء مؤسسات الدولة الشرعية من خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال «من أراد أن يتظاهر من القوى السياسية فليتظاهر، فهو حر.. لكننا نعمل حاليا على بناء تحالفات وطنية ومشاريع قوانين سياسية لصالح بناء الدولة».

من جهة أخرى، وجهت جماعة الإخوان المسلمين تحذيرا شديد اللهجة لأعضائها المخالفين لقرار مجلس الشورى العام بعدم الانضمام إلى أحزاب أخرى سوى حزب «الحرية والعدالة» التابع للجماعة، مهددة إياهم بالفصل في حال إصرارهم على المخالفة. وقال الدكتور محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين: «كل من سينتمي إلى حزب آخر عليه أن يختار بين الحزب وبين (الإخوان)، فلو أصر على الحزب فإما أن يتقدم باستقالته طواعية أو سيتم فصله».

وأكد حسين لـ«الشرق الأوسط»، أن المكاتب الإدارية للجماعة ستحقق مع أي عضو من أعضائها غير الملتزمين بقرار مكتب الإرشاد، نافيا صحة تقارير إعلامية تحدثت عن تجميد عضوية 4 آلاف عضو، وتابع: «الشباب الذين خالفوا قرار الجماعة لا يتعدون أصابع اليدين معا».